شهرزاد
Admin
عدد المساهمات : 5700
تاريخ التسجيل : 05/03/2013
 | | موضوع: تتطور المجتمعات عندما تعطى للمعرفة حقها الواجب من الاحترام والقداسة. الثلاثاء مايو 28, 2013 6:39 pm | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] عمرو حسنى الغرق فى مستنقع التعاسة إلى الأبد لا يحتاج إلا إلى وصفة بسيطة. استسلموا للأفكار التى أنتجتها العصور السابقة عليكم وطبقوها بحذافيرها. لا تحاولوا مناقشة الظروف الموضوعية التى أنتجتها. أغلقوا عقولكم بالضبة والمفتاح وتجاهلوا حقيقة أن السلوكيات لا تولد مع الإنسان ولا تنتقل إليه عن طريق الجينات. لا ذرة شك عندى فى أن الواحد منا يولد كعجينة لينة طيعة يصبها المجتمع فى قوالب نمطية ليصنع منها نماذج (من الجنسين)، تتبنى القيم الذكورية وتحمل مشاعر متناقضة تجاه الأنثى، تعج بثنائيات الشرف/الخطيئة، المتعة/الغواية، الجمال/العورة، الطهر/السحر، إلى آخر تلك المنظومة التى لا بد وأن تصل بنا إلى وضع المرأة فى خيمتين، إحداهما تحتويها خارجيا والأخرى تتلبسها داخليا. كما أنها لا بد وأن تؤدى أيضا إلى ختانها على مستويين، الأول مادى يبتر عضو المتعة الذى خلقها الله به، والثانى سيكولوجى يزرع فى عقلها الباطن منذ طفولتها أن المتعة الجنسية شىء يجب أن تخجل منه لكى يكتمل طهرها، هذا لأنها خُلقت لكى تمنح المتعة للرجل لا لكى تشاركه فيها! الرجل التَّعِس يعيش بهاجس دائم يهمس فى أذنه ويحفر فى عقله ليل نهار بأنه يجب أن يسهر على مراقبة المرأة لكى لا تنزلق فى بحار الخطيئة! مشكلة هذا الهاجس أنه يحمل فى طياته مغالطة ساطعة كالشمس تبدأ بافتراض أن الرجل منزه عن الخطأ، رغم أن ممارسة الخطيئة يلزمها رجل مثله، وتنتهى بأن دوره الطبيعى هو الإمساك بالعصا التى يهش بها على غنماته من الحريم! تتطور المجتمعات عندما تعطى للمعرفة حقها الواجب من الاحترام والقداسة. لكن الأمر يحتاج دائما إلى مهارة التناول والتشريح والفهم. محاولة الإطاحة الفجائية بالتابوهات الراسخة تزيد من عوامل مقاومة الناس للتغيير. تخيل أن وكالة «ناسا» طورت أقراصا بديلة للطعام لاستخدامها فى رحلاتها الفضائية المستقبلية للسفر عبر المجرة، وأن البشر يجب أن يعتادوا تناولها، لأن ذلك سيفيد البشرية فى رحلاتها الطويلة للهجرة من الأرض التى ضاقت عليها سبل الحياة. هل ستنجح «ناسا» بسهولة فى أن تقنع الأمريكيين باستخدام تلك الأقراص على الفور وهم فى بيوتهم والتخلى عن لذة الاستمتاع بتذوق الطعام الشهى التقليدى؟ بالطبع لا. مهما فعل العلماء وبذلوا من الجهد، لن يستسيغ غالبية الناس استخدام تلك الأقراص كبديل للطعام. لكن يمكن بالطبع تشجيعهم على تناولها على سبيل التجربة عندما يجعلها العلماء كبيرة الحجم فى البداية، وتحمل نكهات تشبه الأطعمة المألوفة التى يحبها الناس. الإسلام صنع مثل هذا، فلم يلغ عيوبا اجتماعية مثل العبودية تماما، لأن المجتمع وقتذاك لم يكن ليتحمل تلك الصدمة، والدليل أنه سمح بالتمتع بالسبايا وبالجوارى المشتراة بالمال فى نص قرآنى صريح يبيح للمؤمنين نكاح ما ملكت أيمانهم. لكنه وضع شرطا يحوّل الجارية إلى زوجة إن حملت ومنحت مالكها الأبناء. ذلك الشرط أعتقد جازما أنه كان مستلهما من قصة الظلم الذى وقع على الشاعر الفارس عنترة بن شداد ابن الجارية السوداء الذى مات قبل الهجرة بعقدين من الزمان، بعد أن انتزع من والده، سيد بنى عبس، اعترافه ببنوته بمشقة بالغة، وبدهاء وصبر حين ربط ذلك الاعتراف بإنقاذه لشرف قبيلته وانتصارها على أعدائها بحد سيفه البتار. ما صنعه الإسلام آنذاك يسمى بالحلول الوسط. إلغاء الرق كان مستحيلا فى ذلك الزمان، لكن رفع الظلم نسبيا كان ممكنا، خصوصا أنه تم باستلهام قصة عنترة المأساوية التى كانت معبرة وقريبة فى مكانها وزمن حدوثها ولم تسقط من ذاكرة الجماعة. القبائل العربية التى كانت تئد البنات باعتبارهن مدعاة للعار كان من الطبيعى أن تحرم المرأة من الميراث فى أبيها وزوجها، وأن تضمن لها ولأبنائها مجرد كفالة اجتماعية تتم فى كنف من يرثون من الذكور. هل كان يمكن للإسلام أن يتجاهل تلك الأعراف ويساوى بين الذكر والأنثى فى الميراث دون أن يثير ريبة غالبية الناس بالطبع لا. مرة أخرى كان الحل الوسط هو الخطوة الأولى التى تبدأ بمنح الأخت نصف ما يحصل عليه الأخ. تخيل الآن أن لك ابنة معاقة ذهنيا. هل من العدل أن تمنحها نصف ما يحصل عليه أخوها القوى النابه الذى يحترف مهنة تدر له دخلا ثابتا يكفيه هو وأسرته ويكفل له مراكمة مدخرات تؤمن له مستقبلا آمنا؟ أجب بنفسك. وحتى لو أصيب ذلك الأخ النابه ذو الرزق الوفير بعاهة تعيقه عن الكسب فهو فى هذه الحالة سيتساوى معها فى المصاب وفى المعاش المستحق. هذا سؤال واحد من بين آلاف الأسئلة التى نتجنب مواجهتها. الشر كل الشر فى إبطال العقل. المجتمعات التى تبرع فى صناعة التعاسة تعيش فى سعادة بلهاء زائفة كأنها شخص يستحم فى مستنقع آسن وهو يشعر أن الآخرين يحسدونه على استمتاعه بعطلة صيفية رائعة! | |
|
