09.18.2014
أصدر خادم الحرمين الشريفين، أمرا ملكيا بترميم الجامع الأزهر، بعد أن كان قد تكفلت تركيا بإعادة ترميمه وفرشه فى عام 2012،
إلا أن اندلاع ثورة 30 يونيو أوقفت العمل فى الجامع، ليصدر العاهل السعودى أمرا بترميمه.
وكشفت مشيخة الأزهر، فى يناير الماضى، عن تعاون مصرى سعودى لترميم الجامع الأزهر، وأجرت شركة عملاقة
فى مجال المقاولات والإنشاءات دراسة من قبل المجموعة لما يحتاجه الجامع من عمليات ترميم، لكنها لم تبدأ العمل حتى الآن.
وتعرض الأزهر، لعدة مراحل من تطوير وترميم على مدى تاريخه الذى يتخطى ألف عام، وفى البداية أنشأ الأزهر
فى (359-361 هجرية) (970~975م)، ويعتبر من أهم المساجد فى مصر وأشهرها فى العالم الإسلامى،
وهو جامع وجامعة منذ أكثر من ألف عام، بالرغم من أنه أنشئ لغرض نشر المذهب الشيعى عندما فتحت مصر
على يد جوهر الصقلى قائد المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر، إلا أنه حاليا يدرس الإسلام حسب المذهب السنى،
وبعدما أسس مدينة القاهرة شرع فى إنشاء الجامع الأزهر وأتمه فى شهر رمضان سنة 361 هجرية 972م،
فهو بذلك أول جامع أنشئ فى القاهرة وأقدم أثر فاطمى قائم بمصر.
واختلف المؤرخون فى أصل تسمية الجامع، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمنا بفاطمة الزهراء بنت الرسول وإشادة بذكراها،
واستغرق بناء الجامع عامين، وأقيمت أول صلاة جمعة فى 7 رمضان 361 هـ - 972م. وفى سنة 378 هـ - 988م
جعله الخليفة العزيز بالله جامعة يدرس فيها العلوم الباطنية الإسماعيلية للدارسين من إفريقيا وآسيا بالمجان،
وأوقف الفاطميون عليه الأحباش للإنفاق منها على فرشه وإنارته وتنظيفه وإمداده بالماء،
ورواتب الخطباء والمشرفين والأئمة والمدرسين والطلاب.
وشهد الأزهر أعمال ترميم فى العصر الحديث فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وتقريبا فى عام 1995
حيث بدأ مشروع ترميمه بتكلفة اجمالية قدرها 27 مليون جنيه. وكانت أعمدة المسجد وجدرانه تداعت فى أعقاب زلزال اكتوبر 1992،
وأعدت خطة لترميمه. إلا أنها تعطلت لأسباب عدة، إلى أن تولى الشيخ محمد سيد طنطاوى مشيخة الأزهر،
فأسند المشروع إلى جهاز تجديد أحياء القاهرة الفاطمية، وشمل تدعيم أساسات المسجد
باستخدام الخوازيق الأبرية التى زرعت تحت الأرض عند كل عمود.
وتعرض الجامع الأزهر، فى أيام وزارة فاروق حسنى فى نظام مبارك، إلى كارثة أثناء أعمال الترميم جعلت أحد خبراء اليونسكو
وضع تقريرا مخزيا عن ترميمه، جاء فيه كيف يمكننا رؤية المونة الأسمنتية تلطخ وجه الحجر،
كما أن طريقة تنظيف الأثر وإزالة الأوساخ العالقة حينها عن طريق البرى
برغم المحاذير الدولية لاستخدامه أدى إلى أضرار فادحة بمواد البناء التاريخية، والحجارة المستخدمة فى المبانى التارخية فى القاهرة
من الحجر الجيرى الذى يتم تهذيبه يدويا، ما أدى إلى أضرار فادحة فى واجهات الجامع الأزهر.
وأكد الدكتور سمير المعراج، مدير إدارة الجامع الأزهر شركة الأمن لتأمين المداخل، أن الخطة الجديدة الموضوعة للترميم
ستعيده إلى ما كان عليه، مشيرا إلى أن الجامع فى حاجة إلى ترميم موجها الشكر لخادم الحرمين الشريفين على قراره
بإعادة ترميم الجامع، لافتا إلى أن لجنة هندسية من خُبَراء بوزارة الإسكان لمتابعة تطوير الجامع الأزهر،
أما الجانب المعمارى فستتابعه وزارة الإسكان، وأيضًا فيما يختص بالطابع الأثرى
فستشارك وزارة الآثار؛ للحفاظ على الطابع الأثرى للمسجد.
