متأكد من هذا. لماذا؟ لأنهما خارج السلطة. لا أكثر ولا أقل

Admin عدد المساهمات : 5700 تاريخ التسجيل : 05/03/2013

16/4/2013

خالد البرى

‎لا أتذكر عدد المرات التى تمنيت فيها أن أغمض عينى وأفتحها فأجد نفسى فى محطة المترو القريبة.

الطريق من بيتى إلى محطة المترو لا يحتمل. لكن بقدر ما تمنيت هذا بقدر ما خاب رجائى.

لم يحدث مرة واحدة أن مددت ساقى الطويلة فبلغت المحطة، مهما كنت متعجلا، ومهما كان المشوار مُلِحًّا.

اضطررت إلى السير فى طريق يبدأ من نقطة وجودى الحالية، وينتهى عند المحطة.

قد أستقل وسيلة مواصلات أسرع. لكن المسافة دائما «نقاط متصلة ببعضها».

‎أريد أن أغمض عينى وأفتحها فأجد مصر ديمقراطية وحرة وعادلة. لكننى أعلم أن أى طريق إلى هذا طويل.

وأننا سنسيره كله. بعضنا يريد أن يسيره بخطى وئيدة، تشبه التى تسير بها «المرتاحة على وضعها»،

وبعضنا يتعجل ويدفع فى طريق الإسراع. دعك من الذين لا يتحركون من أماكنهم. لا شأن لنا بهم.

‎اخترت دفع الحركة. ورفضت حجة القائلين إن علينا أن نترك مبارك فى مكانه. لأن هذا لو حدث

لأخر الخطوات التى خطاها الشباب للأمام بداية من ٢٥ يناير إلى ١١ فبراير.

ذلك انتزع حق التعبير السياسى كما لم يحدث فى مصر من قبل.

‎هل هذا يعنى أننى، ومن وافقنى الرأى، كنا مصيبين تماما؟! لا. أبدا. ربما كنا مصيبين فى الرؤية.

لكننا لم ننتبه إلى خطر داهم. التيار الأكثر تنظيما فى سيارة «٢٥ يناير» كان تيارا طائفيا مخادعا إقصائيا،

وعدوا للديمقراطية التى نادت «الثورة» بها. قال لنا إنه يريد أن يصل إلى نفس الهدف.

إلى نفس الموضع. بينما كان يدبر مع أصحابه اختطاف السيارة فى منتصف الطريق

ثم الانحراف بها إلى مكان آخر تماما لم نتفق عليه.

‎هل هذا يبرِّئنى من المسؤولية؟! لا.. فالغباء والسذاجة لا تعفى من المساءلة.

وجب علىَّ أن أتأكد أن العدو الأخطر ليس بين ركاب السيارة. وأنْ ليس معهم سلاح.

وجب علىّ أن أحصل منهم على ضمانات كاملة قبل أن أجلس معهم فى نفس السيارة. وهذا، بدوره،

نشأ عن استخدام الدفقة العاطفية فى كلمة «الثورة» و«رفاق الميدان». نشأ عن الاستسلام لهذه العواطف.

‎كلمة الثورة إذن، كغيرها، قد تستخدم للخداع، أو لتشويش الفكر. نصف من يحتالون عليك فى الشارع

يستخدمون شعارات محببة إلى النفس. والسبب أن كلمة الثورة، كغيرها من المفردات، مجرد كلمة

، تعنى عدة معان. فمثلا «الخير» عند ناس أن تعطى أموالا. بينما «الخير»

عند آخرين أن تعلِّمى الشخص كيف يصطاد.

الثورة عند أناس معناها «الإصرار» على الوصول إلى محطة المترو، والدأب، وعدم الاستسلام،

لا اليأس، والتفكير المستمر فى بدائل، لتحقيق الهدف. والثورة عند آخرين هى الإصرار على طريق معين،

ووسيلة مواصلات معينة، للوصول إلى محطة المترو. الفريق الأول إصراره على الهدف.

والفريق الثانى إصراره ينصب على البقاء دائما فى نفس الطريق. أخبرينى أيهما أكثر ابتكارا،

وأيهما أكثر تقليدا؟! أخبرينى أنتِ، ودعك من ادعاءات الفريقين عن نفسيهما.

‎أعتقد أيضا أن علينا، كلما كسبنا أرضا، أن نجمع حولنا أكبر عدد من الناس من مصلحتهم مكسب هذه الأرض.

لتأمين المكان. وإلا، فإن «أعداء الثورة» الذين كانوا معنا فى السيارة، والذين اكتشفنا كذبهم،

سوف ينفذون علينا هجوما مضادا يعيدنا إلى نقطة أسوأ من التى كنا فيها حين بدأنا. وليس هذا مجرد سوء ظن.

إنما هذا ما يقولونه كل يوم، وما يفعلونه كل يوم، وما يتوعدون به كل يوم.

تحتاج الإنسانة إلى عمى بصيرة كامل تام لكى لا ترى ذلك.

‎الأرض التى كسبناها هى ما أشرت إليه أعلاه. حرية التعبير السياسى، وتداول السلطة.

هناك طرفان من مصلحتهما الآن التأكيد على هذا. التيار الثورى، وأنصار الدولة التقليدية.

متأكد من هذا. لماذا؟ لأنهما خارج السلطة. لا أكثر ولا أقل. ولو حاول التيار الثورى أو أنصار الدولة التقليدية

بعد وصول أيهما إلى الحكم -إن حدث- أن يستأثروا بالسلطة، سيكون هناك طرفان أيضا يقفان أمامهما.

وهكذا. يسمون هذا «تدوير الزوايا». بالبلدى «تنعيم النقاط الحادة». الوصول -بعد كل جولة- إلى نقطة جديدة،

ثم بدء جولة. كفطاطرية تحول الفطيرة المربعة إلى دائرية. أما إن أحسن أىٌّ منهما حال وصوله إلى السلطة،

والتزم بالأسس المتفق عليها، فمن الجيد أن يكون له حلفاء خارج أنصاره. هذا أفضل للبلد.

» كنت فاكرك مجنونة .. دلوقتى ماعرفش ليه بقيت متأكد .!ـ"
» أن يعرف المحرض أنه لن ينجو. وأن تعرف السلطة أنها لا تملك شيكا على بياض
» مساواة وعدل. لا أكثر ولا أقل