الأحد، 10 فبراير 2013 - 12:01
جانب من الاشتباكات فى محيط الاتحادية
كتبت ريم عبد الحميد
قالت مجلة ويكلى ستاندرد الأمريكية، إنه بعد عامين من الإطاحة بالرئيس السابق حسنى مبارك
فى الثورة التى قامت فى يناير 2011، فإن مصر نفسها الآن تتعرض للإطاحة بها،
فقد أدى العنف السياسى إلى صراع بين جماعات مختلفة، الفوضويون ضد الإسلاميين،
رجال الشرطة ضد المحتجين، الرجال ضد النساء، وعشرات القتلى فى جميع أنحاء البلاد.
وتضيف المجلة، فى مقال تحت عنوان "مصر ضد نفسها: مجتمع على حافة الفوضى"،
أنه لو كانت الحكمة التقليدية التى يتمسك بها صناع القرار فى الغرب
هى أن مصر أكبر من أن تفشل، فإن الحقيقة المذهلة الآن هى أن البلاد وفقاً لمقاييس عديدة
بدأت تفشل بالفعل، أهمها التراجع الاقتصادى الحاد الذى تشهده البلاد وتعليق قرض صندوق النقد الدولى،
بسبب عدم الاستقرار السياسى.
ورغم ذلك، ترى المجلة الأمريكية الشهيرة أن هناك خبرا سارا لمصر، صحيح أنه بسيط
لكنه جدير بالذكر، حيث إن التوقعات بأن انهيار نظام مبارك سيسفر عنه ولادة خلافة جديدة
تديرها جماعة الإخوان المسلمين عالمياً، تمتد من شمال أفريقا إلى الخليج العربى كان مبالغ فيها،
فجماعة الإخوان التى بنت قاعدتها السياسية وانتظرت فى الظل منذ تأسيسها عام 1928
حتى وصلت إلى السلطة، تبين أنها غير قادرة حتى على حكم مصر.
فعلى العكس مما ذهب إليه العديد من الأكاديميين الغربيين، فإن الإخوان لم يفوزوا بالرئاسة
بسبب تاريخهم الطويل فى العمل على مستوى القاعدة، ونشاطهم الاجتماعى
أو تنظيمهم السياسى، ولكنهم وصلوا إلى حكم البلاد، لأن الآخرين
من العلمانيين والليبراليين لم يكونوا يتمتعون بالكفاءة.
وأكدت الصحيفة أن الفكرة المخيفة التى لا تزال تسيطر على بعض المراقبين الغربيين
بأن الإخوان يخططون لامتلاك عقول وقلوب ما يزيد عن مليار مسلم لا تنسجم مع الحقيقة،
فنموذج الإخوان المسلمين تحت رعاية محمد مرسى، تبين أنه ينتج الفقر والجوع وعدم الاستقرار
والصراعات الداخلية العنيفة، فمن فى الأمة الإسلامية سيسعى إلى التوحد تحت راية مثل هذه؟.
وتتابع الصحيفة قائلة، إن بعض صناع السياسة الأمريكية يريدون بشكل مفهوم
أن يتنصلوا من مصر، فالبيت الأبيض، وبعد أن وقف أوباما على الجانب الصحيح
من التاريخ وطالب برحيل مبارك، لم يضع سياسة تتناسب مع الظروف المتغيرة،
فمصر لم تعد أحد أعمدة الاستقرار فى المنطقة، بل يجب أن تستقر هى نفسها أولاً،
حيث يهدد مرسى الوضع الذى كانت عليه مصر فى المنطقة منذ توقيعها
معاهدة السلام مع إسرائيل، ودورها كمحور أساسى للمصالح الأمريكية فى المنطقة.
وتحدثت ويكلى ستاندر عن التصريحات "المعادية للسامية"، على حد وصفها، من جانب مرسى
ضد اليهود، والتى أثارت قلقا من احتمال أن تبحث الإدارة المصرية عن مخرج من عملية السلام،
وقالت إنه صحيح أن الإدارة الأمريكية اعتمدت على مرسى كصانع للسلام بعد دوره فى التوصل
إلى هدنة بين حماس وإسرائيل فى نوفمبر الماضى، لكن يبدو أن هذا كان نوعا من التمنى،
ولو لم يفعل مرسى المزيد لإغلاق أنفاق التهريب إلى غزة، فإن إسرائيل
ربما تعود إلى القطاع مرة أخرى.
من ناحية أخرى، تحدثت المجلة الأمريكية عن الانتقادات التى وجهها بعض أعضاء الكونجرس الأمريكى
لإدارة مرسى فى الآونة الأخيرة، ونقلت تصريح السيناتور جيم إنهوف الذى قال فيه إن مرسى
عدونا والجيش صديقنا. وحذرت المجلة من أن تأليب الجيش ومرسى ضد بعضهما البعض
سيوسع من الشق الموجود فى مصر التى طالما كانت فى حرب ضد نفسها، المسلمون ضد المسيحيين،
والنظام وأجهزته الأمنية ضد شعبه، والحضر ضد الريف، والعلمانيون ضد الإسلاميين،
والإخوان المسلمون ضد السلفيين.
وفيما يتعلق بالأزمة الراهنة التى تشهدها مصر، قالت الصحيفة، إن المعارضة تعتقد أن مرسى
لديه صلاحيات أكثر من اللازم، وجماعة الإخوان تعتقد أن المعارضة تريد أن تحصل،
من خلال الشارع، على السلطة التى لم تستطع الحصول عليها بالانتخابات.
وأكدت الصحيفة أن مرسى بذلك ليس المشكلة فى حد ذاتها، بل هو رئيس المشكلة
التى تتمثل فى المجتمع المصرى نفسه، فبعد عامين من الاضطراب، يظل السؤال: إلى أى مدى سيستمر هذا؟ هل ستنفجر مصر عند نقطة معينة؟ ولو كان الأمر هكذا، فما هى التداعيات؟.
وخلصت المجلة فى النهاية إلى القول، بأن المصريين أصبحوا يعتادون بشكل متزايد على العنف، والمشكلة لا تتعلق فقط بارتكاب أعمال العنف، ولكن هو أن الجميع يؤقلم نفسه تدريجياً على الفوضى والفشل على نطاق واسع.