شهرزاد Admin
عدد المساهمات : 5700 تاريخ التسجيل : 05/03/2013
| موضوع: «ديمقراطية المرة الواحدة» الأربعاء يونيو 05, 2013 1:08 pm | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] 5/6/2013 محمد خيـــــــر تُستخدم الكاميرات فى محطات المترو لإتمام الإجراءات الأمنية ومنع الحوادث، ولكن قبل أسبوعين، رصدت كاميرا إحدى المحطات فى أنقرة «قُبلة» بين شاب وفتاة، فلم يكتف رجال الأمن بالتدخل لزجر الحبيبين، بل حرصت إدارة المترو عبر إذاعتها الداخلية على تنبيه الركاب بأن «يلتزموا القواعد الأخلاقية»، وكان هذا تنبيها غريبا على آذان الأتراك. «التعليمات» استفزت عشرات الشبان والشابات، فنظموا احتجاجا عند محطة المترو بعنوان «قُبل بالمجّان»، وهناك هاجمهم جمع من الملتحين الغاضبين، تمكنوا، وسط التكبير، من إصابة أحد الشبان بالسكين، نقل على أثرها الشاب إلى المستشفى. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] كيف تتطور «قُبلة» إلى صراع يسيل فيه الدم؟ إنه تأثير «ديمقراطية المرة الواحدة»، التى قد تتخذ الكثير من الأشكال. «ديمقراطية المرة الواحدة» هى الاتهام الشهير الذى يوجّه إلى الإسلاميين، طبقا لهذا الاتهام، فإن الأيديولوجيا الإسلامية تستخدم سلم الانتخابات مرة واحدة، ثم تكسره بعد الوصول إلى السلطة. لكن الإسلاميين يقولون العكس، فحين اكتسحت جبهة الإنقاذ الإسلامية انتخابات الجزائر قبل عقدين، أوقف الجيش الانتخابات، ليبدأ مسلسل الحرب الأهلية الدموية الطويلة، وطبقا لتلك الرواية فإن الأنظمة العلمانية (وخلفها الغرب) هى التى لا تعترف بالنتائج إذا فاز بها الإسلاميون، لكن مشكلة تلك الرواية، تجاهلها الحالة الأسبق فى إيران. بعد ذبح المعارضة وإقرار «الدستور الإسلامى»، أسس ملالى إيران عام 1984 مجلس «تشخيص مصلحة النظام»، هذا المجلس ذو الاسم «البجح»، يعيّن جميع أعضائه المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، ويفصل بين «مجلس الشورى» المنتخب و«مجلس صيانة الدستور»، والأخير يتلخص دوره فى استبعاد مرشحى الانتخابات ممن لا يرضى عنهم المرشد الأعلى، إذا كنت تظن أن «معارضا» قد يمر من ذلك المجلس ويخوض الانتخابات، فعليك أن تعرف أن آخر المستبعدين، قبل أيام، هو «هاشمى رافسنجانى»، رئيس الجمهورية الأسبق، بل وهو أيضا رئيس «مجلس تشخيص مصلحة النظام» منذ تأسيسه! تلك هى الطريقة الإيرانية لإجراء «ديمقراطية المرة الواحدة»، وهى تختلف، شكلا، عن طريقة حماس، التى انقلبت على «فتح» وطردتها من غزة، بعد أقل من عام على الانتخابات التشريعية الأولى والأخيرة فى 2006، وتفرغت من ذلك الحين لمراقبة «منسوب الرجولة «والفصل بين الجنسين، ليعيش الفلسطينى فى غزة حصارين، حصار إسرائيل، وحصار «أخلاق» حماس. غير أن إخوان مصر، حين أصدروا -عبر مرسى- الإعلان الدستورى، قدموا طريقتهم الخاصة لديمقراطية المرة الواحدة، وهى تفتيت النظام القانونى والقضائى، بحيث لم نعد نعرف: هل نملك برلمانا أم لا؟ هل لدينا نائب عام أم اثنان؟ هل ستستمر الدستورية أم ستُلغى؟ فى ظل تلك الفوضى، لا يمكن لمعارضة أن تكسب انتخابات أنهار نظامها القانونى قبل أن يبدأ، وتتحكم فيها السلطة التى هدمت الدستور. والملاحظ أن «ديمقراطية المرة الواحدة» لا تنتج سلطة غير ديمقراطية فحسب، بل تجعل مركز الحُكم خارج المؤسسة الديمقراطية، فخالد مشعل، المتحكم فى حماس، ليس مسؤولا منتخبا، ومرشد الجمهورية الإيرانية فوق جميع المنتخبين، وكذلك بالنسبة لمرشد المقطم، وحتى راشد الغنوشى فى تونس، وعلى الرغم من أن أردوغان مسؤول منتخب، فإن القلق التركى من «ديمقراطية المرة الواحدة» له ما يبرره. يتفاخر الإسلاميون بما حققه أردوغان للاقتصاد التركى، لكنهم لا يشيرون إلى عيوبه البالغة، وعلى سبيل المثال، فى ديسمبر الماضى، وبعد عامين على تسلم أردوغان «جائزة القذافى العالمية لحقوق الإنسان»! أعلنت منظمة «مراسلون بلا حدود» أن تركيا أصبحت «أكبر سجن للصحفيين للعالم»، متقدمة على الصين وإيران وسوريا، لقد كان فى تركيا 72 إعلاميا فى السجن وقت صدور التقرير، ذلك الإرهاب لوسائل الإعلام أحدث مفعوله، ففى يوم أحداث ميدان تقسيم التى راقبها العالم، فضّلت وسائل الإعلام التركية بث المؤتمر الذى حضره أردوغان للاحتفال بيوم مكافحة التدخين! فوز «العدالة والتنمية» بالانتخابات مرتين على التوالى أتاح لأردوغان التخلص من أى معارضة داخل وخارج حزبه، سياسته التى بدأت كموضع ترحيب «التخلص من قادة الجيش وتعديل قانون المحكمة الدستورية» بدت تدريجيا أقرب إلى «التطهير الإخوانى» الذى يسعى للهيمنة تحت شعار مدنية الدولة، لكن حين وصل أردوغان فى تعديلاته الدستورية إلى الخطوط الحمراء الأتاتوركية، التى تضع الجيش حاميا لعلمانية الدولة «فى ما يعرف بالنموذج التركى»، فشل فى إقناع المعارضة، فبدأ يلمِّح إلى تحويل نظام الحكم من برلمانى إلى رئاسى، بينما يعرف الجميع أنه سيترشح للرئاسة بدلا من عبد الله جول فى العام القادم. لكن مع إخلائه الساحة من المنافسين، حقق أردوغان نتيجة واحدة: حين اصطدم الشبان ببعض رجال البلدية والشرطة من أجل حديقة، لم يجدوا من يتظاهرون ضده سوى أردوغان نفسه، الرجل الذى تقلد قبل سنوات طويلة منصب عمدة إسطنبول، ثم تولى رئاسة الوزراء فترة ثم أخرى ثم ثالثة، ويستعد لتولى الرئاسة إذا ما استطاع تعديل الدستور، لقد انتبه الشبان فجأة إلى أن هذا يبدو شبيها جدا بديمقراطية المرة الواحدة. | |
|