07.31.2013
محمد طعيمه
«اشتغلوا.. وماحدش هايتعرض لكم»، أمر السادات قيادات الإخوان.
السادات حدد بوصلته، أمريكيا، ويريد داعما داخليا لتحوله، فاقترح عثمان إسماعيل
إطلاق الإخوان على التيارات الوطنية بالجامعة، وبالفضاء العام. تم الاتفاق،
المشكلة أنه لم يكن للإخوان كوادر بالجامعة.. فكان «الاستجلاب» من الجماعة الإسلامية.
فى بنية جماعة البنا، لا تصل لدرجة «الأخ» قبل تراتبية محددة، قفز المستجلَبون لـ«الأخ» مباشرة.
هذه هى مشكلتهم مع القيادات حتى الآن، رغم دور المستجلَبين فى ضرب التيارات الوطنية،
فخلال سنوات سيطروا على اتحادات الطلبة. أبو العلا ماضى، يروى كيف اعترض السادات
على رئاسته لاتحاد الجمهورية، عام 1978، ثم الاتفاق على محمود الدكش، المتعاطف مع الإخوان،
رئيسا، وأبو العلا نائبا له. فى العام السابق، كان عبد المنعم أبو الفتوح، المستجلَب أيضا،
رئيسا لاتحاد القاهرة، خلفا لحمدين صباحى.
بعد الجامعة، طرحهم «المجمع الأمنى الإقليمى»، وجوها لـ«الإسلاميين»،
ودعم هيمنتهم على النقابات، ليؤسسوا هيئات الإغاثة كـ«ذراع لوجيستية»، لتنظيمهم الدولى.
هكذا تحركوا، صدفة!، تحت سقف «سى آى إيه»، من أفغانستان للبونسة، ثم ليبيا وسوريا،
وفى غزة برعاية فرعها بالدوحة. غير أن دورهم الأهم كان اختراق كفايه، والحراك الشعبى.
ورغم أن الثابت تاريخيا، أن البنّاوية، والسادات، كانوا ضمن صفقة ثعلب المخابرات السعودى،
كمال أدهم، لترسيخ الأمركة. «لوّن» أبو الفتوح تاريخه، بجرأة، نافيا الصفقة، فى كتابه
(شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية)، متفاخرا بما سماه «مواجهة السادات».
التوقيت: نهاية يناير 1977، السادات يخطب بقيادات الطلبة بعد «انتفاضة الحرامية».
يتحدث أبو الفتوح: «أؤيد حضرتك تماما»، المتظاهرون «شرذمة وقحة، ومجموعة شيوعيين».
بينهم كان أمين إسكندر، وعبد الله السناوى، وجمال فهمى، وصفوت حاتم، هاربين.
وبالمعتقل: أحمد الجمال، وسيد عبد الغنى، وحسين معلوم،
وحمدى ياسين، نائب رئيس مجلس الدولة الآن.
بدا أبو الفتوح كـ«سِن فى تِرس»، يشكو منع «شيخه فى اللعبة»، محمد الغزالى، من الخطابة.
اتهمه أمن الدولة وقتها بالتعاون مع تنظيم «صالح سرية». حمل أبو الفتوح «وقاحة» الطلبة للإعلام..
«إللى بيربى شيوعى وزنديق وعبدة بقر».
يروى كيف وظفوا الاتحادات لنشر «فقه الاستدراج»، كما سماه المفكر الإسلامى الراحل، مالك بن نبى.
فمنذ 1973: «تضاعفت قدراتنا مع ميزانية الاتحاد الكبيرة.. نشرنا الحجاب،
وكتيبات مثل رسالة المؤتمر الخامس للبنا، وكتب سيد قطب والمودودى والألبانى».
وترأس اللجنة الفنية «أخ لم يغادر قريته من قبل». مُقرًّا بأن «السلطة الحقيقية لأمير الجماعة».
يتوقف كتاب أبو الفتوح عند عام 1984، لكن الناشط، الذى أصبح قياديا بالتنظيم الدولى،
لم يغادر خندق الاستدراج.. ولا دائرة الصفقات. وقع على بيان كفاية، وتجاهل فاعلياتها.
وبينما كان نشطاؤها يسحلون، أدار أبو الفتوح حصة جماعته فى صفقة انتخابات 2005،
مع أمن الدولة. وهاجم، كما جماعته، إضراب 6 أبريل، ليصدم من ظنوه مختلفا، كما كتبت، وقتها،
الزميلة نجلاء بدير. صمت «الأصبع الناعم» على أطروحات إخوانه ضد المرأة والأقباط،
وعلى «أبوة مبارك» لهم، وعلى دعم التوريث. وهنا اتهمته جماعته، ذاتها، فى تسجيل موثق، بـ«الفساد»
فى اتحاد الأطباء العرب، وبأنه سعى للقاء جمال مبارك، وحين حاول فريقه النفى، أكدها.
فقد نقل هيثم أبو خليل، عن محمد حبيب، أن اللقاء تقرر فعلا، لكن المبادر كان جمال، الذى تراجع عنه.
وقبطيا، يعلق أبو الفتوح لـ«بى بى س»:
لما يبقى فيه رئيس وزراء بريطانى مسلم، نتكلم عن رئيس قبطى.
بعد يناير، تطورت مهمته، من «أصبع ناعم»، لـ«حصان طروادة»، مهمته تفتيت القوى المدنية،
مدعوما بمطبخ «يسار أمريكى»، وبتمويل قطرى. بجامعة المنيا، فى 10 أبريل 2013 الماضى،
واجهه مفدى زكريا، الناشط بالمصرى الاجتماعى، بكل «تلوّناته»، وحين حاول النفى، تحداه بفيديوهات
تثبت تناقضاته، هرب أبو الفتوح للأمام هاتفا: يسقط يسقط حكم المرشد.
تجاهل أبو الفتوح أن الهتاف يجبه شخصيا، فقد عاش كـ«الميت» بين يد مرشده، يلونه كيفما شاء.
كما تجاهل أن عشرات الملايين الذين هتفوا: «ارحل». فى 30 يونيو الماضى،
أخرجوا كروتهم الحمراء لكل تلوّنات الإخوان: الخشنة، والناعمة.