شهرزاد Admin
عدد المساهمات : 5700 تاريخ التسجيل : 05/03/2013
| موضوع: كل أهل زمان يعيبون زمانهم، تلك سنة الأولين والآخرين السبت مارس 09, 2013 1:23 pm | |
| كل أهل زمان يعيبون زمانهم، تلك سنة الأولين والآخرين يقول الشاعر العظيم إيليا أبوماضى:
أيها الشاكى وما بك داء كن جميلاً ترى الوجود جميلا
ولما كان الزمن أحد أركان الوجود وهو جزء منه وما ينطبق على الكل ينطبق على الجزء، لذلك يمكننا أن نستبدل الوجود بالزمن فيصبح: كن جميلاً ترى الزمان جميلاً
أقول قولى هذا بعد أن أصبحنا جميعاً نعيب هذا الزمان ونعتبره زمناً قبيحاً، وإن لم نصرح بذلك، ولكن كثرة ترديدنا لمقولة الزمن الجميل التى نطلقها على الماضى تؤكد صدق هذا الحدس مع أنها ليست وجهة نظر أولادنا فهم على العكس منا يرون أن هذا العصر هو الجميل لأنه عصر الانطلاق وتقريب المسافات والسرعة فى كل شىء وهو ما لم نعتده فى بدايات حياتنا وعدم قدرتنا على التكيف السريع معه هو الذى يجعلنا ننكص بذاكرتنا إلى الماضى، وبالتالى وصفه بالجمال وكل الصفات الطيبة التى تختلف كثيراً عما لا نستطيع التعايش معه الآن، ولا شك أن اليوم أفضل وأجمل كثيراً من الأمس واقرأوا التاريخ جيداً لتعرفوا أن الزمن يتقدم بسرعة نحو الأفضل وقارنوا بين قاهرة اليوم وتلك التى كانت فى القرن التاسع عشر، حيث وصفها الدكتور حسين فوزى فى كتابه سندباد مصرى بأنها كانت شديدة القذارة مرتفعة، وأن كلابها السائمة كانت كثيرة والأوخام والطواعين كانت متقاربة الوقوع وكانت روائحها العفنة بحاجة إلى حرق الكثير من البخور والتطيب بالأعطار!!
وفى الثمانينات من القرن العشرين كنا إذا سافرنا إلى دولة عربية من دول البترول وجدنا خدمة الاتصالات السلكية واللاسلكية بها أكثر تقدماً منها عندنا فى مصر، وكنا نعتمد فى تواصلنا مع الأهل والأصدقاء على خدمة الرسائل السلحفية، أما اليوم فقد أصبح المقيم منا فى أمريكا على اتصال دائم طوال اليوم بذويه حتى ولو كانوا فى أصغر وأبعد نجع من نجوع مصر، فعلام نتباكى إذن؟
هل على زمن مضى بكل آلامه وصعوباته؟ أم على حاضر هنىء وملىء بالفرص الثمينة والمبهجة، ولكنها فقط للعاملين بجد واجتهاد وليست للنائمين فى العسل، وإن أوغلنا فى طريق البكاء المظلم على زمن لن يعود فسوف تفوتنا تلك الفرص وكل أهل زمان يعيبون زمانهم، تلك سنة الأولين والآخرين، ألم تر كيف قال أبو العلاء المعرى:
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
أليس صادقاً فيما قال؟
أراه كذلك
د. سمير محمد البهواشى | |
|