07.03.2013
طارق الشناوى
بعد ساعات تنتهى المدة التى حددتها القوات المسلحة للأطراف جميعها
لكى تصل إلى توافق يحقق إرادة الشعب.
القوة الإخوانية تعتبر أنها ليست فقط المتحدثة الرسمية باسم الشعب، ولكنها هى الشعب،
ولهذا قررت، فى بيان أصدروه من جامع «رابعة العدوية» -الذى تحول إلى إمارة إسلامية-
توجيه الدعوة إلى كل القوى التى تتبعهم للنزول للشارع، هم يعلمون أن عددهم ضئيل
بالقياس إلى الملايين التى ترفضهم، ولكن دعوة الخروج تعنى شيئا واحدا هو توجيه رسالة للجيش
باعتباره هو المؤسسة الوحيدة القادرة على اتخاذ قرار فى تلك الأجواء المضطربة.
الرسالة واضحة يؤكدون من خلالها أن هناك قوة أخرى فى المعادلة داخل الشارع،
وهى لن تغادر موقعها فى حالة إقصاء مرسى، إلا على رقابهم،
كما أعلن ذلك أحد الوجوه المتطرفة إخوانيا، محمد البلتاجى.
إنهم يخططون للسيناريو القادم، قوة داخل الشارع ستقف ضد إرادة الأغلبية، هم أقلية صحيح،
وهم يدركون ذلك، ولكنهم يلوِّحون الآن بسلاح العنف، الأغلبية الآن فى كل الميادين المصرية،
بل خارج مصر فى أكثر من سفارة مصرية تجمعوا لكى يقولوا لا لمرسى والإخوان،
لم يعد يجدى الحوار، الدعوة سبق وأن أعلنتها من قبل القوات المسلحة قبل نحو سبعة أشهر للحوار
بين كل الأطياف، ولكن مؤسسة الرئاسة لم تسترح إلى تلك الخطوة واعتبرتها قفزا على شرعيتها،
وتم إغلاق هذا الملف وقتها لأجل غير مسمى.
المطلب الجماهيرى هو الرحيل مباشرة، القوى السياسية لا تستطيع أن تهبط بالسقف عن مستوى الرحيل،
بينما مرسى والجماعة فى خطابهم الرسمى المعلن يرفضون حتى انتخابات رئاسية مبكرة.
الفوضى التى يحذر منها مرسى تلوح فى الأفق فى حالة إصراره على البقاء.
كما أن نزول الإخوان إلى الشارع فى أكثر من ميدان ومحافظة كما هو مخطط
سيضع البلاد على صفيح ساخن، سيعجل لا محالة بتدخل سريع للجيش لحماية الأمن القومى،
فى هذه الحالة سيفقد مرسى السلطة، ولكن سيبقى فى الشارع جراح ودماء، ليس انقلابا عسكريا،
بل هو حماية لمقدرات الوطن الذى ينهار أمامنا وتتآكل مقدراته..
من الواضح أن خطة المرشد التى ينفذها مرسى بدقة هى أن يظل فى موقعه معلنا أنه
يرحب بالطبع بدعوة الجيش للحوار، ولكنه سيظل بالنسبة إلى جموع المصريين
ليس رئيسا، فكيف تجرى عملية الحوار؟
المهلة التى منحتها القوات المسلحة لمرسى وهى 48 ساعة والتى تنفد بعد ساعات لن تمكنه
حتى لو كانت 48 يوما من إقناع أحد بالجلوس على مائدة الحوار،
كل القوى الفاعلة فقدت الثقة فى التعامل سياسيا مع هذا الفصيل،
حتى السلفيون لم يعودوا يصدقوه، وطالبوه بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
على أى شىء يراهن؟ ليس أمامه فى الحقيقة سوى هذا الاختيار المجنون، إنه رهان الدماء،
يعتقد مؤيدوه وهم يقدرون بالآلاف فى الشوارع أنهم يدافعون ليس على الشرعية، ولكن الشريعة،
هؤلاء تمت برمجة عقولهم على شىء واحد هو «إسلامية إسلامية»،
وأن مصر الكافرة ينبغى أن تعود إلى حظيرة الإيمان، مبدأ السمع والطاعة يضعهم جميعا فى موقع المنفذ
لما يأتى إليهم من القيادة العليا، ليس لديهم استعداد لإعمال العقل. وأمام تلك العقول يجب أن نعترف
أننا بصدد خطر يهدد الأمن القومى، نعم هم أقلية عددية وبفارق كبير،
ولكن الخطة ستصبح هى توريط الجيش فى المواجهة أمام مجموعة لا تعنيهم مصر فى شىء،
سيبدؤون أولا بإثارة شغب جماعى، سوف يحاولون التحرش بكل القوى فى محاولة لإثناء القوات المسلحة
عن استكمال خارطة الطريق تحول دون أن تنتقل للمربع رقم 2،
وهى بناء الدولة وترميمها دستوريا قبل الانطلاق إلى المستقبل.
لن تغادر القوى الإخوانية الشارع بسهولة، فإذا كانت القوى المعارضة ترهن عودتها إلى البيت
وفض الاعتصام فى لحظة تسليم السلطة، فإن هؤلاء ستصبح خطتهم هى البقاء فى الميادين،
مطالبين بعودة مرسى، وسوف يبدأ الجيش فى محاصرة أى فوضى محتملة.
الإخوان لا يريدون لمصر الأمان، يسعون حثيثا لأنْ تصل إلى صراع دموى،
مصر بالنسبة إليهم تعنى «طظ»، فهى جزء صغير من دولتهم الإسلامية المترامية الأطراف،
مشروعهم يبدأ مع إعلان إمارة «رابعة عدوية» الإخوانية!!