دفاع المُضْطَّر عن وزير الثقافة!

Admin عدد المساهمات : 5700 تاريخ التسجيل : 05/03/2013

17/5/2013

دفاع المُضْطَّر عن وزير الثقافة! عبد التواب

ليس دفاعا عن بقاء وزير الثقافة الجديد فى منصبه، بل اعتراضا على السلاح الذى يُستخدم ضده،

وتبيانا لخطورة تبنى بعض الليبراليين واليساريين لأفكار وأساليب التيارات الدينية المتشددة

التى تسعى لذبح الحرية الشخصية فى سبيل ما يعتبرونه حماية للأخلاق والقيم.

تعالوا نتابع تطور هذا السيناريو إذا عاند بعض المشاركين فيه بأن يستمر دورهم على ما هو عليه الآن

بإصرارهم على أن يُصوِّب قلب الهجوم على وزير الثقافة بسلاح شريط تسجيل، إذا صَحَّ مضمونه،

فهو يتضمن ما أسماه أصحاب الضربة «سقوطا أخلاقيا» للوزير، بسبب العبارات والألفاظ التى وصفوها

بأنها نابية وخارجة وبذيئة وفاحشة، وقد جرى تسجيلها له فى مكالمة خاصة مع إحدى الفتيات!

فهل كانوا سيرحبون به لمجرد أن يكون مهذبا حييا رقيقا متبتلا زاهدا؟!

وكان غريبا أن بعض المهاجمين من الليبراليين واليساريين فضلوا لأسباب تخصهم أن يلجأوا لهذا الأسلوب،

برغم أن كثيرين آخرين لديهم أدلة موضوعية بعضها يطعن بالدليل المُفحِم فى كفاءة الوزير

ويؤكد عدم جدارته لتولى المنصب الرفيع، لأن سابق خبراته لا يتضمن مؤشرات تشجع على نيله للمنصب،

بل على العكس، فهو قد عجز عن الترقى فى مجال التدريس والأكاديميا وتوقف فى السلم الوظيفى

عند درجة لا تتفق مع عمره لعدم تقدمه بأبحاث واجبة للترقى، ولا فى المجال الفنى الذى لم يقدم فيه عبر تاريخه المهنى

ما يلفت النظر، ثم إن تعيينه جاء بعد أن قدَّم علنا ما يثبت التزامه بتصورات الإخوان المسلمين وحلفائهم

فى هذه المرحلة، وأن وضعه على رأس وزارة شديدة الأهمية فى هذا الظرف السياسى يتسق مع مخطط الهيمنة

والتمكين الذى ينفذه الإخوان المسلمون على عَجَل، مع تأكيدات خطيرة على عدائهم

للفنون والآداب وكراهيتهم للفنانين والأدباء.

وهذه أسباب موضوعية لا تخترق خصوصيات الرجل وتحصر الخلاف الفكرى

والصراع السياسى فى حدوده العامة، كما أنها حجج كافية إما للضغط الذى يؤدى إلى تغيير الوزير

وإما أن يضع أصحاب القرار فى مأزق حاد أمام الرأى العام الذى تبين له أن قرار اختيار الوزير

أبعد ما يكون عن المصلحة العامة، بل هو ضد الأسس التى ينبغى أن يُختار الوزراء

والمسؤولون على أساسها. والمُرَجَّح أن ينزل الإخوان وحلفاؤهم، إذا كان لديهم مهارات سياسية،

عند رغبة المنضمين مؤخرا للتمسح فى «الأخلاق»، وأن يقيلوا الوزير، ويخرجوا فائزين بترسيخ أسس

هتك الحرية الشخصية وفضح الناس بمواقفهم الخاصة وخلط ما هو عام بما هو خاص بهدف الوصول

لأغراض عملية هى أبعد ما يكون عن الأخلاق المزعومة.

ولكن، كيف يقفز هؤلاء على مسائل شديدة الأهمية، مثل: كيف حصلوا على هذا الشريط؟

وبأية وسيلة؟ وما هو مبررهم القانوني؟ وكيف يفلت المتلصص بفعلته؟

وما هو، وأين، عقاب من قام بالتشهير؟ وألا يدركون حجم عدوانهم على تراث الحريات

الذى دفع فيه عبر أجيال خيرةُ أبناء هذا الوطن من دمائهم وأعمارهم؟

كيف يختلف المثقفون على أن ترسيخ مبدأ انتهاك الحرية الشخصية أخطر من بقاء وزير دون الكفاءة

فى حكومة فاشلة فى نظام حكم يرفضه الشعب ويثور ضده ويسعى جادا لتغييره بكل التضحيات؟

كما إن هذا يُفسد المعركة الموضوعية ضد الوزير وبدلا من استحضار عقل الأمة وضميرها يكون التورط

فى استفزاز البسطاء وتجييشهم واتخاذهم قوة ضاربة فى معركة كان على صفوة المثقفين أن يحسموها

بما يليق بهم، وهذا بالضبط ما تعتمده التيارات الدينية المتطرفة، كما أن هذا تفخيخ للمستقبل بزرع السموم،

كما أنه يصطدم مع شعارات الحرية التى نادت بها ثورة يناير والتى كان من واجب المثقفين أن يحولوها

إلى سلوك يُقتدى، بدلا من أن يدوسوها تحت غواية إمكانية الفوز السريع، مع الرغبة المستبدة فى تحطيم الخصم،

ولا اكتراث بما سيحيق بالفتاة البائسة التى أوقعها حظها التعس فى معركة يذبح فيها الخصوم بعضهم بعضا

، ولا يكترثون بذبحها فى طريقهم، ويتحللون من أن يترفقوا بها وأن يراعوا ما سوف يحيق بها!

الحريات حزمة شديدة الارتباط يشد بعضها بعضا، وإذا تهاون مجتمع فى واحدة منها

انفرط العقد وارتدت الأحوال إلى هاوية مخيفة.

وكما يطلب العقلاء توفير كل شروط المحاكمة العادلة للمتهم الذى يُضبط متلبسا، فمن الأولى التمسك بالحرية الشخصية

وتأصيلها ورعايتها وحمايتها لتنمو وتزدهر، وإتاحة التمتع بها للجميع حتى الخصوم.

وأما التفريط فى هذا المبدأ، وحرمان الخصوم من الاستفادة به، فسوف يرتد على الجميع،

وسوف يتحمل المسؤولية كل من شاركوا أو وافقوا أو صمتوا على هتك حرية الخصوم!

ولا يظن ظان أن هذه دعوة للتثبيط من عزيمة الداعين لتغيير الوزير،

بل هى مناداة للعمل الجاد على إقصائه، ولكن بسبل أخرى.

» سر علاقة وزير الثقافة بحماس!
» مذكرة لمراجعة التربية الفنية (الرسم -الثقافة الفنية) للصف الثالث الاعدادى ترم اول 2014
» وزير العدل يعترف: الإخوان جماعة غير مقننة