شهرزاد Admin
عدد المساهمات : 5700 تاريخ التسجيل : 05/03/2013
| موضوع: عملنا بجدية مفرطة لتحسين البيئة المثالية للجريمة! السبت أبريل 20, 2013 1:49 pm | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] 20/4/2013 نبيل عمــــــر حدث تغيير مخيف فى لعبة العسكر والحرامية لصالح الحرامية.. ونحن عملنا بجدية مفرطة لتحسين البيئة المثالية للجريمة قد تكون الجريمة هى أصدق مرآة يقف أمامها المجتمع عاريا أمام نفسه بلا ورقة توت تستر عوراته، والجرائم هى الأبناء غير الشرعيين للنظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية السائدة فيه، هى حصالة السيئات لكل التصرفات المجتمعية التى يشوبها قدر من الإهمال وعدم الاكتراث وفساد التربية وسوء التعليم وخلل البيئة وفقر العدالة فى بعض النظم التى تضبط نشاطات الإنسان والمؤسسات فى بعض مجالات الحياة.. وأحيانا العيوب الجينية والاجتماعية التى يتوارثها الفرد عن أجداده وأبيه. وأى نظام سياسى بكل جوانبه يتحدث طول الوقت عن عبقريته وإنجازاته وفتوحاته التنموية بشرا وثروة، دون أن يتطرق ولو من باب الغش إلى بعض السلبيات التى تحيط بتلك السياسات ، فإذا بالجريمة تفضح المستور وتعرى ما يحدث خلف الستار وفى العتمة وخارج القانون.. ولا يوجد نظام اخترعه البشر وعاشوا به ليس له «عوادم» أو آثار جانبية تمضى فى عكس التيار العام المنضبط والملتزم بقواعد ذلك النظام والقوانين التى ترسم خطوطه الحمراء. والجريمة أيضا حسب نظريات فى علم الاجتماع وعلم الجريمة قد تكون خللا جينيا يصيب بعض البشر، خللا لا تُعرف أسبابه، ولنا فى جريمة قتل قابيل لأخيه هابيل عبرة، فهى أول جريمة مسجلة فى التاريخ الإنسانى، وقد نتفهم دوافعها ولكن لا نقبلها، وقد يرى بعضنا ضعفا وواهنا فى هذه الدوافع ولا يستسيغها، فكيف لأخ أن يقتل أخاه لمثل هذا السبب الواهى، كما لو أن قابيل ولد مجرما أو وارثا العنف «والإجرام».. لكن هذا ما حدث فعلا، بغض النظر عن الحكمة أو المغزى أو الدرس وراء هذه الجريمة الأولى من إنسان ضد إنسان. والجريمة فى مصر مثل مصباح ديوجين تنير المسالك والدروب والممرات إلى قاع المدينة أو العالم السرى فى نفوس المصريين، والمدهش أن الجريمة فى مصر الآن مرتبطة ارتباطا وثيقا بعالم السياسة، كما لو كانت وجه العملة الآخر، فلا غنى عنهما لسريان قيمتها.. فالزمن زمن اضطرابات وفوضى فهل ثمة بيئة لفيروسات الجريمة أن تنمو وتتكاثر وتنتشر وتتمكن من ضحاياها أفضل من هذا؟! ويبدو أننا لسنا فى ثورة ضد الظلم والقبح والتخلف والفساد فقط، وإنما فى ثورة على كل شىء وأى شىء.. ولم نسقط النظام كما حاولنا ولكننا أسقطنا الدولة، فالنظام لم يسقط، فقط استبدلنا وجوها جديدة بوجوه قديمة، ذقونا طويلة بذقون حليقة، أما النظام من أدوات وسياسات وأفكار فهو هو بالضبط حتى لو كان دون فساد وينفذه ناس فى نقاء المطر، ليست هذه هى المعضلة، المعضلة أن نصنع نظاما ينتج مجتمعا محلا