لخص عم نجيب بن محفوظ حياتنا فى عبارة واحدة، فصارت عنواناً لمآسٍ عديدة نتعرض لها.
حقاً إن آفة حارتنا النسيان وأزيد عليه بأن آفة أهالينا «تكبير الدماغ» أو تصغيرها.. أى حسب الحالة.
بمنطق: «كله حيعدى بإذن الله»، و«ربنا يستر»، و«أكتر من كده وربنا بيزيح»، و«تبات نار تصبح رماد»،
و«قول يا باسط تلاقيها هاصت»، وفى وقت آخر ممكن استعمال عبارات أخرى معاكسة تماماً من عينة»،
«هى كبرت فى دماغى»، و«هى حبكت»، و«اللى أوله شرط أخره نور»، -وطبعاً النور المقصود فى المثل غير حزب النور
ابسلوتلى تماماً- لماذا كل تلك المقدمة؟ لأننا وبعد حالة من التأييد المُسلم به لمسودة الدستور النهائية التى صدرت منذ أيام قليلة
وتسلمها رئيس الجمهورية، وتناول على شرفها أعضاء الخمسين عشاءً فاخراً ضم شوربة وملوخية!!
اكتشفنا زيادة حرف الـ«ت» فى الديباجة الدستورية!!! فتحولت كلمة «حكمها» إلى كلمة «حكومتها» بقدرة قادر إذ فجأةً كدهو..
.والأدهى أن يخرج علينا رئيس اللجنة، عمك عمرو موسى، فيقول لك بالفم المليان وبعين قوية إن حكومتها هى حكمها!!!
يا نهار يا نهار، وهكذا سادت حالة من اللغط والقيل والقال وتم استباحة سيرة حرف الـــ«ت»، لعن الله شياطين الإنس والجن،
ولأننى يا سادة لست من المصابين بآفة النسيان كأهل حارتنا، ولا أعتبر نفسى ضمن نخبة ما تمت ولن تتم فيما يبدو لسنوات،
فإننى أعلن اعتراضى على الـ«ت» رغم أنف النور والظلام معاً، ومنطقى أننا سرنا سنوات وراء من حكموا مصر
ووضعوا دساتيرها، فكانت النتيجة أننا لبسنا فى أقرب حائط. بمنطق أن هذا ليس الدستور الأخير، وما زال العمر أمامنا لفعل ما نريد،
والورق ورقنا والسجلات سجلاتنا، فكان الرضا بالدستور عبادة!! فعلها «السادات» حينما استحدث كلمة مصر دولة إسلامية
وأن مصدر التشريع بها مبادئ الشريعة، وكأنها لم تكن إسلامية من قبل! ثم فعلها عام 1980 حينما عدل مادة صغيرة
-أد كدهو- منحت الرئيس الترشح بدون حدود! فلبسنا فى مبارك 30 سنة متواصلة بلا انقطاع،
ثم زاد طمعه فى الحكم المصرى، فأراد توريثه لفلذة كبده المحروس «جمال»، فعدل له المادة 76 سنة 2005
والشىء لزوم الشىء، فدخلت مصر مرحلة سن اليأس واضطربت كل هرموناتها، فدخلنا فى أحداث يناير 2011،
التى تلاعب فيها المجلس العسكرى، فأعلن تعطيل العمل بدستور 71، ثم استفتانا على عدة تعديلات كانت بها أمور كارثية
بررها بمنطق «نعم للاستقرار»، ولكنها ألبستنا بدورها فى الإخوان -وما أدراك ما الإخوان- الذين منحونا «مسلوق 2012»،
الشهير باسم دستور الإخوان روجوه للغلابة بمنطق «خللى العجلة تدور»!!! يا الله ما كل هذا السفه والعبث بالعقول؟
ربى لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، وهكذا يا سادة مرت كل الكوارث من منطلق «خللى الدنيا تمشى»
ولكنها لم تمشِ ولم تتحرك وخرجنا من «نقرة» لنقع فى «دحديرة» فإلخ إلخ.. . إذا كان ما قاله عمرو موسى صحيحاً
من أن حكومتها تعنى حكمها، فلنعد للفظ المتفق عليه ونحذف حرف التاء، حتى لا ندخل فى متاهات بتنا فى غنى عنها.
لا نعلم ما ستأتى به الأيام، والفطن من يأخذ حذره من البداية ولا يستهين بالعبارات والحروف، كفانا تساهلاً ونسياناً وتجاهلاً للبسطاء
وكأننا نملك مفاتيح الفهم وهم لا يعلمون. كفانا تعاملاً مع تجار دنيا ودين كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون.
أدعم دستور 2013 ولكن بدون تاء، لماذا تصرون أن تكون الموافقة عليه بغصة فى الحلق، ممزوجة بقلق على غد
بتنا نخشى مجيئه من كثرة ما مر علينا من نواح؟