08.21.2013
أحمد الخطيب
«كنا إذا اشتد الوطيس.. احتمينا برسول الله»..
كلمات دُرر لعلى بن أبى طالب، رضى الله عنه وكرم الله وجهه فى وصف حالة القائد الأعظم،
محمد صلى الله عليه وسلم فى المعارك التى كان خاضها المسلمون الأوائل تلخص بشكل عملى
وضع القائد فى المعركة.. والوطيس هو المعركة.. أى المواجهة.. والقصة هى أنه عندما فر نفر غير قليل
من المقاتلين المسلمين فى غزوتى أحد وحنين تحديداً.. لم يفر القادة وواجهوا جحافل مقاتليهم..
فكان صلى الله عليه وسلم يقف بسيفه أسداً هصوراً فى معركة «أحد» يقاتل المشركين ويقول بعلو صوته:
«أنا النبى لا كذب.. أنا ابن عبدالمطلب».. بل إن امرأة وهى أم عمارة الأنصارية كانت تقف خلفه
فى المعركة وعندما قال لها: ما تفعلين هنا يا أم عمارة بخنجرك هذا..
قالت: «أبقر بطن كل من يريد النيل منك يا رسول الله».
عندما تنظر إلى سير القادة العظام فى التاريخ الذين هم أعظمهم صلى الله عليه وسلم
وتنظر إلى بعض قادة الجماعات الإسلامية الآن تجد أن البون شاسع كما بين السماء والأرض
بين ما يدعونه ويقولونه ويضحكون به على جماهيرهم المخدوعة والتى يعتقدون فيهم زوراً وخداعاً
بأنهم امتداد لقادة صدر الإسلام الأُول.. بل تجد أن هؤلاء القادة المخادعين يتاجرون
بقصص الأولين وسيرهم وهو ما حدث عملياً مؤخراً.
أشاع هؤلاء بين الناس أن صلى الله عليه وسلم «زعيمهم» و«قدوتهم»..
ووقفوا يحفزون «الأشياع والأتباع» فى الاعتصام ويشحنون صدورهم بالقول:
«إن فض الاعتصام دونه الرقاب»، و«إن فض الاعتصام سيكون على جثثنا»،
وكان جل حديثهم عن «الثبات والقوة والعزيمة» وفتح الصدور عارية.. أوغروا الصدور والقلوب
معنوياً ونفسياً لأبعد مدى.. وكانوا أكثر ما يتحدثون عنه هو «الثبات فى المعركة»..
وألا يفرّوا وقت الزحف.. رفض «الكبار والسادة» أى محاولة لحقن الدماء.. تاجروا بكل شىء من أجل
أن يعيشوا هم.. تترسوا بالجماهير المسكينة.. التى كانت تصدقهم.. كانت كلمة واحدة من «واحد» منهم
كفيلة بأن تحقن دماء كل من مات فى رابعة والنهضة.
لو كانوا فعلاً صادقين ولديهم «دين» لكانوا حقنوا دماء هؤلاء عندما رأوا جحافل الشرطة تحاصر الاعتصام
فى إشارة واضحة أن الفض قادم لا محالة.. كما أن أجهزة الأمن ظلت لمدة ساعة تطلب من يريد
أن يخرج سالماً دون ملاحقة لترك الاعتصام بعد أن فتحت لهم طريقاً لذلك.. لكن الكبر والغرور
والعزة بالإثم أخذت «السادة والكبراء» فرفضوا ألا أن يرقصوا على الدماء.. فكان بمقدور أحد قادة الإخوان
أن يحقن كل من سالت دماؤهم بكلمة واحدة -لله وليس لشىء- بعيداً عن صحة موقفه من عدمه، هذا أمر آخر.
ثم ما الذى حدث بعد ذلك..؟ هرب القادة وتركوا المعتصمين..! فمنهم من هرب مرتدياً زى النساء
ومنهم آخر حلق لحيته.. وآخر تخفى فى صندوق قمامة.. ومنهم من أقام لأيام فى «زريبة حيوانات»
بإحدى قرى الجيزة متخفياً بعيداً عن عيون الناس والأمن.. فلماذا لم يثبتوا ويتقدموا صفوف المعتصمين
فى رابعة والنهضة.. ؟.. أليس ذلك من سمات القائد والقيادة. أم أن ساعة الجد يهربون كالنساء والجرذان..
ذكرونى بالقذافى الذى كان يتحدث عن الزحف المقدس، فإذا به يقيم فى «ماسورة صرف صحى»..
خزاهم الله لأنهم تاجروا بدينه الحنيف أولئك لهم الخزى فى الدنيا والآخرة.
إننى لم أجد أصدق من الآية القرآنية الكريمة التى تعبر عن هؤلاء سوى
قوله تعالى: «وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا».