وإليك (ن) أقول:
أنت فعلا لم تخدعى زوجك، ولم تزيفى له الماضى، ولم (تضربيه على أيده) حتى يختارك ويتزوجك،
لا أحد يستطيع لومك على أى من هذا، فزوجك كان موجودا شاهدا بعينه لكل ما كان يحدث يوما بيوم،
وطالما أنه ارتضى أن يتزوجك بمحض إرادته ورغبته، فليس له ولا لغيره أن يحاسبك عما مضى
فى الفترة التى سبقت ظهوره فى حياتك، وارتباطك الرسمى به،
حتى لو كان هذا الماضى غير صحيح أو غير مقبول بالنسبة للبعض،
ليس من حقه أن يلومك على وقت لم يكن له هو وجود فى حياتك فيه...اطمئنى من هذه الجهة،
لكن ترى ما الذى جعل زوجك يظل يفكر فى هذه القصة، ويتذكرها ويذكرك بها طوال الوقت؟... هناك احتمالان،
الأول أنه شخص غيور وشكاك بطبعه، وأنه كان سيفعل ذلك معك أو مع غيرك،
سواء كانت مرتبطة من قبل أو لا، هذا احتمال، وإن كنت لا أميل له، ولا أرجحة، لكنة احتمال،
والحل فى هذه الحالة أن تتعلمى كيفية التعايش مع شخصية من هذا النوع،
بأن تحاولى دائما ألا تدعى مجالا للشك أو للتساؤل فى تفاصيل حياتك أو تصرفاتك.
أما
الاحتمال الثانى _ والذى أعتقد أنه هو الصواب_ أن زوجك رجل طبيعى، يحبك فعلا،
ولكنه يشعر فى قرارة نفسه أن زوجته حبيبة قلبه لا تبادله نفس الشعور، وهو شعور قاتل لأى رجل
ولأى إنسان، خاصة لو كان يعتقد أن السبب وراء ذلك هو ظل شخص آخر،
لا زال يعيش بداخلك حتى وإن كان بعيدا عنك على أرض الواقع.. ضعى نفسك مكانه،
تخيلى نفسك فى موقفه، افترضى أنك أنت من تحبيه وتتمنين سعادته ورضاه،
وتبذلين ما فى وسعك لإرضائه، ومع هذا تشعرين بالصد من جانبه، أو بالتجاهل،
أو بعدم الاهتمام، أو حتى برد الفعل المصطنع والغير حقيقى.. كيف سيكون شعورك وقتها؟،
ألن تشعرى بالقهر والظلم والمرارة، عندما توقنين أنك عاجزة عن كسب قلب فارس أحلامك،
زوجك، حلالك ؟، وكيف سيكون تصرفك إذا عرفتى أنه يتصرف بهذا الشكل ليس لعيب فيكى،
أو نفورا منه تجاهك، ولكن لأن هناك أخرى تشغل قلبه وعقله، وتمنعه من أن يراكى
ويشعر بك ويتفاعل معك؟، ألن يكون ذلك دافعا كافيا للشك والريبة، والحصار والرقابة،
بل والتصرفات المجنونة أحيانا؟...هذا طبيعى، بل طبيعى جدا، فماذا تنتظرين من رجل
يشعر بأن زوجته لا تحبه، وأنها لا تزال متعلقة بغيره،غير ذلك؟.
ستقولين لى أنك حاولتى فعلا النسيان، وأنك تقاومين ذكرى هذا الشخص،
وأنك أخلصت بالفعل لزوجك منذ ارتباطكما، وأنه لم ولن يكون بينك وبين هذا الأول أى شىء مجددا،
سأقول لك أنى أصدقك، ولا أتهمك إطلاقا بالخيانة أو بالتلاعب والعياذ بالله، فأنا أعرف جيدا
أنك تريدين لحياتك أن تستقر، ولزواجك أن يستمر، ولابنتك أن تشب فى أسرة هادئة،
ولنفسك أن ترتاح وتسكن وتعيش الحاضر بدلا من هذا الماضى المؤلم المؤرق،
أعرف أنك تريدين كل هذا حقا، وأنك حاولتى وتحاولين، لكنى أعرف أيضا
أنك لم تنجحى حتى الآن، وأنك مهما تظاهرتى أمام زوجك وأمام الجميع
بأنك تخطيتى هذه المرحلة، إلا أن الحقيقة تظهر عليكى ولا محالة، خاصة وأنت مع زوجك،
هذه الأمور تحس، تصل إلى إدراكنا بدون كلام، يفهمها الإنسان من نظرة أو من لمحة
أو من نبرة صوت، وأنت بنفسك لم تنكرى ذلك، عندما قلتى أنك لا تحبين زوجك
كما أحببتى هذا الشخص الأول، بل وأنك لا تعتقدى أنه سيأتى اليوم الذى ستحبين فيه أى شخصا
إلى هذه الدرجة، إذا تلك هى الرسالة التى تصل زوجك ليل نهار، ومع كل محاولة منة لاستمالتك،
مع كل مرة يقترب فيها منك، مع كل كلمة حب (مزيفة) منك إليه، تلك هى الحقيقة
التى أصبح متأكدا منها يوما بعد يوم، مهما حاولتى أنت النفى أو الإنكار أو إبداء غير ذلك..
ما الحل إذا؟.. وهل هناك حل من الأساس؟...صدقينى.. أقسم لك أن هناك حل، وأن لم يكن هناك حل لكنت صارحتك وبمنتهى الأمانة،
لأنى لا أحب إهدار الطاقة والوقت والجهد فيما لا يفيد، لكن فى وضعك أنت هناك حل
، ولكنة سيتطلب منك بعض الجهد، والذى لن يزيد عن الجهد الذى تبذليه أنت بالفعل
فى مقاومة ذكرى هذا الشخص الأول، كل ما هنالك أننا سنقوم ب (إعادة توجيه) لهذا الجهد
، المطلوب منك أن تعطى لنفسك فرصة أن تحبى زوجك فعلا، أنت تعرفين مميزاته جيدا،
وترين صفاته الحلوة، ونقاط قوته، وتلمسين حبه لك وفرحته بك، ولكنك لا تشعرين بكل ذلك بقلبك،
أنت لا زلتى تغلفين قلبك بغلاف سميك يمنعه من الشعور بغير ذلك الشخص الأول،
تنتظرين أن يحبك زوجك بنفس الطريقة التى أحبك بها الأول، لا تقبلين منه إلا أن يقول لك نفس
ما كان يقوله الأول، لا تشعرين بالحب والحنان إلا إذا فعل معك تماما كما كان يفعل الأول
، باختصار لا تعتقدين أن هناك نماذج أو قوالب أخرى للحب غير ذلك الذى عرفتيه فى تجربتك الأولى،
وتلك هى مشكلة الحب الأول بصفة عامة، وهى أن الشخص يظل وقتا طويلا _وربما بقية حياته
_ يعتقد أنه لا حب إلا بطريقة فلان، لا مشاعر إلا كالتى كان يمنحها لى فلان، لا سعادة إلا كالتى
كان يحققها لى فلان.. وتضيع سنوات العمر وأوقاته الجميلة، ليفاجئ الإنسان
أنه كان مخطئا تماما، وأنه فوت على نفسه الكثير من فرص الحب الحقيقى.
يا حبيبتى كفاكى مقاومة لذكرى هذا الشخص، سواء كنتى ترينه أو لا _ وأنصحك طبعا
أن تتفادى وجودك معه فى مكان واحد مجددا_ فكما يقول العلماء (كل فعل له رد فعل مساو له
فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه).. بمعنى أنك كلما بذلتى من جهد لتمحى ذكرى هذا الشخص من قلبك،
وجدتى نفسك تتذكريه أكثر، وتستعيدى كلماته ومواقفه معك أكثر وأكثر، هذا ليس حلا،
الحل أن تتركى هذه المرحلة تمر بحلوها ومرها، سلمى بأنها جزء لن يتجزأ من تاريخك،
وأنه ليس عليكى محوها من ذاكرتك لأنك لن تستطيعى، كل ما عليكى
هو أن تتركيها وشأنها لتتنحى جانبا وتفسح مجالا لتجارب المستقبل.
عيشى مع زوجك، اشعرى به، تفاعلى معه، انظرى إلى عينيه لترى حبه لك، ولتمنحى نفسك فرصة
أن تحبيه أنت الأخرى، المسى خوفه عليكى، وفرحته بك، افسحى المجال لأن تستقبلى
منه كلماته الحلوة ولفتاته الرقيقة، كما كنتى تفعلى سابقا، امنحيه الفرصة لكى يؤثر فيكى،
ويترك فى قلبك علامة هو الآخر، أعطيه حقه فى أن تقدرى مشاعره، وتستمتعى بها،
وتحتاجين إليها، وتفتقديها، وتبادلية إياها تماما، كما كان يحدث من قبل.
أنت تماما كالطفل الذى شب فى هذه الدنيا وهو لا يأكل غير (المانجو)، فأحبها واستعذبها،
وتخيل أنه لا فاكهة ستعادلها جمالا ومتعة، ولما انتقل إلى حديقة أخرى ليس بها شجرة المانجو
حرم على نفسه تذوق أى نوع فاكهة آخر، ورفض الاستمتاع بأيها، اعتقادا منه أنه لا فاكهة
ولا متعة ولا سعادة بعد المانجو، وظل يعذب نفسه كل يوم وهو يتذكر طعم المانجو،
وكم كانت شهية ومشبعة، بدلا من أن يمنح نفسه الفرصة لأن يتذوق غيرها،
ويستمتع بها ويحبها... هل تعتقدين أنه يفعل الصواب؟.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]