06.28.2013
لا ينبغى أن يكون الهتاف ضد الدكتور مرسى فى المظاهرات المتفجرة بطول البلاد وعرضها
«إرحل»، كما حدث مع مبارك، لأن الأنسب والأصح فى هذه الحالة أن يُقال له «سَلِّمْ نفسَك»!
قال هذا بعض الظرفاء على الفيس بوك قبل أيام كنكتة، فى حين أن مضمونها هو أفضل تعبير جدى
عن آخر ما تَكَشّف وأثبته القضاء فى حالة الدكتور مرسى.
ذلك أنه التهمة علقت به فى قرار محكمة الإسماعيلية بإعادة قضية هروب سجناء وادى النطرون إ
لى النيابة لسماع أقوال المتهمين، وكان هو فى طليعتهم، بعد أن توفر للمحكمة أدلة كافية
تؤكد أنهم هربوا من السجن فى خطة فرار مسلح كانت ضالعة
فيها أطراف أجنبية مُدربة على الأعمال المسلحة.
ويؤكد رأى قانونى راجح وسط الفقهاء إنه بهذا قد أصبح منصب رئيس الجمهورية شاغراً،
لأنه يجب على الدكتور مرسى أن يستقيل فوراً احتراماً لقرار المحكمة ليمثل أمام النيابة
كمواطن عادى بعيداً عن أبهة وجلال المنصب الرفيع، وإلا كان لنفوذ المنصب تأثير حتمى على سير العدالة،
إن لم يكن بقرار منه، فمن المؤكد أن المسؤولين المنوط بهم توفير المعلومات للعدالة هم معاونوه
ومعاونو معاونيه، مما يكون له أثر سلبى على الاطمئنان إلى حسن تعاونهم مع القضاء.
وعموماً، فهذه قاعدة عامة يُفرَض بمقتضاها على من يخضع للتحقيق أن يترك وظيفته إذا كان لاستمراره
فيها شبهة تأثير على إجراء التحقيق، ويتصادف فى واقعتنا أن تكون الوظيفة هى «رئيس الجمهورية»،
وهذه إجراءات ديمقراطية سبق ممارستها فى دول أخرى، وإنْ كان لا يُستحب أن ننقل عن إسرائيل،
فقد فُرِضَ على الرئيس الإسرائيلى أن يستقيل لمجرد اتهامه فى واقعة تتعلق بسلوكه الشخصى.
ويقول أصحاب هذا الرأى إن الآلية التى تحكم مساءلة رئيس الجمهورية عن طريق البرلمان،
وهى التى يتمسك بها مؤيدو مرسى، هى بالقانون والعرف والمنطق تنحصر فقط فى تصرفاته
فيما يخصّ صلاحياته كرئيس، وهذا لا ينطبق فى حالة تهمة الهروب باستخدام السلاح من سجن وادى النطرون،
أولاً لانها سابقة على توليه المنصب، وثانياُ، لأن البداهة تقتضى الإقرار بوجوب أن تكون مساءلة الرئيس
كمواطن عادى فيما يخرج عن نطاق مسؤوليات منصبه. مثلاً، إذا رفعت زوجة رئيس الجمهورية،
أى رئيس جمهورية، ضده دعوى طلاق أو خُلع، فليس للبرلمان صلة بهذا النزاع،
وعلى رئيس الجمهورية أن يمثُل أمام النيابة والقضاء كمواطن عادى.
وكذلك لو رفعت مطلقة رئيس الجمهورية ضده دعوى نفقة أو حضانة أطفال..إلخ إلخ
وقد جاء حكم محكمة الإسماعيلية بهذا التفسير سلاحاً إضافياً للجماهير التى خرجت معلنة التمرد
والمطالبة بعزل الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ذلك لأن هذا الطرح يعفينا من الخوض
فيما يريد له البعض أن يكون سفسطة بلا نهاية حول ما يتوهمون أنه شرعية مقدسة للرئيس
تمتد 4 سنوات بغض النظر عما يلحق بالبلاد من خراب وكوارث من فشل إدارته.
ولعله من المفيد لحركة تمرد أن تضيف هذا البند وتركز عليه هذه الأيام، دون إلغاء خططها المعدة منذ شهور،
لأنه ينبغى استخدام كل الأسلحة، بما فيها سلاح التقاضى، وما يوفره القانون من إمكانات، برغم الإحباط
الذى مُنيت به الثورة فى الأحكام القضائية التى جاءت لصالح رموز النظام السابق لعدم توافر الأدلة.
وما أن يُجبَر الدكتور مرسى على الاستقالة والمثول أمام العدالة فى القضيتين المنفصلتين: الهروب والتخابر،
فإنه ينفتح أمام مسيرة الثورة مساران: الأول، الشروع فى تحريك الدعاوى القضائية الأخرى ضده،
مثل: حنثه باليمين، وعدوانه على الدستور الذى أقسم على احترامه والذى بمقتضاه تولى الحكم،
وعدم حمايته لأراضى الوطن، بل تهاونه فى حمايتها، بل تفريطه فيها، وتكييف التهم عن وعده للسوادان
بالتنازل عن حلايب وشلاتين، وعن تفكيره فى التنازل عن أراضٍ من سيناء لأبناء غزة وفق المخطط الإسرائيلى
الذى ينقذها من أزمتها الدولية بسبب جرائم استيلائها على أراضى الفلسطينيين!!
وهناك تهمة خطيرة أخرى تتعلق باحتضانه للإرهابيين إلى حد أن يَسمح لهم فى حضرته،
وأمام الرأى العام على الهواء فى التليفزيون، أن يُحرضوا ضد مذاهب وملل أخرى ويسبوهم فى خطاب كراهية
وحضَ على العنف، ويدعون عليهم، والحضور يهتفون من ورائهم «آمين»، والرئيس صامت
كالكاتب الجالس القرفصاء وكأنه يعطيهم خاتم التصديق الرئاسى على ما يذهبون إليه، وعندما يسفر
كل هذا عن قتلة بشعة لمواطنين كان التحريض الإجرامى ضدهم، لا يُبدى مرسى جدية فى التعامل مع الجريمة
غير المسبوقة التى تحمل فى طياتها رعباً حقيقياً ثقيلاً على مستقبل البلاد.
وبذلك ينفتح المسار الثانى، حيث يصبح إجراء الانتخابات المبكرة ميسوراً،
بينما مرسى يتابع الانتخابات من داخل محبسه دون حق المنافسة.