ومع تعاقب الحكام على حكم مصر ظل الجامع الأزهر موضع رعاية ملوكها وسلاطينها وأمرائها، ما نجم عنه تغيير أكثر معالمه الفاطمية.
وأصبح بوضعه الحالى حصيلة إضافات من العمران ضمت إليه فى أزمان متتابعة.
وكانت مساحته وقت إنشائه تقترب من نصف مساحته الآن، عبارة عن صحن تطل عليه ثلاثة أروقة، أكبرها رواق القبلة.
وأضيفت مجموعة من الأروقة ومدارس ومحاريب ومآذن، غيرت من معالمه، عما كان عليه من قبل.
وأجرى "العزيز بالله بن المعز" أعمال تكميلية، وفى سنة 400هـ/1009م جدده "الحاكم بأمر الله الفاطمى"
وأوقف عليه عدة أوقاف، كما قام الخليفة "الآمر بأحكام الله" بعمل محراب للجامع من الخشب يعلوه كتابة بالخط الكوفى،
وأضاف الخليفة الفاطمى الحافظ لدين الله، فى الفترة من سنة 524 إلى سنة 544هـ/1129–1149 مساحة الأروقة،
وأنشأ قبة جصية منقوشة نقشا بارزا.
وفى العصر المملوكى عنى السلاطين المماليك به، بعدما كان مغلقا فى العصر الأيوبى فنجد أن الأمير "عز الدين أيدمر"
استأذن السلطان الظاهر بيبرس البندقدارى سنة 665هـ/1266م فى عمارته فأذن له، وجدد الجامع وإصلاحه بعد أن أصابه الإهمال،
واحتفل فيه بإقامة صلاة الجمعة فى يوم 18 ربيع الأول سنة 665 هـ/19 من نوفمبر 1266م.
وفى عهد السلطان المملوكى الناصر محمد بن قلاوون أنشأ الأمير علاء الدين طيبرس أمير الجيوش المدرسة الطيبرسية
سنة (709هـ - 1309م)، وألحقها بالجامع الأزهر. وأنشأ الأمير علاء الدين آقبغا سنة 740 هـ/1340م المدرسة الأقبغاوية
على يسار باب المزينين (الباب الرئيسى للجامع) وبها محراب بديع، و منارة رشيقة.
وأقام الأمير جوهر القنقبائى خازندار السلطان المملوكى الأشرف "برسباى" المدرسة الجوهرية فى الطرف الشرقى من الجامع،
وتضم أربعة إيوانات. أكبرها الإيوان الشرقى وبه محراب دقيق الصنع، وتعلو المدرسة قبة منقوشة.
إلا أن أهم عمارة كانت بالجامع هى التى قام بها السلطان قايتباى خلال سنوات حكمه،
وبدأت بهدم الباب بالجهة الشمالية الغربية للجامع، وأقام على يمينه سنة 873 هـ/1468م مئذنة رشيقة من أجمل مآذن القاهرة،
ثم بنى السلطان المملوكى قانصوه الغورى المئذنة ذات الرأسين، وهى أعلى مآذن الأزهر،
وتعتبر طرازا فريدا من المآذن بالعمارة المملوكية.
أما فى العصر العثمانى فنجد أن ولاة مصر فى ذلك الوقت قاموا بعدة أعمال، وأوقفوا عدة أوقاف وأقاموا عدة أروقة
وزوايا منها الرواق الحنفية وزاوية العميان ورواق الأتراك ورواق السليمانية ورواق الشوام.
إلا أن أكبر عمارة حدثت للجامع كانت فى عصر "عبد الرحمن كتخدا" سنة 1167هـ/ 1753م حيث زادت مساحة الجامع
مساحة كبيرة كما أنشأ به قبة وعمل به عدة أعمال كان منها عمل باب المزينين وهو الباب الرئيسى للجامع الحالى.
أيضا فى عصر محمد على باشا وأسرته، أنشأت تجديدات وإصلاحات بالجامع، أكبرها فى عهد الخديوى عباس حلمى الثانى
حيث أمر بإنشاء مكتبة للأزهر الشريف أودعت بها نفائس الكتب والمخطوطات العربية والإسلامية، كما جددت المدرسة الطيبرسية
فى شوال 1315 هـ/1897م. وأنشأ رواقًا جديدًا يسمى بالرواق العباسى نسبة إليه، وهو أكبر الأروقة.