07.03.2013
مسعد أبو فجــــــر
الإخوانى يفقد عقله ويتصرف مثل دجاجة مذبوحة.. الدجاجة بعد ذبحها قد تجرى خطوتين أو ثلاثًا
قبل أن تسقط من نفسها جثة هامدة.. هنا لا بد من التركيز ليس مع الإخوان كأشخاص،
إنما مع فكرة تصور صاحبها أنه قادر على فرضها على أزمان العالم الحديثة، أقصد أستاذية العالم.
بدأت الفكرة تتبلور فى رأس مدرس خط، يعمل فى مدرسة ابتدائية،
صار اسمها اليوم مدرسة طه حسين الابتدائية.. إن كانت الرجل بترميك مثلى للمرور من قدام المدرسة،
لا بد أن يسترعى انتباهك اسمها، طه حسين. ولا بد أن تقارن بين طه حسين وحسن البنا..
طه حسين وعلى طريقة الفلاحين المصريين ذهب للزمن فى عاصمته، باريس، خبط على الباب،
افتح أنا طه حسين.. عاوز أعرف ما عندك.. وعاد من باريس ببضاعة يعرضها علينا.
بعضنا قبلها وبعضنا أشبعها تقريعًا. أما حسن البنا فقد تعامل مع الزمن
على طريقة ساحر من العصور الوسطى، لف الزمن فى كم ثوبه، ثم نادى علينا:
أغمضوا أعينكم ولما فتحناها لقيناه بيلوح بأستاذية العالم..
طه حسين كان دليلنا فى الاشتباك مع الزمن، قال لنا، لا يوجد شىء صعب عليكم،
فقط افتحوا عيونكم واشرعوا عقولكم للريح. البنا قال، لا.. لا.. إنه الماضى التليد ينادى عليكم..
طيب ما الطريق لهذا الماضى؟ أجاب: أتمكن أنا منكم وسترون..
نفس الوصفة التى قدمها هتلر للألمان وموسلينى للإيطاليين.. وانتهى الاثنان مقتولين،
كل مع عشيقته.. مع فارق أن الناس احتاروا فى موت هتلر، بعضهم قال، انتحر وبعضهم،
استخسر فيه فضيلة الانتحار، وقال، بل قُتِل هتلر.. أما موسلينى فقد انتهى رأسه فوق ورجليه تحت.
وشاركته عشيقته نفس الموته (والعياذ بالله).
مات حسن البنا بطلقة رصاص من مسدس فى وسط مدينة القاهرة وفى وضح النهار.
وبقيت هلاوس التمكين وأستاذية العالم تتدحرج من رأس إلى رأس
حتى وصلت لرأس عجيب اسمه خيرت الشاطر. الشاطر «بقال» لا يرى العالم إلا من باب بقالته.
عالمه محصور بين رف البقالة والزبائن الذين يتحركون فى الشارع الممتد قدامها.
حتى إنه نسى (فى غمرة الوقت) أن فى المدينة شوارع أخرى غير شارع اللى قدام بقالته..
شوارع يسكنها ناس آخرون غير زبائنه الذين حرص على تربيتهم طوال سنين البقالة..
(ربى زبون، يقول البقالون).
الآن وقد انتهت هلاوس التمكين (الكل يتنصل منها).. ماذا علينا أن نفعل؟
أعرف أننا ذاهبون فى طريق طه حسين بقوة الدفع الذاتى، لا بقوة الموتور (فليس هناك طريق آخر)..
كل الطرق مغلقة (بالضبة والمفتاح) ولا سبيل لتجريب حكم العسكر الذى جربناه أكثر من ٦٠ سنة،
وأودى بنا إلى المهازل التى نعيش فيها. الشاطر يتوهم أن الصراع بينه وبين العسكر غير مدرك
أن الصراع فى حقيقته بينه وبين الملايين التى نزلت الميادين تبحث عن مستقبلها..
تبحث عن طريق تسلكه نحو مستقبل تراه على شاشات التليفزيون وفى الفضاء الإلكترونى.
بينما الشاطر يريدهم فقط زبائن لبقالته..
صباح الإثنين كتبت على صفحتى على «فيسبوك»، حين تحكى عن الملايين التى تدفقت فى الشوارع،
لا تحكى لى بعدها عن الإخوان.. صورة أمس أكبر ملايين المرات من إخوان.
حين تحكى لى عن أمس ثم تحكى لى عن إخوان، كأنك تحكى عن خنفساء واقفة قدام قطار..
خنفساء حقيقى بكل بدائيته وضعفه قياسًا على قطار بكل تركيبيته وبكل قوته..
خنفساء قادمة من أزمان الخلق الأولى وبتقيسها بقطار فيه كل معارف البشرية..
ماذا يعنى مشهد أمس؟.. إحنا قدام مشهد تاريخى.. سيغير فى رؤيتنا للتاريخ..
لم تعد أدوات المقاومة هى نفسها أدوات المقاومة التقليدية.. أدوات المقاومة تغيرت..
دور الناس (العامة) فى تحريك التاريخ اختلف.. عن نفسى باشوف (لحظة) يوم أمس (مصريا)
لا تقل أبدا عن (لحظة) بناء الهرم بل ربما أكثر أهمية.. عن نفسى باشوف التاريخ
بينفتح على آفاق جديدة.. أولا، انس مصر البدائية القروية الريفية المملوكية العسكرتارية
الباشوية العشوائية (وهذا الخليط هو ما أنتج لحظة إخوان).. ثانيا، مصر بتاخذ التاريخ
إلى نقطة مختلفة إلى شكل مختلف.. ثالثا، مصر بتقول إن أنا لاعب مهم فى الزمن الجديد..
وبالمناسبة مصر عندها ما تقدمه للزمن الجديد..
عندها حجر وعندها بشر وعندها أرض وعندها بحر.. ولا ينقصها أى شىء..