شهرزاد Admin
عدد المساهمات : 5700 تاريخ التسجيل : 05/03/2013
| موضوع: (نسبية الأخلاق) ليست بالأمر البسيط. فهذا منبع السماحة فى التعامل ... الأحد مايو 12, 2013 11:25 pm | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] سأشدّ النقاش إلى طرفه فى البداية. تَخيَّلى رضيعًا يوشك أن يموت، وليس لدى والديه ما يطعمانه، وهما فى مكان مهجور ليس فيه إلا أسرة واحدة جارة لهما. لدى هذه الأسرة ما يطعم الطفل، لكنها تحتاج إلى خدمات «جنسية» من الأم والأب. شىء لا أخلاقى؟! حسنا. هذا هو المعروض. اختلف الأبوان. المعترض اعترض بوازع أخلاقى، «تجوع المرأة ولا تأكل من لحم ثدييها». والموافق وافق بوازع أخلاقى، «الطفل مسؤوليته وحياته أهم من أى شىء آخر». ما رأيك أنت؟! أيهما كان أقرب إلى الصواب من الآخر؟ أيهما كان «أكثر أخلاقية» من الآخر؟ أيهما كان أكثر «غيرية»، وأيهما أكثر اهتماما بصورة نفسه؟! هذا مثال متطرف، لتوضيح الفكرة. لكن الأمور تتدرج حتى يصعب الخيار، وحتى تلتبس الأخلاق العامة، بصورة الإنسانة أمام نفسها. بأى معنى؟ ٢ رجل وامرأة عاشا معا عشر سنوات. أصيب الرجل فى حادثة أقعدته، وجعلته عاجزا فى النصف الأسفل من جسده. القانون يتيح للمرأة أن تطلق منه وتتزوج غيره، أو طبعا أن تبقى معه. ويبدو للوهلة الأولى أن هذا الخيار غرضه إعطاء المرأة «حق الاختيار»، وبالتالى يحقق العدل. أى اختيار؟ الاختيار بين أن تبقى معه، وأن تتركه. ولكن لاحظى، فى كلتا الحالتين تلتزم بالإطار الأخلاقى للمجتمع، أى أن القانون والأحكام الشرعية ينظران إلى الموضوع من وجهة نظر المجتمع لا من وجهة نظر الفرد. هل هذا يجعل مزيدًا من البشر سعداء؟ لو «طلقته» فلا شك فى أنه سيكون أكثر تعاسة. سيتلقى سببا آخر من التعاسة بالإضافة إلى تعاسته «القدرية» الناتجة عن الحادثة. ولو عاشت معه فهناك احتمال أن تكون هى أتعس، على الأقل ستصير محرومة من متعة أساسية فى الدنيا. هذه وجهة نظر. وجهة النظر الأخرى أن الرجل سيكون «أسعد» ببقاء زوجته معه، أو سعيدا بالطلاق لأنها لم تخدعه. والمرأة سعيدة بأنها «أصيلة»، هكذا تعلمت، أقصد هكذا تعلمت كغرض من الدنيا، تحقيق «قيمة». فى مجتمع آخر قد تكون «القيمة» هى المتعة (تَذكَّرى هذا فى الخيار الثانى أدناه)، فى مجتمع ثالث فإن القيمة هى «السعادة». والمرأة نجحت ما دامت سعيدة على أى وضع. الأيام وحدها هى الفيصل هل ستكون سعيدة بهذا الخيار أم لا. لا أنا أعرف ولا أنت تعرفين. بمعنى، ينبغى أن لا نعمِّم أحكامنا الشخصية على غيرنا، فـ«الأخلاق نسبية». الخيار الثانى: أن تعيش معه وتكون على علاقة مع رجل غيره. هنا تبرز المعضلة الأخلاقية، رأى يقول إن الزوج سيصير أتعس لأن زوجته تخونه، ورأى يقول إنه سيكون سعيدا ببقاء زوجته معه، ومؤانسته فى وحشته، ورعايته فى مرضه. ونفس الرأيين بخصوص المرأة، من منظورها. ليس غرض هذا المقال الانتصار لرأى على آخر. ولكن فكرى فى الموضوع بالعكس. ماذا لو حدثت الحادثة للمرأة، واتخذ الزوج هذا الخيار؟ أعتقد أن حجم الإدانة الأخلاقية للزوج، لو وُجدت، سيكون أقل، بل إن المجتمع يتعاطف بداية -من غير حادثة- مع الرجل فيعطيه خيار التزوج بأخرى. ومرة أخرى لن أناقشك فى اختيارك، لكننى أصل الآن مرة أخرى إلى النقطة التى أريد أن أتحدث عنها. العبارة التى أريدها فى هذا المقال: «الأخلاق نسبية». الأخلاق كلمة نطلقها على تصرفات معينة. «س» عملٌ أخلاقى و«ص» غير أخلاقى، وهذا قصور فى التفكير، يُغفِل ضمن ما يُغفِل جانبًا آخر من الأخلاق. ما هو؟! النتائج التى أفضَت إليها. فى كل الأمثلة التى ضربتها فإن النتائج التى ستفضى إليها التصرفات مختلفة، تختلف باختلاف الفرد، وتختلف باختلاف المجتمع، وتختلف باختلاف وضع الفرد من حيث جنسه (رجل أم امرأة) فى هذا المجتمع، وتختلف حسب أهمية الفرد نفسه فى المجتمع، ومدى تركيز المجتمع عليه أو إهماله له. ليس هذا (نسبية الأخلاق) بالأمر البسيط. فهذا منبع السماحة فى التعامل، والسماحة منبع حلاوة المعشر لدى الأفراد، ومنبع التوافق المجتمعى لدى المجتمعات، بل شرطه الأساسى. خالد البرى | |
|