11.09.2013
نشوى الحوفى
ياه.. طيّب الله مقعد الست «يوريكو كويكى» وزيرة الدفاع اليابانية السابقة التى قدمت استقالتها من منصبها
-رغم كونها أول امرأة تشغل هذا المنصب- بعد ستة أشهر فقط من جلوسها على مقعد الوزارة.
كان السبب يا سادة هو وكيل وزارتها، منه لله، الذى تجرأ وتجاسر وضرب بالأخلاق الحميدة كل حائط
وقبل الحصول على مجموعة مضارب جولف كهدية من أحد المتعاملين مع الوزارة!! مضارب جولف!!!
بالطبع لا يعلم هذا الرجل مثلنا العظيم الذى يسير عليه السادة الفاسدون فى بلادنا مع تدرج المواقع التى يشغلونها:
«إن سرقت اسرق جمل»، فطالما نويت وعقدت النية على الفساد، بحبح يدك يا رجل. الشىء لزوم الشىء!
ولكن إذا كان وكيل الوزارة فعل هذا يا ست كويكى فما ذنبك أنت؟ تجيبك السيدة الرقيقة، التى تخرجت من كلية الآداب
جامعة القاهرة فى سبعينيات القرن الماضى، بأنها مسئولة كوزيرة عن أفعال الموظفين فى وزارتها وأنه لو كان يقدّر
حجم فعلته لما قبل مضارب الجولف!! تذكرت كويكى التى التقيتها عام 2008 فى القاهرة وحكايتها
وأنا أتابع أخبار ذلك القانون الجديد الذى كلفت الحكومة الحالية وزراء العدل والاستثمار والعدالة الانتقالية لإعداد مشروعه
تحت اسم «حماية تصرفات كبار المسئولين بالدولة التى تتم بحسن نية، ودون قصد جنائى»!!!
ووجدتنى أدعو عليهم دعاء من كشفت رأسها وتوجهت للسماء لتزيح عنا هذا العته المغولى.
فالقانون يا سادة لا يعرف حسن النية. بل إن الكلمة المأثورة لدينا فى مصر أن القانون لا يحمى المغفلين،
وبالتالى نفى القانون أى علاقة له بحسن النية لا من قريب ولا من بعيد. هيواى؟ لأنه وضع قواعد محددة للمواطن
والمسئول عليهما الالتزام بها وعلى المتسيب فى أى منها تحمل النتيجة. الأمر الآخر: هل هناك فى القرارات الحكومية
ما يُعرف باسم «حسن النية»؟ أم هناك إجراءات توضح كيفية التصرف فى العلاقات والتعاملات الاقتصادية والسياسية والقانونية؟
وأسأل السادة الأفاضل، الذين يبدو أنهم أقسموا على إصابة المصريين بالشلل الرعاش والبرى برى وتساقط الأسنان:
لماذا تفكرون فى حماية المسئول من قراراته التى يتخذها بحسن نية، ولا تفكرون فى مراجعة قوانين العمل ذاتها؟
لماذا لا تعلنون ثورة على البيروقراطية والروتين الذى يقيد المسئولين؟ لماذا لا تعلنون ثورة على «سيستم» ا
لعمل فى مؤسسات مصر؟ بلاه ذلك السؤال، لأنه يصعب عليكم إجابته، وأسالكم: هل يضمن هذا القانون الشفافية اللازمة
لمعرفة لماذا تم اختيار فلان ورفض فلان فى وظيفة ما أو عملية ما؟ طيب والله ما تزعلوا، هل يضمن هذا القانون
المساواة بين العاملين فى الدولة أمام القانون بمعنى أن حسن نية الغفير الحارس للمتحف المصرى
إذا نام وأهمل فى حماية الآثار تتساوى مع حسن نية الوزير الذى لم يراع قواعد عمله فى الوزارة ولم يتابع مرؤسيه؟
أم أن حسن نية الوزير ستكون بشرطة أما حسن نية الغفير فبلا أى شُرط؟ لم تتوقف غرابة الطرح القانونى لهذا المشروع
عند هذا الحد ولكنها تمتد لتبريرات حملها بيان الحكومة الصادر حول هذا القانون. فالحكومة الميمونة
ترى أن هدف القانون ليس إعفاء المسئولين من المسئولية، إطلاقاً يا جماعة.. فهدفه إزالة الخوف والقلق من نفوسهم
عند اتخاذ القرارات!!! يا نصيبتى! ولماذا نأتى فى الأصل بمسئولين مرتعشى الأيدى يشعرون بالخوف والقلق
عند اتخاذ قرار؟ فالمفترض فى أى مسئول امتلاكه الرؤية المصحوبة بجرأة وإرادة تحقيق المستهدَف، بالإضافة للخبرة
فى كيفية تحقيقه. رحم من قال إن الأيادى المرتعشة لن تقوى على البناء. وأزيد أن العقول المُغيّبة ستضل الطريق.