بعد سنتين من الثورة لم يعد مقبولا لأى سياسى، أن يضع كلمة ثورة ثم يرصّ بعدها أى كلام فاضى. انتهت.

Admin عدد المساهمات : 5700 تاريخ التسجيل : 05/03/2013

29/4/2013

خالد البرى

هذه الحيلة الأبرز من حيل «المجادلين». ولا سيما لو شعروا أن مَن أمامهم تحافظ فى حجتها

على المنطقة الوسطى، فلا تبالغ فى التملق، ولا تبالغ أيضا فى العداوة. هذه المنطقة الوسطى تحيِّر الأبطال الفاقعين،

الذين يريدون أن يحملوا الختم الدامغ دائما، الحق الواضح الصُّراح الذى لا لبس فيه.

أسهل طريقة لذلك، هو أن يتجاوزوا الحجة التى تقدمينها لهم، ويفصّلون لكِ حججًا بشعة،

ويُجْرُونها على فمكِ، رغما عنك، ثم يبدؤون فى الرد عليها. وطبعا. طبعا.

ما أسهل أن يردوا على حجة بشعة، لا سيما إن كانوا فصّلوها لأنفسهم

لكى يردوا عليها، فصّلوها لأنفسهم واهية، وجاهزة للفتك بها.

نقاش حول فكرة معينة له طريقتان:

بعد سنتين من الثورة لم يعد مقبولا لأى سياسى، أن يضع كلمة ثورة ثم يرصّ بعدها أى كلام فاضى. انتهت. 1013972976

بعد سنتين من الثورة لم يعد مقبولا لأى سياسى، أن يضع كلمة ثورة ثم يرصّ بعدها أى كلام فاضى. انتهت. 1013972976

إما الحوار، وهذا هدفه الوصول إلى فهم أفضل لها، واختبارها. هذا الحوار تجده عادة فى الشركات الخاصة،

التى يعرف القائمون عليها أن الفكرة الجيدة ستدرّ عليهم ربحا أفضل. طبعا قد ينتهى الحوار إلى تبنى فكرة سيئة،

ظنًّا أنها الأفضل. لكننى هنا أتحدث عن العملية نفسها. النقاش الهادئ، الهادف إلى عرض الآراء

وتقديم الحجج والاستماع إليها وتقديم حجج مضادة، اسمه حوار.

‎وإما الجدل، وهذا هدفه الانتصار لرأى ما. هدفه بداية إفشال رأى الآخر. وهذا موجود فى كل مكان

يرفع من قيمة الكلام المجرد. وترتبط فيه الزعامة بالشخص «مسموع الكلمة». أى أن غرض النقاش

هو معرفة «مين يمشّى كلمته»، وليس، ما الحجة الأفضل. تجدين هذا فى العائلات الريفية

«إنت فاكر هتمشّى كلمتك علىّ ولّا إيه!!» وفى البيوت «إنتِ فاكرة هتمشّى كلمِتك علىّ.. ليه مش راجل قدامك!!».

وتجدينه طبعا فى النقاشات السياسية بين الأحزاب المتباينة.

إنما الموضوع لا يسير بهذه البساطة. فالمفترض أن هناك جمهورا يسمع ويحكم.

لا سيما فى المجال السياسى. ومن ثم يعمد «مفشلو الحجج» إلى عدة وسائل للجدل:

١- شد الأمور إلى أطرافها: تطلبين من أهلك أن تخرجى لوحدك مع صديقاتك، مثلا،

فيأتى أخوك مطالبا بعدم السماح لك بذلك. ستجدينه لا يناقش ما طلبته. بل سيستبدل به عبارة

مثل «يعنى هتوافقوا لها تمشى على حَلّ شعرها؟». لا طبعا. الموضوع ليس نقاشا حول مشيك

على حل شعرك. الموضوع هو ما طلبته بالضبط. أن تخرجى مع صديقاتك،

أن يكون لك بعض الخصوصية. لا أكثر ولا أقل.

دعوت فى مقالات سابقة إلى التوصل إلى «صيغة تفاهم» بين جبهة الإنقاذ وبين تيار الدولة التقليدية.

ليس غرض هذا المقال تكرار الأسباب، تستطيعين أن تجديها فى مقالات سابقة.

إنما ما من أحد أراد أن ينتقد الطرح إلا وبدأ بجملة «شايفين، أهو فلان الفلانى بقى بيأيد شفيق.»

وهذا طبعا غير حقيقى. ليس لأننى أفضّل نفسى على من يؤيد الفريق أحمد شفيق، ولا لأننى أعتبر أن تأييده سُبّة.

لا. بل لأننى لست من مؤيديه. ببساطة. إنما غرض من يفعلون ذلك هو الجدل، وليس الحوار.

هدفهم القضاء على الفكرة بشدها إلى غرفة الفئران وحبسها هناك.

وكذلك غرض من يتطوعون لاعتبار أن تقديم هذا الطرح نوع من اليأس. واليأس طبعا مذموم.

هذا تفكير سياسى. هذه محاولة لوضع فكرة سياسية فى المجال العام للحوار حولها.

والطريقة الوحيدة لفعل ذلك أن يثبت طرفا الحوار هل الفكرة ضارة للناس أم نافعة.

وليس ربطها بقيم مطلقة لا يمكن لنا قياسها. ليس بديل اليأس العند، بل بديله الدأب،

السعى الدائم إلى البحث عن طرق جديدة للانتقال إلى الأمام.

الموضوع على بلاطة كالتالى، بعد سنتين من الثورة لم يعد مقبولا لأى سياسى، أيا من كان،

أن يضع كلمة ثورة ثم يرصّ بعدها أى كلام فاضى. انتهت. سنتان كفاية جدا لكى تكون لديك

رؤية متبلورة لقيادة البلد. ولكى يكون لنا الحق فى الاختيار بناء على هذه الرؤية.

» "كلمة واحدة": «تمرد».. ثورة زمنية تكشف عورات السلطة والمعارضة «معاً»
» 500 كلمة ليست عن باسم يوسف!!
» صدمة ما بعد الثورة