طرفة من روائع طرف النحو العربي أبطالها ثلاثة ؛ الكسائي رحمه الله عالم النحو واللغة المشهور ،
والقاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري تلميذ أبي حنيفة رحمه الله وناشر مذهبه الفقهي
وقاضي القضاة في زمن الرشيد ، والخليفة هارون الرشيد رحمه الله.
القـصـة:
اجتمع أبو يوسف والكسائي يوما عند الرشيد ، وكان أبو يوسف يرى أن علم الفقه أولى من علم النحو بالبحث والدراسة ،
وأن علم النحو لايستحق بذل الوقت في طلبه. فراح ينتقص من علم النحو أمام الكسائي.
فقال له الكسائي: أيها القاضي .. لو قدّمت لك رجلين ، وقلت لك: هذا قاتلُ غلامِك . وهذا قاتلٌ غلامَك. فأيهما تأخذ؟
الأول بالضم بدون تنوين (قاتلُ) لإضافته للاسم بعده (غلامِك) المجرور على أنه مضاف إليه....
فأي الرجلين سيأخذه القاضي بالعقوبة ويقيم عليه الحد؟
فقال أبو يوسف : آخذ الرجلين.
فقال الرشيد: بل تأخذ الأول لأنه قتل ، أما الآخر فإنه لم يقتل.
فعجب أبو يوسف ، فأفهمه الكسائي أن اسم الفاعل إذا أضيف إلى معموله (قاتلُ غلامِك) دل عل الماضي ؛
فهو قتل الغلام. أما إذا نوّن فنصب معموله على أنه مفعول به (قاتلٌ غلامَك) فإنه يفيد المستقبل ؛ أي أنه سيقتل.
فاعتذر أبو يوسف ، وأقر بجدوى علم النحو وعهد ألا ينتقص منه أبدا.
والآخر بتنوين الضم (قاتلٌ) وإعماله في الاسم بعده (غلامَـك) المنصوب على أنه مفعول به لاسم الفاعل.