للسعادة لكل مواطنيه دون تفرقة من أى نوع أو تمييز من أى صنف. فى النهاية تخلصنا من استبداد كان مقدورا عليه و«حضّرنا» بدلا منه استبدادا ثقيلا «لزق» بقوة على جلودنا ولن يُنزع دون دم! أى عملنا بجدية مفرطة لتحسين البيئة المثالية للجريمة! وعلى الجانب الآخر تبدو الدولة منهكة، واهنة، عجوز غير قادرة على الحركة، فشرطتها تُطارَد من المجرمين والبلطجية، كما لو أن قواعد لعبة العسكر والحرامية تبدلت وانقلبت رأسا على عقب لأول مرة فى تاريخ مصر الحديث! وإذا تأملنا آخر هجوم على الشرطة فى وسط سيناء هذا الأسبوع، سنكتشف بسهولة أننا أمام تجسيد بالصوت والصورة لقواعد اللعبة الجديدة، فالمجرمون لم يهاجموا الشرطة وقتلوا منها فردين ردا على عمليات ضبط وإحضار، ولا هروبا من القبض عليهم متلبسين بجريمة ما ينفذونها فعليا، وإنما هى جريمة تحدٍّ وإظهار العين الحمراء، نوع من «الغلاسة» على الدولة، وكان المجرمون فى الماضى يتمنون «العمى» ولا استعداء الدولة، وسبحان مغير الأحوال. ولم يكتف المغيرون على الشرطة فى وسط سيناء بهجوم واحد، وأعادوا الكرّة بعد ٢٤ ساعة فقط، لكن فى تلك المرة بلا ضحايا، لكن المعنى واحد! وأتصور أن أداء الشرطة المتردد المرتبك لأسباب كثيرة بعضها مفروض عليها هو سبب تجرؤ المجرمين عليها، والشرطة لن ينصلح حالها وهى منقسمة بين الولاء للوطن والولاء للجماعة.. فكلنا زائلون ولا دائم إلا وجه الله والوطن! المهم ليس المجرمون فقط فى ظل هذه البيئة الساحرة الداعية للإجرام هم الخارجين عن القانون، فعدد كبير جدا من المصريين يمارسون اللعبة الجديدة بشكل رهيب، خصوصا فى عمليات قطع الطرق، حتى إننا نستحق عن جدارة وصف «شعب من قطاع الطرق»! هل فيكم من يذكر يوما خلال العامين الأخيرين دون قطع طريق ما فى مكان ما؟! قطعا.. لا.. ولقطع الطرق أسباب يجب أن نعرفها دون أن نبرأها أو نضفى عليها أى قدر من الفهم والقبول، فهى جريمة حقيرة ضد الإنسانية، لأنها فى الغالب الناس العاديون هم الذين يدفعون الثمن وتقع على حياتهم كل التكاليف والأعباء والمعاناة، فالحكومة أو الوزارة لا تعانى ولا المسؤول من أول رئيس الجمهورية إلى أى وزير قد يتحمل أى تهديدات لحياته أو معيشته، العكس هو الصحيح، فالتهديدات تحاصر فقط حياة الناس سواء كانوا فى قطار أو عربة أو بيوتهم ينتظرون قادما أو مسافرين فى مهمة أو علاج.. إلخ، وأعرف حكايات مأساوية دامية حدثت بسبب قطع الطرق، وصلت إلى حد فقدان الحياة وتخريب مصادر أرزاق لبشر كان مطلوبا منهم أن يكونوا فى أماكن فى توقيتات معينة، ولم يستطيعوا الوصول فى وقت مناسب، وقطعا لا يعلم عنهم قطاع الطرق شيئا ولم يعرفوا بأمر المصائب التى أوقعوها على ناس أبرياء. لا أتحدث عن مصائب اقتصادية ونزيف بمئات الملايين من الجنيهات، وهو أمر فى غاية الأهمية، ولكننا نهتم أولا بحياة الناس العاديين الذين قد لا يراهم قطاع الطرق.. والأسباب معروفة، مطالب فئوية، حادثة على الطريق راح ضحيتها