11.27.2013
محمود خليل
فى تقديرى أن العلة فى صدور «قانون التظاهر» لا ترتبط بمظاهرات الإخوان،
ولو تذكرت أن السلطة المؤقتة تعايشت مع هذه المظاهرات ثلاثة أشهر فى وقت كانت تفرض فيه قانون الطوارئ
وحظر التجول، ولو أنك صبرت بضعة أيام لتنظر كيف ستطبق السلطة بنود هذا القانون على مظاهرات الجماعة
فسوف تتأكد أكثر أن تصديق الرئيس المؤقت عليه لا يرتبط بمظاهرات الحوارى التى تقوم بها الجماعة،
بل هو ببساطة قانون موجه إلى الشعب المصرى، يحاول المشرع من خلاله تحضير العروس «مصر»
لليلتها الكبيرة مع «العريس» المنتظر، أقصد الرئيس القادم بالطبع. ودعنى أشرح لك كيف.
منذ يوم الجمعة 26/7/2013 منح هذا الشعب للفريق أول عبدالفتاح السيسى تفويضاً كاملاً غير منقوص
بمواجهة أى إرهاب حالى أو محتمل تمارسه جماعة الإخوان وذيولها.
بالأمس مر أربعة أشهر بالتمام والكمال على منح هذا التفويض. دعنى -بعد انقضاء هذه المدة-
أسألك: هل تستطيع أن تقول لى ماذا فعلت الحكومة بهذا التفويض؟ وهل كانت تحتاج أكثر من ذلك لمواجهة إرهاب الإخوان؟
هل تستوعب دلالة إحجام الحكومة حتى الآن عن إصدار قرار باعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية؟
كان الأولى بالحكومة أن تصدر هذا القرار وتستغل ما فى أيديها من مواد فى قانون العقوبات فى مواجهة الجماعة.
فى هذا السياق صدر قانون التظاهر ليكون أداة السلطة المؤقتة فى مواجهة الشعب، تلك هى النظرية.
ثم تعال نفكر معاً هل تعتقد أن ما يقوم به الإخوان حالياً مظاهرات حقيقية، تلك المظاهرات التى تضم عشرات
أو مئات داخل حارة أو زقاق أو شارع صغير أو قرية أو جامعة أو نجع فى أدغال مصر. هل هذه المظاهرات هى المشكلة؟
الكل يعلم أن تلك الجماعة نمت وترعرعت فى أحضان جهاز أمن الدولة أيام «المخلوع»، وهو يعلم عنها كل صغيرة وكبيرة،
ويعرف كيف يدير قياداتها، يمكن بسهولة أن تفهم مغزى ما أقول إذا استرجعت صورة «المعزول»
وهو يرتدى بدلة الحبس الاحتياطى البيضاء، وحكاية جلوس أحد ضباط أمن الدولة معه لمدة عشر دقائق أقنعه بعدها
بارتداء البدلة فامتثل، فى الوقت الذى رفض فيه أن يفعل ذلك أمام القاضى الذى يحاكمه. كيف لا ينجح أحد الضباط
المنتمين إلى الجهاز الذى ربى الإخوان على عينه فى إقناع المعزول بذلك؟!
صدور قانون التظاهر بصيغته التى قرأتها تعنى ببساطة أن السلطة المؤقتة قررت اعتبار المصريين شعباً إرهابياً غير مأمون الحركة،
حتى لو كان يتحرك من خلال موكب زفاف لـ«عروسة وعريس»، ففرض عليهم القانون أن يبلغوا القسم التابع لهم بـ«الزفة»
ويحصلوا على موافقة عليها.. الموافقة على قانون التظاهر قرار ساذج -هذا أقل ما يمكن أن أصفه به- ي
عبر عن ضحالة عقلية تسجل فى التاريخ، وهو قانون أصدرته سلطة
لست أدرى ماذا سوف تفعل إذا اضطرت إلى إخراج المصريين فى مظاهرات تأييد أو تفويض أو تكليف،
ولم تسأل نفسها: الوضع بالنسبة للباشمهندسين اللى حينزلوا حيكون إيه؟!