«شوفى، مش قلنا لك.. جاهلية يا أختى جاهلية».

Admin عدد المساهمات : 5700 تاريخ التسجيل : 05/03/2013

17/4/2013

خالد البرى

1- الإسلام جاء فى مكة فى القرن السابع الميلادى.

٢- الفترة السابقة سماها الإسلام الجاهلية.

٣- أحكام الإسلام كان غرضها تحسين الوضع السائد فى أثناء تلك الجاهلية.

النتيجة المنطقية من هذه الجمل الثلاث -بالنسبة إلى عاقلة- أن الحكمة تكمن فى التطور،

أو كما صاغها صديق على فيسبوك «حكمة السواك تنظيف الأسنان، أما الأداة فمتغيرة».

لكن بالنسبة إلى الإسلامجية، فالنتيجة التى يخرجون بها أن الإسلام، كما كان فى القرن السابع الميلادى،

فيشة كهربا، بمجرد وضعها فى البريزة ستنير المكان على طول. كده زى ما هى. بنفس شكلها ومادتها وخامتها.

دون مراعاة لتطور كل شىء فى العالم، حتى الأدوات.

المشكلة الخفية هنا أن «أفضلية» الإسلام -حسب رؤيتهم القديمة- لا يمكن أن تظهر إلا بوضعها إلى جانب «جاهلية» مكة.

ومن ثم فإن استدعاء جاهلية مكة، ونشرها، هو الخطوة رقم زيرو فى منهج عمل الإسلامجية.

الخطوة المغيَّبة عمدا من أدبياتهم، الحاضرة دوما فى أفعالهم. قبل أن تتهمينى بالمبالغة. اسألى نفسك ما الجاهلية

؟ إنها مجرد اشتقاق لغوى، المقصود منها «العالم من وجهة نظر الجاهل».

وحياتك يا شيخة: ماذا فعل الإسلامجية منذ أطلّت علينا وجوههم الميمونة غير هذا؟

غير الانحياز إلى وجهة نظر «الجهلة» بشأن العالم، وتمثلها، والإيمان بها، ونشرها.

حرب الإسلامجية «الضروس» ضد الحداثة ليست فى حقيقتها إلا محاولة واعية أو لا واعية لتحقيق هذا الغرض.

محاولة لتشكيك الإنسانة فى كل ما أنجزه البشر، فى تطور منظومة حقوق الإنسان، فى تطور مفهوم العلم ومنتجاته،

فى تطور شكل الدولة وطريقة حكمها، فى تطور إدارة الاختلافات بين الناس، فى تطور وضع المرأة، والأطفال،

والأقليات. ومثلها حربهم على الديمقراطية، وعلى الفن، وعلى وعلى وعلى. هذا أسلوب.

الأسلوب الثانى هو تضخيم مشكلات «الحداثة». أى تحويلها فى وعى الناس إلى «جهالة متخفية».

«المفكرون بالنيابة» مثل سيد قطب وأبو الأعلى المودودى وأمثالهما يفعلون هذا. صحافتهم تفعل هذا.

تلتقط إحصائية هنا أو هناك، عن انتشار الجريمة، ثم تشيعها. كأنهم يقولون: «شوفى، مش قلنا لك.. جاهلية يا أختى جاهلية».

بينما الحقيقة أن المجتمعات الإسلامية فيها أضعاف هذه الجرائم. والغائب الوحيد حرية الحصول على المعلومة ونشرها.

وهذا أيضا دأب الإسلامجية اللى عايشين برة. انظرى إلى صفحاتهم على الفيسبوك.

يو فيل لايك: طيب إيه اللى مقعدكم هناك. ما ترجعوا. ومن هذا أيضا نشر الشائعات عن دعاة الحداثة،

واتهامهم بنفس الأوصاف التى استخدمها الإسلام ضد رموز «الجاهلية».

أما الأسلوب الثالث، والأكثر خفاء فهو تدعيم، نعم تدعيم، سلوك الجاهلية فى المجتمع، تدعيمه من وراء ستار.

حين قلت قبل أشهر إن الإسلامجية وراء حوادث تحرش جماعى كثيرة اتهمتُ أيضا بالمبالغة.

ثم خرجت شهادات وراء شهادات وصار هذا معروفا. وتدعيمها بعدم الاهتمام بمكافحة الجرائم «الحقيقية»

التى تضرنى كمواطن وتضرك كمواطنة، بل تركيز الحوار دائما حول قضايا «السلوك الشخصى».

حين أرى فى صحافتنا ومساجدنا كل هذا الاهتمام بالقضايا «المنافية للآداب» داخل البيوت الخاصة،

على حساب القضايا الاجتماعية، والجرائم الجنائية، ينتقل ذهنى مباشرة إلى هؤلاء المواطنين،

الذين لا يدركون أن عمر بن الخطاب نفسه لم يجرؤ على اقتحام بيت، كان يعلم أن فيه أناسا يشربون خمرا. لماذا؟!

لأن من يعلمونهم الدين لا يريدون هذا. يريدون أن يقتحم الناس بيوت الناس، ويتدخلوا فى حياتهم،

وتنتقل الأخبار، ويشيع فى الحى والمدينة أن «الأخلاق السيئة» متفشية. وأن مُترَفيها فَسَقُوا فيها. ليس بالرشوة

وكسر قواعد المرور وتعطيل الناس والمرضى وعدم إتقان العمل، ولا التسول المقنَّع على كل المستويات.

لا. بل «فلانة بصّت من الشباك وقالت بِس»، وفلانة شربت منقوع براطيش، إلخ.

هذا ما ينبغى أن يشغل الناس. ثم يأتى الإسلامجية بالحل. الحل لإيه؟

الحل لمشكلات «جهالة» القرن السابع الميلادى. وليس الحل لمشكلات القرن الواحد والعشرين الحقيقية.

ليس لديهم ها هنا أى بديل. ليس لديهم أى رؤية. هؤلاء أناس وظيفتهم تخريب حياتنا إلى الآخر.

ثم التقدم بنا إلى ما كانت عليه البشرية عام ٧٥٠ ميلادية. وصدقينى، لن يعجبك هذا أبدا، لكن بعد فوات الأوان.

سيتفرج عليك العالم ويضحك، كأنما فى مسرح، أو يتفكر، كأنما فى متحف.