التفنن فى ابتكار ما يهدد أمن الناس وحياتهم!

Admin عدد المساهمات : 5700 تاريخ التسجيل : 05/03/2013

على نفسها جَنَت الجماعة!

15/3/2013

التفنن فى ابتكار ما يهدد أمن الناس وحياتهم! عبد التواب

أخطأت جماعة الإخوان خطأ تاريخيا يرتد مباشرة على تنظيمها وقياداته وكوادره ونشاطهم جميعا

عندما توهمت أن فى صالحها إعادة تفعيل المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية

التى تمنح الأفراد حق ما أُطلِق عليه صلاحيات الضبطية القضائية عند مشاهدة الجانى

متلبسا بجناية أو جنحة يجوز فيها الحبس الاحتياطى، وتخيلت الجماعة أن هذا النص،

حسب تأويلها، يتيح لها أن ترهب المعارضة خاصة فى ممارسة الاحتجاجات والتظاهرات،

ودون أن تتورط آلة التشريع الخاضعة لسيطرة الجماعة

فى فبركة قوانين يصعب عليها أن تتحمل وزرها.

وكما ترى، فإن الجماعة كعادتها لم تفهم النص ولا روحه، ولم تحسب حساباتها جيدا!

فقد شرحت التعليقات الأولى الناقدة لهذه التصورات المريبة أن المادة المشار إليها

لا تسمح لعدد من المواطنين أن يشكلوا فيما بينهم جماعة لضبط المجرمين فى حالة تلبس،

كما أن روح النصّ تستبعد أن يخطط البعض للقبض على أحد الجناة،

وإنما يُفهم منه أن المواطن يتصادف وجوده فى جوار المجرم

فى حالة التلبس التى هى مفاجئة لغير المجرم.

وهناك مآخذ أخرى عديدة يطول عرضها، ولكن الأهم أن عباقرة القانونيين فى الجماعة

لم ينتبهوا إلى أن تأوليهم المغرض لمعنى هذه المادة هو سلاح ذو حدين،

فإذا كانوا يريدون فرض القيود على المعارضة وإطلاق يد ميليشياتهم تحت غطاء من القانون،

فهى أيضا تجيز للمعارضين الاستناد على نفس التفسير للنص فى إلقاء القبض

على مرشد الجماعة وأعضاء مكتب الإرشاد وبقية القادة بتهمة الانتماء إلى تنظيم غير قانونى،

وإنشاء مقار علنية لهذا التنظيم بلا ترخيص، وأبسط دليل على ذلك اللافتات الصارخة المعلقة

على هذه المقار والتى تعلن عن هذا الوجود وهذا النشاط! كما يجوز أيضا إضافة

تهم أخرى كثيرة لهم منها التدخل السافر فى شؤون الحكم دون صفة قانونية

ومن غير تمثيل شرعى. ويمكن أن ينسحب هذا على قائمة طويلة من المتهمين تنزل إلى

مستوى مسؤولى الجماعة فى الأقاليم، فيتم القبض عليهم والمطالبة

بإغلاق هذه المقار غير القانونية التى تمارس نشاطها بلا ترخيص!

وما الذى يمنع بعض المعارضين أن يتوسعوا فى ممارسة ما تراه الجماعة حقا للأفراد؟

فقد يرى البعض وجوب القبض على رئيس الجمهورية وتسليمه إلى أقرب رجل

من رجال السلطة العامة والمطالبة بمحاكمته على حنثه باليمين وعدوانه على الدستور،

خاصة وقد تقاعست أجهزة الأمن وسلطات التحقيق والاتهام فى القيام بمسؤولياتها

فى مساءلته عما بدر منه. وقد يضيفون إلى الرئيس تهما أخرى تتعلق بعدوانه على السلطة القضائية،

على الأقل بعزله للنائب العام بغير السبل القانونية وتعيين نائب عام آخر ضد القواعد المفروضة،

وانتهاك القانون بتحصين هذه القرارات. بل إن مجرد سكوت الدكتور مرسى

على الحديث الدائر الآن على المادة 37 ومخاطر التأويلات التى تروجها الجماعة

قد يراه البعض مثار اتهام ضده عن تقاعسه عن حماية الأمن العام وأمن الأفراد! خاصة

أن أحد المحامين من التيارات الإسلامية المتحالفة مع جماعة الدكتور مرسى صرَّح

على التليفزيون أنهم سوف ينشئون «داخلية إسلامية» تكون مهمتها بسط الأمن

فى الشوارع والقبض على من سمَّاهم المجرمين والخارجين على القانون! وفى أريحية

منه تنمّ عن عدم الفهم لتبعات الفوضى والعنف قال إن القوى السياسية الأخرى

من حقها أيضا أن تنشئ داخلية خاصة بها «لتشاركنا فى منع الجرائم فى الشارع»!!

