عندما تفاجأ بإتصال هاتفى عبر الهاتف الجوال من شخص قريب أو صديق بعد زمن طويل من الجفاء
فلا تتعجب من هذا التصرف، لأن سبب الاتصال فى الغالب يرجع لوجود رصيد مجانى
منحته له شركة من شركات الاتصالات، وخشى أن تنتهى المدة الممنوحة
لاستعماله دون استخدام هذا الرصيد. والمشكلة الحقيقية تكمن فى عدم مرعاة المتصل
لظروف من يهاتفه وهل لديه الوقت المناسب لتلقى هذه المكالمة الطويلة غالبا أم لا.
وهذه الظاهرة تعكس عدم تقدير لقيمة الوقت وضعف التواصل الاجتماعى.
وغالبا فإن مثل هذه المكالمات التى أشرنا إليها استغلالا للرصيد المجانى لا تجد تقديرا
أو ترحيبا طالما كانت لهذا السبب. الكثير من الظواهر والعادات الاجتماعية بحاجة إلى مراجعة
ومناقشة بلا حرج؛ فقد يستدين الأخ لكى يقدم المواسم لإخوته البنات ورغم ذلك يقع فى فخ المقارنة
بينه وبين غيره ممن قد يقدمون أقفاص الهدايا الأغلى قيمة. وأحيانا تجد نفسك مضطرا إلى
دخول حلقة السباق فى المناسبات الاجتماعية مثل نقطة الفرح وهدايا النجاح فى الشهادات
كالإعدادية والثانوية؛ فعندما تقدم لك أو لذويك ممن تعولهم مبالغ مالية كبيرة فى المناسبات
فعليك ردها أو رد أكثر منها فى المناسبات المقابلة وقد تفاجأ بتكالب عدد المناسبات مرة واحدة
فتعجز عن ردها جميعا وتندم على اليوم التى قبلت فيها هذه الهدايا أو المبالغ السابقة.
ورغم قيمة وأهمية التواصل الاجتماعى وصل الأرحام إلا أن الواجب يقتضى ألا نجعل من التزاور
والتواصل عبئا قد ينوء بحمله البعض وأن ننظر للأمر من جانبه الإنسانى والدينى
ولا نضع القيم المادية معيارا للحب أو الاهتمام. وأن تكون المشاعر الطيبة أغلى من أموال الدنيا؛
وزيارة واحدة لمراكز التبرع بالدم كافية لبيان حجم العطاء الخالص لوجه الله
بعيدا عن قياس الأمور بمقياس المادة الزائلة.
إن الرصيد المجانى من الحب أغلى من الرصيد المجانى الذى تمنحه شركات المحمول.)
أشرف الزهوى