06.13.2013
ماذا يمكن أن نفهم من اعتصامات ميدان «تقسيم» فى تركيا؟
لقد عشنا فترة لا تقل عن عشر سنوات نتحدث ليل نهار بإعجاب وانبهار
عن «النموذج التركى» للتنمية والنهضة الاقتصادية.
وعشنا فى السنوات الأخيرة نرى فى التجربة «الأردوغانية» نموذجاً للزعيم السياسى
الذى تتوق إليه المنطقة بوجه عام ومصر المحروسة بوجه خاص.
ولم يبذل معظمنا أى مجهود حقيقى للتعرف عن قرب وعن عمق على عدة أمور أساسية
خاصة بالنموذج التركى مثل:
1- سجل حكومات أردوغان فى الانتقاص من حقوق الإنسان وتكميم الحريات للقوى المعارضة.
2- أسلوب «اليد الثقيلة» الذى تتعامل به حكومة أردوغان مع الأقلية المعارضة فى البرلمان والشارع التركى.
3- السياسة البراجماتية شبه الانتهازية التى تتبعها الحكومة التركية
والتى تقوم على مبدأ «البزنس» التجارى قبل المبدأ السياسى.
4- حجم الفساد الذى تورط فيه أقطاب حزب أردوغان ومدى ارتباطهم بقوى رأس المال القوية
فى تركيا ومدى تأثير ذلك على سلامة القرارات التنفيذية.
إذا كان هذا هو النموذج التركى فهو بالفعل أمر سخيف وخطير ويدعو إلى القلق!
إن اقتحام الشرطة التركية عدة مرات لميدان «تقسيم» فى إسطنبول والمصادمات الدموية والقوة المفرطة
التى لجأت إليها فى التعامل مع المتظاهرين السلميين المحتجين على قطع الأشجار فى حديقة «جيزى»
هو أمر غير معتاد على دولة تقع على تخوم أوروبا المعاصرة
وعلى أعتاب الالتحاق بعضوية الاتحاد الأوروبى.
إن أخطر ما وقع فيه أردوغان وحزبه ليس قطع أشجار حديقة وبناء مشروع «مول» تجارى
ولكن محاولة أردوغان الدائمة والعنيفة فى تغيير أسلوب حياة الشعب التركى
بفرض نظام قيمى يعتنقه أردوغان نفسه!
لقد أصبح أردوغان يتدخل فى المسلسلات التاريخية التى يقدمها التليفزيون التركى،
وفى رغبة بعض الأتراك فى شرب الخمر، وفى محاولة إعادة
نموذج «الحكم العثمانى المحافظ» إلى تركيا المعاصرة.
إن متظاهرى حديقة «تقسيم» وأنصارهم ينتمون إلى التيار الكمالى نسبة إلى زعيم تركيا العلمانى
مصطفى كمال أتاتورك وهم لا ينتمون لحركة حزبية منظمة بعد.
وعمليات السب العنيف التى يقوم بها أردوغان للمتظاهرين ضده تزيده عزلة، وتزيد خصومه
غضباً وتطرح السؤال: هل انتهى النموذج الأردوغانى؟