وهل يمكن فى هذا السياق الخارج عن العقل أن يتمسك العقلاء بأن لرئيس الجمهورية

قانونا خاصا وآليات أخرى للمساءلة؟ هل يمكن الإذعان للعقل والمنطق فى موضوع

ثم التسليم للا عقل واللا منطق فى سياق آخر؟ وألا يكون من دواعى الارتياب

أن يكون المطلوب فى الحالتين مما يحقق مصالح الجماعة وممثلها فى القصر الرئاسي؟

كما أن هناك عددا هائلا من المتهمين جرى تصوير جرائمهم بالصوت والصورة

ويمكن الاستدلال على عناوينهم لإلقاء القبض عليهم وتسليمهم للشرطة فى جرائم محاصرة

المحكمة الدستورية العليا ومنع قضاتها بالقوة من ممارسة عملهم والتطاول عليهم بالسباب

، ومع هؤلاء المتهمين القيادى الإخوانى البارز الذى جاهر بأن هذا الحصار مستمر

إلى حين الانتهاء من مهام حيوية للجماعة، وأيضا القبض على من اعتدوا على دار القضاء العالى

بالطوب والمولوتوف والشماريخ وحواجز المرور الحديدية، ولا تزال آثار عدوانهم الهمجى

باقية حتى الآن إذا ما أرادت جهات التحرى والتحقيق أن تبدأ عملها، وأيضا من حاصروا

مدينة الإنتاج الإعلامى واعتدوا على بعض العاملين فيها وعلى بعض الضيوف إلى حد

تحطيم السيارات والإرهاب بالمزيد، ومن اعتدوا على جريدتى الوفد والوطن،

وهناك أيضا المتهمون فى جريمة اعتقال وتعذيب واستنطاق المتظاهرين المسالمين

العزل أمام قصر الاتحادية، مع الأخذ فى الاعتبار أن التظاهر أمام الاتحادية فعل غير مُجَرَّم،

فهو ليس أرفع مقاما من البيت الأبيض و10 داوننج استريت، ثم أليس إعلان النية

فى إلقاء المتظاهرين فى النيل جريمة تستدعى أن يُلقى القبض على صاحبها؟

وأليس طمس هذه الجريمة جريمة أخرى عندما يدافع عنه البعض

دفاعا متهافتا بادعاء أن هذا القول يؤخذ فى سياق المجاز؟

ولك أن تتخيل الحرب الضروس التى سوف تشهدها البلاد بين «الداخليات»

المتصارعة المتصادمة فى الرؤى والمصالح والتى سوف يرى كل منها أن الأفضل له

أن يأخذ حقه بيده، وأن يعتبر دور الشرطة فى المقام الثانى بعد مبادراته هو!

ومن الوارد بشدة أن يجرى استغلال هذا المبدأ الخطير ممن هم خارج اللعبة السياسية!

فما الذى يمنع، مثلا، أن يلفق عدد من الأفراد لخصومهم تهما لجرائم مخلة بالآداب العامة،

فيقبض بعضهم على الضحية ويشهد الآخرون زورا بصحة الجريمة؟ فتتهدد العدالة

بسبب التهاون فى تغييب المعايير الدقيقة التى لم يصل إليها البشر إلا بعد المعاناة قرونا

حتى تتوفر شروط الاتهام وضوابط القبض وحقوق المتهم..إلخ إلخ، وكلها عوامل تعمل

دولة القانون على أن تتطور إلى الأفضل لا أن تنقلب إلى ما قبل العصر الحديث.

بل قد يرى البعض أن من حقهم أن يلقوا القبض بأنفسهم على عدد من رجال الشرطة المتهمين

بقتل المتظاهرين أو إصابتهم أو تعذيبهم أو إهانتهم والنيل من كرامتهم! وستكون المعضلة

إلى مَن يذهب مَن يأسرون رجال الشرطة المقبوض عليهم الذين يحظون بحماية من جهاز الشرطة

ومن وزير الداخلية بل من رئيس الجمهورية شخصيا؟ أم أن هناك نية فى تطوير الحقوق

الجديدة للمواطنين مستقبلا فيُضاف إليها حق الحبس وحق إنشاء زنازين قطاع خاص؟!

لا يجوز الاكتفاء بعد كل هذا بالسخرية من هذه الأفكار واعتبار أصحابها من المجانين،

كما لا يجوز أيضا الاكتفاء بوصمهم بالشرّ، بل بات من الضرورة الملِحّة التفكير الجدى

والعمل المجدى من أجل حماية البلاد بالتخلص من هذه الآلة الجهنمية الموهوبة

فى ابتكار مخاطر يومية تجاوزت العجز عن توفير الطعام والشراب

والوقود للشعب إلى التفنن فى ابتكار ما يهدد أمن الناس وحياتهم!

» خاطِبوا الناس على قدر عقولهم ..
» نقص 500 صنف يهدد حياة مرضى السكر والقلب والسرطان والأورام.. و"الصحة" تواجه الأزمة برفع الأسعار 25%
» كيف خسرنا الناس؟