07.07.2013
خالد البرى
حين أتحدث إليك عن دولة المساواة، وأشدد على أهمية المساواة مع الإسلامجية وعدم إقصائهم،
فإن أول ما يتبادر إلى ذهنك أننى أريد «رفع المظالم» عنهم.
وأنا بالطبع أريد رفع المظالم عن أى مواطن وزائر فى مصر.
لكننى أحب أن ألفت نظرك إلى أن طريقة تفكيرك هذه مجرد نتيجة مباشرة لدعاية الإسلامجية.
أقصد أكثر من هذا. أشدد على أن نكون جميعًا مواطنين متساويى الحقوق والواجبات.
هذا يبدأ بأن نتوقف عن التعامل مع الإسلامجية كجماعات، وأن نتحول إلى التعامل معهم كأفراد،
لهم ما لنا وعليهم ما علينا. مَن يحرّض منهم على العنف يحاكم بالقانون،
تمامًا كما سيحدث معى لو حرّضت على أحد. مَن يسب منهم مواطنة أو مواطنًا يُحاكم بالقانون،
تمامًا كما سيحدث معى لو فعلت نفس الجرم. مَن يمد يده على زميلة أو زميل، جارة أو جار،
تاجرة أو تاجر، بدعوى تغيير المنكر أو بدعوى الحجز عن الشر، مَن يخرّب احتفالًا،
مَن يهدّد جيرانا، مَن يحرّض على مواطنين فى المساجد،
لا بد أن يُحاكم بالقانون، تمامًا كما سيحدث معى لو فعلت ذلك.
وفى نفس الوقت، يجب أن نتوقف عن تحميل كل فرد فى الجماعة أخطاء الجماعة.
بل نحمل الأفراد مسؤولية أعمالهم الفردية.
٢-
خليكى معايا شوية فى المثل دا.. الإسلامجية يقولون إن لديهم ٤ ملايين مؤيد. وربما أكثر.
كم عدد مَن دخل السجن من هؤلاء؟ كم نسبتهم؟ لو كان العدد ٤٠ ألفًا، وهو العدد الأكثر شيوعًا،
فإن هذا يعنى أن مَن دخلوا السجن منهم ١٪. هل فهمت ما أقصد؟ فكّرتى أن الفكر الجماعى
يعتمد على التضحية بنسبة خسارة معينة، تتحمل مصيرًا أقسى من غيرها. وتستخدم قصصهم
كواجهة اجتماعية لكى تشعر المجتمع كله بعقدة الذنب،
فيسهل التأثير عليه. وتتعاظم المكاسب على البقية.
مكاسب فى الحصول على أعمال فى دوائر عمل الإخوانجية، فى شركات الحاسبات،
فى المحال التجارية، فى الوظائف الحكومية التى يوجد فيها مسؤولون من الإخوان.
ومكاسب معنوية فى إمامة الناس فى المساجد، والقول المسموع فى مكان العمل،
والتعالى على الزميل المسيحى وقهره، والإحساس بأنهم موجهون للرأى العام. احسبيها
بهذا الشكل وستعلمين لماذا يلتحق أنصاف الموهوبين بتلك الجماعات. ستعرفين لماذا رأينا مستوى
«كفاءاتهم» متدنيًا إلى هذا الحد. لأنهم كاسبون. الأغلبية الكاسحة منهم مستفيدون
بالانضمام إلى الجماعة. لم يتعرضوا فى حياتهم لظلم،
ولا حتى لعدل. بل نالوا أكثر من قدراتهم.
وهذه المعاملة التفضيلية هى السبب فى انتمائهم إلى تلك الكيانات، لأن الإسلامجية فى الأغلبية الكاسحة
من الحالات ينجون بفعلتهم. ينجون بقمع جيرانهم. ينجون بالتقصير فى أعمالهم
بحجة الصلاة أو الصيام. ينجون بظلم طلابهم فى امتحانات الشفوى،
لأنهم على غير دينهم. وينجون بجهلهم. لاحظى. ينجون بعار الجهل.
إن هذا هو السبب الحقيقى لكره الإسلامجية لدولة القانون، لأنها ستنزع عنهم الميزات
التى يحصلون عليها فى دولة الشريعة وأى حاجة سخنة فى رغيف، فى مجتمع مقصوص ومتقيف
على قد معارفهم هم الضحلة القديمة، وأخلاقهم القبلية. لقد جاؤوا إلى السلطة.
هل رأيتهم حاسبوا شخصًا واحدًا منهم؟ على سوء أدب أو على جريمة؟ هل رأيتهم ينتقدون
أفعال رئيسهم رغم أنها شبيهة تمامًا -حين تكون جيدة- بأفعال مبارك، أما أفعاله السيئة
فتشبه أفعال نيرون وراسبوتين؟ لا، لأنهم يشعرون فى قرارة أنفسهم أنهم فوق المحاسبة.
كبلطجية يحميهم أكبر فتوة فى المنطقة.
دعينا نغيّر هذه المعادلة. لن نظلم أحدًا. لا واحدًا فى المئة ولا نصفًا فى المئة.
لكننا لن نتهاون مع أحد أيضًا. كان هذا أنا أو أنت أو هو أو هى. كان هذا الـ١٪ الذين فى المقدمة
من جماعات العنف، أو الـ٩٩٪ ممن يهتفون لهم وينشرون أفكارهم. لن نظلمهم. ولن نميّزهم أيضًا.
لن نغذّى نزعتهم الاستعلائية، المبطنة والظاهرة، تلك النزعة التى تجعلهم يظنون أنهم أفضل من غيرهم،
وأن ما يسرى على غيرهم لا يسرى عليهم.
مساواة وعدل. لا أكثر ولا أقل.