08.25.2013
وفاء عطيه
نقطة ومن أول السطر. نبدأ تانى وثورة جديدة.
اندلعت ثورة على سلطة الفساد والاستبداد، وطلبنا الحماية من الجيش... بعد بطش ثم انهيار الشرطة
حلقة النظام وحاميته، وهتفنا «الجيش والشعب إيد واحدة». فجاء المجلس العسكرى للسلطة.
ثُرنا وهتفنا «يسقط يسقط حكم العسكر»، واستسلم المجلس لهتافاتنا،
وأعلن «هاتوا اللى عاوزينه وتحمّلوا تَبِعات اختياراتكم».
جاءت تيارات الإسلام السياسى شَرِهَة للسلطة، وشرعت فى بسط سلطتها وتطبيع الدولة،
ممهِّدة لاستبداد جديد. ثُرنا على حكمهم، ورجعنا نقول «الجيش والشعب إيد واحدة».
ونطلب مرة أخرى من الجيش الحماية والتدخل.
كل من جاء ادّعى شرعيته المستمدة من الشعب وإرادته.
ثم اندلعت التظاهرات ضده لنزوعه للديكتاتورية والاستئثار بالسلطة.
واليوم نخشى ونحذّر أنفسنا من عودة الاستبداد مرة أخرى!
استبدادُ مَن القادم يا ترى؟ نظام مبارك أم المجلس العسكرى أم الإخوان وجماعات الإسلام السياسى؟
وماذا سنفعل حينها... مزيد من الثورات والشهداء أم نستسلم ونسلِّم أمرنا لله ونرضى بنصيبنا!
ونقرر أن قدرنا هو الحكم الاستبدادى.
تُرى ضد من سنهتف قريبا؟
السؤال المهم هو: لماذا ندور فى تلك الدائرة، ومتى نستطيع كسرها
والانطلاق إلى الأمام دولةً ديمقراطيةً حديثةً؟
أزعم أننا لن نبرح مكاننا ما دامت عيوننا شاخصة للقمة... شعب الأهرامات، ينظر إلى رأس السلطة، يخشاه،
يخضع له، ويمجِّده. وسنظل كذلك لأننا لا نكاد نذكر بُناته. كل من جاء ادّعى شرعيته المستمَدَّة من الشعب.
اليوم انطلق الشعب ثائرا ضد استبداد حكامه، الناس قاعدة الهرم، هم مَن يؤسسون لمن يصل للقمة،
ووفق حالهم ووعيهم وقوتهم يتحدد المصير..
مَن يصعد فوق حقوقهم وكرامتهم، أو يأتى بإرادتهم ويخضع لها.
انظر إلى حال الشعب ووعيه تعرفْ من سيأتى، أهوَ استبداد يُخضعهم، أم ديمقراطية تمتثل لرغباتهم.
حالنا طوال السنوات الثلاث السابقة، والأعوام الثلاثين التى سبقتها هو نتاج ما يفوق الـ60% فقرا وجهلا
ومرضا وخضوعا، الدائرة الحقيقية التى تُطْبق على شعبنا. لن نخرج من أزمتنا السياسية إلا بكسرها
ووقف معاناة الفقراء، (هناك 20- 30% من المتفرجين غير المعنيين).
بجانب كل هؤلاء تتبقى نسبة قليلة لأصحاب الصوت العالى، والعمل السياسى والنخبوى. ولسبب أو لآخر
يجيد هؤلاء إثارة غضب الناس ضد السلطة، ويشحنون الشوارع، يقودون تظاهرات ويطلقون الشعارات...
ويستجيب لهم الكثير من جموع الشعب الغاضبة. يخرج شباب ونساء ورجال للتظاهرات والرفض،
ولكن ساعة الاختيار تتوه الإرادة! لماذا؟
بلا شك يُسأل عن ذلك النخبة تحديدا؟ لماذا يضل الناس عندما يسيرون خلفكم؟
لماذا لا يستطيع الناس الاختيار بينكم؟ لماذا أنتم غير مرئيين بالنسبة إليهم؟
جعلتم أنفسكم أشباحا، تظهر على الفضائيات وتهتف فى التظاهرات، ولكن ساعة الجد لا جديد حقيقيا تقدمونه للناس،
ولا وجود يُذكَر بين صفوفهم. يسهب السياسيون ويصدّعون الناس بجدل حول قضايا شكلية
ونخبوية لا تهم جموع الشعب الفقيرة، ولا تحسم أمر الوطن.
اليوم -على سبيل المثال- جدل حول النظام الانتخابى، فردىّ أم قائمة، هو قولٌ حق،
ولكن هل ذلك ما سيحل أزمة أحزابنا؟ هل سيفك عقدتها وعقدتنا وتصبح لدينا أحزاب حقيقية ببرامج مقنعة
تسهم فى إخراج الناس من الفقر والجهل والتضليل؟ هل ستكتسحون انتخابات كنتم فى ذيل نتائجها؟
متى ننشئ أحزابا على أسس سياسية فعلاً، وبرامج واستراتيجيات واقعية ملائمة لحاجتنا،
متى تستطيع أحزابنا فعلاً تقديم بديل لدائرة الاستبداد الناتجة من دائرة الفقر والجهل والمرض؟
متى ستذهب الأحزاب للناس، لتثقيفهم سياسيا وشرح أهدافها وجمع الناس حولها؟
متى تتحقق أهداف الثورة؟ وعلى يد مَن؟
وهل نستمر فى تظاهرات مع أو ضد، مقيم ونسقط أنظمة؟
جرّبوا مرة وثوروا، انطلقوا فى حملات وتظاهرات من أجل قضية واحدة لفئة فقيرة من فقراء مصر.
قلنا وسنظل ننادى، بلدنا يحتاج إلى إصلاح، لن نخرج من أزمتنا إلا ببرامج لإصلاح حال الناس وحل مشكلاتهم،
التعليم والصحة، وإخراج أهلنا من العشوائيات، وإنقاذ أطفالنا من الشوارع،
وكفالة عيشة كريمة لكل مصرى ومصرية، وتحقيق العدالة،
وبتعويض أهلنا فى الصعيد والقرى جميعا عن كل غبن وإفقار ألحقناه بهم.
كثّفوا جهودكم ووجِّهوا أبصاركم وعقولكم لـ60% من الشعب، حقِّقوا العدل والكرامة الإنسانية لهم،
سينصلح حال البلد كلها، وتُحل عقدة الاستبداد التى تطبق على بلدنا.
انظر إلى حال الشعب -أىّ شعب- لكى تستطيع أن تحدد حاكمه، ومَن سيفرزه على قمة السلطة.
الإصلاح لن يأتى إلا من القاعدة، مجتمع قوى واعٍ، هو من سيجيىء بنظام عادل ديمقراطى.