07.28.2013
أنزلت جميع القوى السياسية صراعاتها إلى الشارع وحشدت الملايين حشداً إلى الميادين والطرقات..
مليونيات متشاكسة.. وحصارات متباينة.. وخطاب متشدد فى كل تيار تجاه الآخر..
هؤلاء فى رابعة.. وهؤلاء فى التحرير.. تكفير سياسى ودينى.. تهديد ووعيد من كل فريق للآخر..
عداء سافر.. تخطيط من كل طرف للإيقاع بالآخر.. كان العقلاء يحذرون من حرب أهلية..
كان البعض يرد بأن ذلك لن يحدث فى مصر بلد الأمن والأمان..
ولكن الحرب الأهلية قد بدأت نذرها وشؤمها.. حرب كاملة فى سيناء..
صواريخ «جراد» تطلق على الجنود المصريين
فى الوقت الذى ينعم فيه الإسرائيليون بالهدوء ويضحكون من عقول المصريين وسذاجتهم..
هؤلاء يقتلون جيشهم وشرطتهم بأيديهم.. وهناك دماء عند الحرس الجمهورى..
الجندى المصرى يقتل أخاه المدنى.. أو يقتل منه.. تمتزج الدماء.. تختلط الجراح..
يشتبك متظاهرو رابعة مع متظاهرى التحرير وكأنهم فى معركة مقدسة..
هؤلاء يعتبرون أن من مات من أجل الشرعية فهو شهيد.. وهؤلاء يعتبرون أن من مات
من أجل إزاحة الإخوان فهو شهيد.. يوزعون أنواط الجنة على أتباعهم لحثهم
على التفانى فى ضرب الآخرين.. هذا الشباب هو الوقود لمعارك الكبار الذين لا تهمهم
إراقة دماء الشباب الطاهر من الفريقين.. كل ذلك من أجل كراسى زائلة وأمجاد واهية
ومشاريع دنيوية ولكن بنكهات أيديولوجية أو فلسفية.. لا أحد من الطرفين يريد أن يتنازل لأخيه..
كلاهما يريد أن يلعب دور «قابيل» إن استطاع فإن لم يستطع فليكن «هابيل»..
فذلك أفضل لقادته من أن يتنازلوا حقناً لدماء «هابيل».. لا يهم الساسة والقادة والزعماء الكبار
المتصارعين على كراسى الحكم أن يتحول الشعب المصرى إلى «قابيل وهابيل».
ما قيمة الجاه إذا صنع على آهات المعذبين.. وأى نشوة للكرسى إذا استقر على جراح المجروحين
ودموع الأمهات الثكالى وزفرات اليتامى من الأطفال..
أى فرحة لمن يجلس على سدة الحكم وقد أبكى أمة أو أحزن شعباً أو أتعس عشرات الآلاف.
لماذا تسكت الشرطة عن البلطجية الذين يقتلون الشباب المتدين فى رابعة العدوية
وعند القائد إبراهيم بالرصاص الحى.. لماذا تتركهم يفلتون بجرائمهم؟
لماذا لا تحمى مؤسسات الدولة الشباب المتدين فى رابعة العدوية والقائد إبراهيم من عدوان البلطجية
كما تحمى الشباب فى التحرير وغيره.. نريد حياد مؤسسات الدولة..
نريد أن يتسع قلب الحكام الجدد للجميع.. ولا نكون مثل الأمم التى تحدث عنها القرآن
«كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا».. ونحن كلما حكم فصيل لعن الآخر وأقصى الآخر ودمر الآخر.
إننى اليوم أشك أن الديمقراطية ستصلح فى مصر، خاصة فى هذا الوقت الراهن..
إننا نزرعها فى غير أرضها.. إننا نزرعها فى الصخور الصماء..
نريد أن نزرع ديمقراطية فى شعب يحمل أغلبنا فى نفسه «فرعوناً صغيراً»..
يقصى كل من ينافسه.. ويرفض المشاركة ويهوى المغالبة.. كلنا فيما يبدو فراعنة صغار..
كل حسب قدره.. بدءاً من الطفل الصغير الذى يضرب أقرانه ويستولى على ألعابهم بالقوة..
حتى الرؤساء والقادة فى كل المؤسسات.. وبدءاً من الخفير والجندى وحتى اللواء..
وبدءاً من الشاب الصغير فى الحركة الإسلامية الذى لا يقبل أى رأى يخالف رأيه
وانتهاءً بالقائد الكبير الذى يخون ويفسق كل من يخالفه.
ما زال أمامنا الكثير لنعيش بحق معانى الديمقراطية والتعايش السلمى..
فمصر فيها أكثر من 45 مليون أمى.. وأقل من هذ ا العدد بقليل تحت خط الفقر
ويمكن أن يبيع نفسه لمن يدفع.
نحن الآن فى أتون الحرب الأهلية.. متفجرات فى الأقسام.. وحرب ميادين وحصار للمؤسسات
وقتل وجرح لمن يحاصرها.. مع نوبات انفلات عقلى وفكرى وعاطفى..
فهل قامت ثورة 25 يناير لنصل إلى هذا المأزق الخطير من «اللبننة» و«الصوملة».
اللهم الطف بمصر وبنا وارحمنا فى هذه الأيام المباركة التى يفخر البعض فيها بقتل الآخر
بدلاً من أن يفخر فى شهر رمضان المعظم بحب الآخرين وإكرامهم وإسعادهم.