مش حضرتك برضه اللى قاعدة قدام الفيلم بتتفرجى على مشهد حب لعبد الحليم حافظ ونادية لطفى،
ويمكن عينيكى بتدمع تأثرا بجماله؟
مش حضرتك برضه فى نفس الوقت اللى بتدورى ورا بنتك يمكن حد بعت لها جواب غرامى،
ولا حد بيكلمها فى التليفون؟
المنطقى، إن المشهد حلو. طيب ما تتمنى لبنتك تعيش مشهد زيه. ليه دايما مخوفاها وراعباها
ومحسساها إن هى الصيدة اللى فى البرية، والديابة واقفة مستنياها.
ليه ماتربيهاش على إنها مش أقل من كل الطبيعة اللى حواليها. فيه نمرة وفيه نمر. فيه لبؤة وفيه أسد.
وماشيين فى الغابة يتمختروا أهو من غير محرم. وبيصطادوا ويولدوا ويربوا ويعلموا الصيد، أحسن من الذكور.
معظم الثدييات كده، بس يهده الإنسان، قلب الموازين وفشل وماتعظش.
سيبيها تنزل وتزاحم وتخبط بكتفها وتتعلم.
لو إنها عايشة فى بيئة بتخلص أمورها بالمطاوى يبقى لازم تتعلم المهارات الخاصة بالمطاوى.
وأكيد هتكون أحكم فى استخدامها. لو عايشة فى بيئة متعلمين يبقى لازم تروح المدرسة.
لو عايشة فى بيئة شيالين لازم تتعلم تشيل. لازم تتعلم اللى يعيشها معتمدة على نفسها.
بعد كده اللى ييجى زيادة خير وبركة. لكن ماتجرديهاش من أسلحتها وبعدين تقولى لها الديابة هتاكلك. طبعا تاكلها.
هى لو فريسة تبقى الحكمة إنك تقويها ولا تضعفيها زيادة؟! إدينى عقلك.
فوق كل دا، فوق كل المهارات المهنية دى، البنت زى أخوها تمام، محتاجة تتعلم مهارات منافسة اجتماعية،
علشان لما تروح شغلها الكفاءة المهنية بتحتاج لكفاءة اجتماعية، لصلابة، لقدرة على الخربشة وتحمل الخربشة.
ومحتاجة كمان لثقة بالنفس. لواحدة بصت على المراية الصبح عجبتها نفسها، زى ما تكون،
لواحدة نازلة من بيتها حاسة بالأمان، مش بتتلفت حواليها وقرفانة من التحقير والاستهانة، وخايفة من التخويف،
وقلقانة من التحرش، ومشغولة بأحكام الناس عليها. يا شيخة دا لو جبل كان اتهد.
وبعدين انتى طول النهار مزهقانة شكوى من حياتك. وتيجى عايزة تربى البنت علشان تعيّشيها حياة زى حياتك.
بأمارة إيه؟! ما تسيبيها هى تجرب وتتعلم، ما يمكن تعيش حياة أفضل من اللى انتى عايشاها.
وغالبا هتعيش حياة أفضل من اللى انتى عايشاها بصراحة. ماتشغليهاش بتفاصيل تحسين ماضيك انتى،
سيبيها تشتغل على تفاصيل صناعة مستقبلها هى.
سيبيها من وهى صغيرة تختلط مع أولاد وبنات وتلعب معاهم وتكتشف شخصياتهم.
البنت زى أى طفل بيتولد خياله واسع. عايزة تعيش فوق القمر مافيش حدود.
وبعدين بمرور الزمن بتتعلم توطى سقف خيالها شوية. هى من نفسها بتتعلم زى ما كل الناس بتتعلم.
إنما احنا كآباء مش هانساعدهم أبدا لو اتطوعنا ووطينا سقف خيالهم للآخر. أحسن نسيبهم يحلموا.
ولو قدرنا نساعدهم على أحلامهم دى بخطوة بسيطة، فى قدرتنا، ناخدها، وإن ماقدرناش فعلى الأقل مانكسّرش مجاديفهم.
وظيفتنا نفتح لهم الشبابيك، مش نضيق لهم الحيطان وننزل لهم السقف لتحت. ونتحول إحنا نفسنا لعائق إضافى
لازم يتغلبوا عليه علشان يعيشوا حياتهم زى ما هم عايزين. لأ واللى يغيظك لو نجحوا بعدين نرجع نتباهى بيهم،
رغم إننا كنا مهبطينهم على طول. دى جريمة فى حق الطفولة. وأى مجتمع بينتشر فيه السلوك دا مجتمع لا ينظر إلى المستقبل،
مجتمع متبت فى الماضى، مجتمع أنانى، جيل الآباء فيه بيعبد صورته الذاتية،
مجتمع مغرور بذاته رغم فشله البادى.
خالد البرى