يبدو أن عصر الكُتب فى طريقه إلى الزوال، ومسلسل كهذا بألف كتاب .. حريم السلطان إن أردت أن تقرأ - دون استخدام كتاب - فى تاريخ الحقبة العثمانية الثرية بالمفاجآت
والانتصارات والمكائد والدسائس، وغيرة الحريم من سُكان القصور وأهلها،
أو من سُكان الحرملك ، أو أردت أن تقرأ – دون استخدام كتاب - عن الفتوحات العسكرية
ذات التخطيط المُذهل والنتائج الأكثر ذهولاً،
فعليك بمشاهدة مسلسل حريم السلطان بأجزائه الثلاث!
وإذا أردت أن تنظر وتتأمل فى مُتعة جغرافية السلطنة العثمانية، جبالها، وسهولها،
وصحراءها وقت أن كانت سلطنة لا تغرب عنها الشمس،
فعليك بمتابعة مسلسل حريم السلطان بأجزائه الثلاث!!
وإن أردت أن تتعرف على آخر حالات الإبداع الفنى فى التصوير، والمونتاج، والماكياج،
وفى كتابة السيناريو والحوار، والموسيقى التصويرية، وفى التمثيل، وفى دقة تحريك الكاميرات،
وفى الملابس التاريخية، وعلى العموم فى الإخراج، فعليك متابعة حلقات مسلسل حريم السُلطان
التى جاوزت حتى الآن أكثر من 200 حلقة، ورغم ذلك فكل من يشاهدها
لم يمل من التطويل فيها بل يطلب منها المزيد!!
وإذا أردت أن تعرف أن الإنسان – رجل أو أمرأة - هو الإنسان مهما كان الزمان
ومهما كان المكان، وأن تعرف أن السياسة هى السياسة فى أى مكان وزمان مهما كان وصف الحاكم
ووطنيته أو خيانته، أو أردت أن تتأكد أن تطلعات الشعوب لا، ولم، ولن تتوقف أبداً عند حدود
مُحددة منذ خلق الله تعالى الأرض ومن عليها إلى أن يرثها – عز وجل - بمن عليها،
أو أردت أن تعرف أن المعارضة هى هى المعارضة فى أى زمان ومكان ،
فأرجوك أن تتابع مسلسل حريم السُلطان ذلك المسلسل التركى!!
هذا عن المسلسل بشكل عام ،،،
أما السلطان "سُليمان" فهو البطل الرئيسى الذى تدور حوله وحول فترة حُكمه حلقات المسلسل،
فهو سُلطان مسلم سُنى عادل وحكيم، يحكم بما شرع الله ورسوله بحق وعدل،
وليس كما يُطلب الآن من أهل الحكم فى مصر عبر جماعة الإخوان المسلمين
أو عبر الجماعة السلفية!!
وهو عاشر سلاطين السلطنة العثمانية بعد أبوه السلطان سليم، وهو القائد المُظفر ا
لذى فتح الفتوحات لأهم بلدان أوربا وضمها إلى السلطنة العثمانية فى ذلك الحين،
وهو القائد المنتصر فى أصعب المعارك وأشرسها على أهم وأعظم قادة أوربا فى عهده،
وهو الذى عاش الفترة التى شهدت مع غيرها تطبيق الشريعة الإسلامية بشأن الآيات الكريمات
(وما ملكت إيمانكم) أو (ما ملكت أيمانكم) عندما كان للسلاطين والملوك (ملك يمين)
نتيجة لأسرى الحرب من النساء!!
وحيث إنه، ومن المؤكد أن تاريخ العرب على اتساعه، وتاريخ المُسلمين قبل وبعد الحقبة العثمانية
لا يخلو من بطل شبيه تمام الشبه بالسُلطان سليمان (القانونى) كما لقبه الأتراك،
بل ربما يزيده فى حكمته، وفى عدله، وفى حنكته السياسية والعسكرية، وفى حجم وقيمة انتصاراته
وفتوحاته الإسلامية، وفى تطبيقه للشريعة الإسلامية الحقة التى أنزلها الله "عز وجل"،
وأبلغنا "عز وجل" أنها شريعة الله التى تتناسب مع كل زمان، ومع كل مكان!!
وحيث إنه، ومن المؤكد أيضاً أن العرب – خاصة أهل الخليج – لديهم من الأموال
ما يُمكنهم ببساطة وسهولة من تمويل وإنتاج مسلسل لقائد عربى
بحجم السلطان سُليمان كمسلسل حريم السُلطان!!
وإن كان لدى العرب، ولدى المُسلمين الكثير والكثير من الأبطال والزعماء والقادة
الذين غيروا مجرى الحياة بتفوقهم الكيميائى أو الفيزيائى أو العسكرى،
أو فى الرياضيات، أو فى دهائهم السياسى!!
فأين لنا من (ممول) موهوب، ينفق بهذا السخاء، ليُخرج لنا مثل هذا المسلسل؟!
وإن كان الممول موجود ولكنه غير قادر على التمويل لأسباب اقتصادية تتفق مع العقل الاستثمارى،
فأين الحكومات العربية من هذا التمويل لتحقيق هذه الطفرات والعبقريات الفنية؟!
يبدو أن عصر الكُتب فى طريقه إلى الزوال، ومسلسل كهذا - وفق ظنى - بألف كتاب، بل بألفين!!
سعيد سالم