07.12.2013
مساء الاثنين الماضى صدر الإعلان الدستورى الذى ينظم المرحلة الانتقالية التى نعيشها الآن،
وقد جاء هذا الإعلان وما تلاه من تكليف الدكتور حازم الببلاوى برئاسة الوزارة
كوسيلة لقطع الطريق على الطرف الآخر حتى لا تعود العجلة إلى الوراء.
بعبارة أخرى، فإن الخطوات التى اتُّخذت كان التعجيل بها بغرض تثبيط همم الطرف الآخر وإحباطه،
حتى يدرك أن محمد مرسى أصبح من الماضى.
والإعلان الحالى مواده 33 مادة، وهو فى هذا الشأن يبلع تقريباً نصف عدد مواد إعلان 30 مارس 2011،
والبالغ عدد مواده 63 مادة. ويشترك الإعلانان فى عدم استفتاء الشعب عليهما،
لكن إعلان 30 مارس 2011 وُضع فيه نحو 10 مواد استُفتى الشعب عليها يوم 19 مارس 2011.
وقد عالجت نصف مواد إعلان 30 مارس أموراً تتعلق بحقوق الإنسان والحريات العامة،
بينما كانت باقى مواد الإعلان تخص أموراً تتعلق بسلطات المجلس الأعلى للقوات المسلحة،
ومجلس الوزراء، وانتخاب رئيس الجمهورية وانتخاب البرلمان ووضع الدستور.
هنا يتباين الإعلان الحالى عن السابق.
ويرتبط الإعلان الحالى بسمة غير موجودة فى الإعلان السابق، وهى أنه وضع توقيتات محددة
للفترة الانتقالية التى نحن بصددها، وهو أمر لم يفلح الإعلان الأول فى ذكرها، مما أدى إلى
إطالة الفترة الانتقالية، ناهيك عن وسمها بالعشوائية والارتجال بسبب أحداث العنف
فى تلك الفترة، والتى جعلت «العسكرى» يرفض التنازل عن ترك الدولة بدون تنظيم،
اللهم إلا بعد أحداث 18 نوفمبر 2011 الدامية فى ميدان التحرير،
وما أعقبها من أحداث مجلس الوزراء وشارع محمد محمود بعدة أيام،
حيث أُجبر على تحديد موعد للانتخابات الرئاسية وقتئذ.
السمة الأخرى غير الموجودة فى الإعلان الحالى، هى أنه يخلو بشكل كامل من أى سلطة للمؤسسة العسكرية،
بمعنى أنه خلال الفترة الانتقالية تحكم مصر بحكم مدنى غير منتخب، وهو أمر يختلف عن
الإعلان الأول الذى مُنح فيه الجيش صلاحيات كبيرة، لكنه تشابه معه
فى انتقال السلطة التشريعية للبرلمان فور انتخابه. وعلى عكس إعلان 30 مارس
عرف إعلان 8 يوليو 2013 تراتبية مهمة لطبيعة المرحلة الانتقالية؛ إذ يعد الدستور
ثم تبدأ الانتخابات البرلمانية، ثم تأتى الانتخابات الرئاسية. وهذا الأمر على عكس
إعلان 30 مارس الذى جاء بالدستور عقب الانتخابات البرلمانية عبر ما سُمى وقتئذ بلجنة الـ100.
الأمر المهم أيضاً أن الإعلان الدستورى الحالى وضع لجنتين لوضع أو تنقيح الدستور،
على عكس إعلان 30 مارس 2011، لجنة قانونية مؤلفة من قضاة بحكم وظائفهم،
ولجنة أخرى من 50 عضواً ممثلة لكل فئات المجتمع. وهنا يتضح الخلاف مع الإعلان الأول
الذى أكد على لجنة واحدة لوضع الدستور. وبالنسبة للجنتين المنصوص عليهما فى الإعلان الأخير
، فإن اللجنة القانونية تحدد المواد المعدلة ثم ترسل مقترحاتها إلى اللجنة الثانية
الممثلة لفئات المجتمع لتمارس عملها. وهذا الأمر يبدو عكس منطق الأمور،
فالصحيح هو أن اللجنة الأولى كان يجب أن تكون هى التى تصيغ ما تنتجه اللجنة الثانية.
بعبارة أخرى، فإن خبراء القانون فى اللجنة الأولى لا يدرون وحدهم ما هو صالح المجتمع من طالحه،
هم يُفترض فيهم الحرفية الشديدة التى تمكنهم من صياغة المواد التى ستعدلها اللجنة الثانية.
هنا يمكن أن نتكهن بسبب هذا الوضع المعكوس برغبة السلطة
فى تحجيم عمل اللجنة الثانية (لجنة الـ50)،
وتحديد مهامها فى النظر فى مواد معينة دون غيرها.
الأمر الآخر الذى يدعو للغرابة هو أن اللجنة الأولى المحدد تشكيلها من خلال القضاة بحكم وظائفهم،
يقابلها لجنة الـ50، وتلك اللجنة لم يحدد الإعلان كيفية تشكيلها، إذ إنه حدد الفئات
التى ستتشكل منها، دون تحديد سبل الاختيار بشكل واضح لا لبس فيه، الأمر الذى قد يعيدنا
للتجربة الماضية، من حيث أسس الاختيار، ومن ثم إمكانية الطعن على أعمال اللجنة بسبب عدم تمثيلها.
على أن ما يُحمد لإعلان 8 يوليو 2013 هو أنه حدد بشكل شبه مؤكد توقيت الفترة الانتقالية،
وذلك بنحو 9 أشهر ونصف الشهر. ونقول بشكل شبه مؤكد وليس مؤكداً، لأنه حدد كل المراحل
باستثناء الفترة التى تستغرقها الانتخابات الرئاسية، وهى الحلقة الأخيرة فى سلسلة الفترة الانتقالية.
فهناك بداية 15 يوماً لتشكيل اللجنة الأولى، ثم شهر لتنتهى من عملها وحدد
ما ستعمل فيه اللجنة الثانية، وهناك بعد ذلك 60 يوماً حتى تنتهى لجنة الـ50 من عملها،
بعد ذلك يكون هناك حوار مجتمعى واستفتاء على عمل اللجنة الثانية لمدة 30 يوماً.
بعدئذ يُدعى للانتخابات البرلمانية خلال 5 أيام من الاستفتاء، وتستمر الانتخابات فى فترة
تتراوح ما بين 30 و60 يوماً. وبعد أن تعلن نتائج تلك الانتخابات بأسبوع تبدأ الدعوة
لانتخابات الرئاسة، وتجرى الانتخابات الرئاسية فى الأسابيع التالية. هذه هى الخطوات
بشكل منطقى ومتسلسل. المهم أنه يأمل فى الأسابيع القادمة أن تسير الأمور على النحو
الذى يحقق هذا المخطط. هناك بالفعل أخطاء فى الإعلان الدستورى الحالى، ل
كن من المهم الإشارة لعدم المبالغة فى تلك الأخطاء من الكافة، لأن تلك الفترة محدودة بحكم الزمن.
ما يحمد لإعلان 8 يوليو 2013 هو أنه حدد بشكل شبه مؤكد توقيت الفترة الانتقالية،
وذلك بنحو 9 أشهر ونصف الشهر. ونقول بشكل شبه مؤكد وليس مؤكداً،
لأنه حدد كل المراحل باستثناء الفترة التى تستغرقها الانتخابات الرئاسية،
وهى الحلقة الأخيرة فى سلسلة الفترة الانتقالية