08.06.2013
كمال مغيث
تحت الأضواء الكاشفة، فى قناة «الجزيرة» «21/7» وأمام المذيع المحب،
تنحنح الرجل ووضع ساقا على ساق، وشبّك أصابعه فوق ركبته، ونظر إلى الكاميرا، وراح بملء الثقة
واليقين يقول: إن المعتصمين فى رابعة العدوية وميدان النهضة هم قادة الأمة،
ومتظاهرو رابعة أكثر أفراد الأمة ثقافة إسلامية وأوعاهم بأمور دينهم.
ومن يوجدون بالتحرير «رعاع وحثالة الشعب، وزبالته. وليست لهم قضية، وتم شراؤهم بالمال
ليقفوا فى ميدان التحرير وهناك وثائق تثبت كل ذلك وتؤكده».
ذلك هو الدكتور زغلول النجار، رئيس مركز الإعجاز العلمى بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية،
وهذه هى ألفاظه بكل هذا الفحش والبذاءة، هو من يدعى كثيرا أنه داعية إسلامى،
وكأنه لا يعلم أن لرسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) حديثا شريفا يقول:
«ليس المؤمن بطعَّان ولا لعَّان ولا فاحش ولا بذىء».
ويبدو أن المذيع أراد أن يخرج من جوف الرجل أسوأ ما فيه فسأله: ولكن المعتصمين فى التحرير يصلون
كما يصلى معتصمو رابعة، فنصب الرجل من نفسه مفتشا فى القلوب وممسكا بمفاتيح الإيمان والكفر،
فقال: «هناك من يؤدى الصلاة والدعاء فى شىء من الخشوع والرجاء من الله،
وبين الذى يؤديها على عجلة وجالس يغنى ويرقص ويطرب ويتكلم كلاما فارغا».
وأنا لا أعرف أى ضمير دينى وأى خشية من الله تلك التى تجعل لرجل كائنا من كان
أن يحكم على طوايا القلوب والنيات، ويبدو أنه أيضا لا يعلم أن رسولنا المعصوم لم يعط نفسه حق التفتيش
على دخائل القلوب، فقال للصحابى الذى أوشك أن يفتك بمنافق: «هل شققت عن قلبه؟».
هذه هى أخلاق الإسلام وتلك تعاليمه ووصاياه وهدى رسوله الكريم الذى دعانا إلى أن نسلك سبيل الله
بالحكمة والموعظة الحسنة، ونهانا عن الفظاظة وخشونة القول وغلظة القلوب،
ويقول (صلى الله عليه وسلم): وهل يكب الناس على وجوههم فى النار إلا حصائد ألسنتهم.
هذا هو الدكتور العجوز المهرف، وهذه هى بضاعته من الإسلام، مجرد لحية وزبيبة وادعاء بالإسلام
لا يتجاوز أطراف اللسان، مثله مثل كثيرين غيره ظهروا بجلاء فى تلك الظروف السياسية الأخيرة،
فإذا هم دعاة فتنة، وسافكو دماء، ترخص فى سبيل خصومتهم السياسية المُهج والأنفس
سواء كانت أنفس الخصوم، أو أنفس الأنصار ممن غشوهم وأدخلوا عليهم أنهم المدافعون
عن الحق والشرع والإسلام، وهم مجرد أصحاب مصالح فى السلطة والثروة والنفوذ بلا قلوب ولا ضمائر.
ويبدوا أن الحوار القصير لم يكشف فحسب عن مدى الانهيار الأخلاقى الذى يعانى منه الشيخ،
بل كشف أيضا عن انهيار الضمير العلمى عند الرجل، فعندما سأل عن عدد متظاهرى التحرير سارع بالقول:
«هناك دراسة موضوعية تؤكد أن ميدان التحرير وكل الشوارع المؤدية إليه لا تتسع إلا إلى 400 ألف متظاهر»،
وبغض النظر عن مصطلح «دراسة موضوعية» وغيره من مصطلحات فخمة اعتاد الرجل أن تتناثر
بين ثنايا حديثه موهما سامعيه بالدقة والأهمية والأمانة العلمية، إلا أنه لم يقل لنا شيئا عن اسم تلك الدراسة
ولا من وضعها، وكيف تواجه تقديراتها كل التقديرات العلمية التى
أطلقتها الأقمار الصناعية وشهد بها جميع المراقبين.
أما قوله بأن معتصمى التحرير «ليست لهم قضية، وتم شراؤهم بالمال وهناك وثائق تثبت كل ذلك وتؤكده»
فهو لا يضيف جديدا لما كشفناه من أخلاق الرجل وضميره وعلمه.
وهكذا وفى دقائق معدودة ظهرت حقيقة الشيخ الدكتور، مجرد بوق أجوف يردد ما يطلب منه وما يلقى إليه،
بلا بصر ولا منطق ولا روية، بل وبلا أدنى قدرة على المناقشة والبرهان ورد حجج الخصوم.
لا يهمه أن يبدو عاريا ظاهر السَّوءة بلا حياء ولا خجل.