إنسان يعيش على جانبيه فى قرية من القرى، غضب على مسؤول.. إلخ. لكن أغرب سبب هو ما حدث فى أول هذا الأسبوع فى سوهاج، بالتحديد من أهالى قرية القرامطة، غرب دائرة مركز شرطة سوهاج، إذ قطعوا شريط السكك الحديدية والطريق الزراعى الغربى (أسيوط- سوهاج) وطريق نجع حمادى الوسطانى أمام مدخل قرية يوسف.. لماذا؟! تخيلوا معى السبب العجيب. اعتراضا على مصرع مجرم برصاص الشرطة، مجرم سوابق ومسجل خطر، متهم فى ١٣ قضية ما بين قتل وشروع فى قتل، وتجارة سلاح، وكانت النيابة العامة قد أصدرت أمرا بضبطه وإحضاره فى ثلاث قضايا، وشنت الشرطة حملة استهدفت البؤر الإجرامية والمتهمين الهاربين من الأحكام القضائية، فتصدى لهم هذا المجرم بالرصاص، ردوا عليه وأردوه قتيلا، فتجمع أهله وجيرانه وبقية كتائب الضوء وقطعوا الطريق.. منتهى العجب!! ولا أعرف هل ثمة علاقة بين قرامطة أسيوط وقرامطة الدولة العباسية؟! وهؤلاء القرامطة العباسيون سكنوا الأرض السوداء وثاروا على الخليفة ودامت حركتهم عشرات السنوات حتى انتهت وقد اتهمهم بعض المؤرخين بسرقة الحجر الأسود من الكعبة، ثم عاد إلى مكانه بعد سنوات فى ظروف غامضة لا تفسير لها حتى الآن. فى الوقت نفسه قطع عدد من أهالى عزبة حامد والعزب المجاورة لها بمحافظة قنا الطريق الدائرى وحاصروا شركة بترول جنوب الوادى، من أجل تعيين أبنائهم بالشركة، ومنعوا دخول وخروج الموظفين، ولم يفك الحصار وقطع الطريق إلا بتدخل عنيف من مديرية الأمن وهو واجب وقانونى، وأصدرت النيابة أمرا بضبط البعض من قطاع الطرق هؤلاء، فاشتبك أهلهم مع رجال الشرطة وسقط مصابون من الطرفين. حتى أهل مبنى ماسبيرو بالقاهرة الشهير بالإذاعة والتليفزيون حين تظاهروا أول ما فكروا قطعوا طريق الكورنيش أمام التليفزيون وكانوا يتظاهرون ضد مشروع قرار وزير الإعلام بخفض مكافأتهم عن أعمال يؤدونها فعلا بنسبة ٦٠٪! ولم يفض قطع طريق إلا باشتباكات بين المتظاهرين والعابرين بسياراتهم ولم يعودوا قادرين على تحمل مثل هذه الأعمال. أما الأولتراس وقطع خطوط المترو بالقاهرة فى وسط المدينة فحدث ولا حرج. باختصار.. نحن فى دولة مريضة للغاية ومصابة بعطب فى أطرافها ومفاصلها، والغريب أن مواطنيها يزيدون من ضعفها وتفككها، وقد تكون هذه حالة استثنائية لكنها خطيرة ومدمرة، لكن الأغرب أن السلطة الحاكمة نفسها تلعب دورا أكبر فى الخروج عن القانون وعدم احترامه، وعشرات الأدلة تخرق عين الشمس فى الشهور التسعة الأخيرة، وقد يكون مفيدا لهذه السلطة تفكيك الدولة وإعادة بنائها على هواها، لكن بالقطع سيدفع المصريون الثمن باهظا. فهل يمكن أن نكف عن قطع الطرق، وهذا لا يعنى التوقف عن التظاهر والاعتصام ورفض المظالم لكن دون أن نرتكب جريمة قطع الطرق.. أم هى صارت هواية مصرية؟ وقد تكون هذه دعوة لكل أطباء علم النفس الاجتماعى إلى أن يشخصوا لنا هذه الحالة العجيبة، ويصفوا لنا دواء، وعلينا أن نمضى فى سبيل يصل بنا إلى الأسباب والعلاج! | |
|