07.06.2013
عمرو خفاجى
ليس صحيحا على وجه الإطلاق ما يردده البعض الآن، من أن الجماعات الإعلامية والحقوقية
والقوى الليبرالية صمتت على إغلاق بعض القنوات الإسلامية،
وأنها رحبت بالقبض على بعض قيادات جماعة الإخوان دون سند من القانون،
بل العكس تماما هو الذى حدث فقد هب الجميع، خاصة الإعلاميين والحقيقيين
ليشجبوا ذلك صراحة، بل إن بعضهم مثل نقيب الصحفيين ضياء رشوان لم يدخر جهدا
فى العمل على معالجة مثل هذه المشاكل، وقد تدخل بالفعل للإفراج عن العاملين
فى بعض القنوات الذين تم إلقاء القبض عليهم لحظة إغلاق قنواتهم، بل كان هو شخصيا
فى مقدمة الذين ذهبوا لمعرفة سبب احتجاز القيادى الإخوانى محسن راضى،
باعتباره عضوا فى نقابة الصحفيين (كما تدخل النقيب أيضا لطباعة جريدة الحرية والعدالة
فى مطابع الأهرام بعد رفض الإدارة التى عينتها الإخوان)، وبصراحة هذه مزايدات رخيصة
ولا يصح أبدا ترديدها لأنها ضلال وتضليل للجماعة الإعلامية التى لم تغير يوما القيم
التى تدافع عنها وتحارب من أجلها، ولدى هذه الجماعات الإعلامية والحقوقية تاريخ طويل
من الدفاع عن هذه القيم قبل ثورة ٢٥ يناير، بل دخلت هذه الجماعات
فى معارك كبيرة وشهيرة مع نظام الحزب الوطنى لإعلاء هذه القيم.
وبالرغم من أننى لم أتحدث فى هذه المساحة أبدا عما أقول أو أكتب، لكن أحب أن أشير
أننى كنت فى مقدمة المعترضين على حكم المحكمة بغلق قناة الحافظ التى كثيرا ما سبتنى
ووصفتنى بما ليس فىّ، ورمتنى بالباطل، لأن المبادئ والقيم عامة ومجردة ويمكن الرجوع
للمقال لمن يريد أن يراجعه (عمرو خفاجى «بين حماقتين» جريدة الشروق عدد يوم الاثنين
رقم ١٤٤٣ بتاريخ ١٤ يناير ٢٠١٣)، فأنا ضد غلق أى وسيلة إعلامية حتى ولو بحكم قضائى.
لكن الصحيح الذى حدث ووقع وتجاهلته الأصوات التى تولول الآن لغلق القنوات،
أن السيد يحيى حامد وزير الاستثمار الإخوانى هو الذى أصدر قرارا قبل عشرة أيام فقط
بحق الجهة الإدارية فى غلق القنوات الفضائية دون الحاجة لصدور حكم قضائى،
بل وأنذر بعض القنوات بالفعل تمهيدا لإغلاقها (صورة القرار منشورة فى كل وسائل الإعلام
وتم إرسالها لجميع القنوات الفضائية)، ووقتها لم نسمع صوت السادة الذين يعترضون على
غلق القنوات الآن، بل بعضهم رحب به، بل وزاد بضرورة تطهير الإعلام والإعلاميين،
فكان أن أغلقت قناة جماعة وحزب السيد الوزير بقراره الداعى للغلق بدون حكم قضائى
(سبحان الله، يعلم ما لا تعلمون) وإذا أضفنا إلى ذلك، ما كشفه الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل
، أن النظام كان قد أعد بالفعل قائمة بأسماء ٢١ إعلاميا تمهيدا لاعتقالهم، سنفهم جيدا
من يدافع عن ماذا، ولا داعى لقصة أن نظام مرسى كان يدافع عن حرية التعبير،
لأن رئاسة الجمهورية بنفسها هى التى كانت تقدم البلاغات فى الإعلاميين والصحفيين،
حتى لو تراجعت فى وقت لاحق وسحبتها، لكنها فى لحظة ما فعلتها، مما يعكس حقيقة موقفها.
أما غير المقبول على الإطلاق ولا يكفى معه بيانات الشجب والإدانة
بل التحرك الفورى والسريع من جميع الجماعات الإعلامية والحقوقية والقوى السياسية
بجميع اتجاهاتها، هو عدم السماح بإلقاء القبض أو سجن أى شخص بسبب رأيه
أو انحيازه السياسى أو العقائدى أو الفكرى. فبدون إقرار هذه القاعدة، والدفاع عنها،
والاتفاق عليها بين الجميع، لا يمكن تأسيس أى ديمقراطية، ولا يمكن أن تكون هناك سياسة،
فالأصل هو الحرية والدفاع عنها وأعتقد أن ثورة يناير ٢٠١١ ، و توابعها فى يونيو ٢٠١٣،
قدمت الحرية على جميع الشعارات والأهداف، وهذا تحديدا ما أدعو النظام الجديد لإعلانه وتحقيقه
وضمانه قبل أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم فى إدارة شئون البلاد.