08.17.2013
تخيلت مقالا مكتوبا فى عام 2022 يتحدث عن المرحلة التى نمر بها الآن.
وذهبت للظن أننى سأجد كاتب المقال يقول ما يلى: ...
وما تعيشه مصر الآن من مشكلات وتحديات فى عام 2022 يرجع لأن جيلا من السياسيين لم يستطع أن
يعلى الصالح العام والحرص على المشتركات الجامعة.. قد تولوا حكم مصر فى مرحلة ما بعد ثورة 2011.
كان أمام المصريين فى عام 2011 فرصة ذهبية لأن يضعوا مصر على الطريق الصحيح،
ولكن حكمهم قصر النظر وسوء الفهم والمغالاة فى تسجيل المواقف، وأمسى كل حزب بما لديهم فرحين.
لقد انقسم هؤلاء إلى أربعة فرق، يجمعها الخلاف، ويفرقها التوافق. ولكل فريق جمهوره الذى يتعامل معه
بمنطق الألتراس المغالى فى الحماس والذى يساوى بين «مصر» و«أنا»،
بين الحق والخير والجمال من ناحية وما يعتقده صاحب الرأى.
أولا فريق المجلس العسكرى وجزء من الجمهور يؤيده إما ثقة فيه أو خوفا عليه،
وثانيا فريق الإسلاميين بشقيهم السلفى والإخوانى،
وثالثا فريق الليبراليين واليساريين ممن يخافون من أن يتحول التيار الإسلامى إلى استبداد جديد،
ومعهم من يؤيدونهم سواء ممن أرادوها ثورة ليبرالية أو ممن أرادوها «لا ثورة» على الإطلاق.
أما الفريق الرابع فهو «ثوار بلا تيار» ولأنهم بلا تيار فالزى الذى يرتدونه كما هو جمهورهم شديد الاختلاط
والصعوبة فى التعرف عليه؛ فهم من أثبتوا أنهم الأقدر على حشد الشارع «ضد» أمر ما أو شخص
ما مع قدرة أقل على الحشد «فى صالح» أمر ما أو شخص ما. ومن الغريب أن السابقين علينا ممن عاشوا
فى مرحلة ما بعد الثورة مباشرة، كرروا جميع أخطاء النخبة السياسية فى مرحلة ما بعد ثورة 1919
حيث انقسمت وتحول انقسامها إلى تفتت عدائى أضاع الثورة وجعلها بحاجة لثورة أخرى.
كيف فات على ساسة 2011 و2012 إمكانية التراضى على دستور مؤقت انتقالى يكتبه 10 أو 15 م
ن أعضاء الجمعية التأسيسية المائة عبر تعديل المواد غير المرغوب فيها من دستور عام 1971.
ويكون بقية أعضاء الجمعية هم الجمعية العمومية التى تناقش المواد المقترح تعديلها وتقرها فى ضوء مرجعية
«وثيقة الأزهر». ويصبح هذا الدستور الجديد هو دستور مصر غير الدائم. وبعد فترة من الزمن
(ولتكن 10 سنوات أو أقل) يتم تشكيل جمعية تأسيسية جديدة سواء بالانتخاب المباشر أو بنسبة منتخبة
من مجلس الشعب ونسبة ضئيلة معينة من رئيس الدولة على أن تكون ممثلة لجميع فئات وطوائف
وشرائح المجتمع، ويكون هذا الكلام منصوصا عليه صراحة فى الدستور المؤقت. ووظيفة هذه الجمعية الجديدة
أن تعد دستورا دائما لمصر. إن الخلل فى مسار التحول الديمقراطى الذى عاشه مصريو عام 2011 و2012
لا يبدو مرتبطا بالآلية ولكنه جزء من نمط معيب فى التفكير وإعلاء الذات والنزعة نحو إقصاء الآخر
بنفس منطق ما بعد ثورة 1919 بما يبدو أنه «عيب مصنع».
القضية أن نخبة ما بعد ثورة 2011 كانت تعكس فوضى الشارع أكثر من أن تعمل على ترشيده.
نخبة لم تنجح فى أن تتعلم منطق الحلول الوسط وتقديم التنازلات المتبادلة من أجل الصالح العام،
وهو ما لم تبنى أمة قط إلا من خلاله. القضية ليست فى أننا كان ينبغى أن نحفر نفقا بدلا من أن نبنى كوبرى،
أو أنه كان ينبغى أن نشترى سيارة كبيرة مكان السيارة الصغيرة، أو أنه كان ينبغى أن نأخذ الطريق الزراعى
بدلا من الطريق الصحراوى. القضية أننا لا نجيد القيادة: سواء قيادة السيارة أو قيادة السياسة.
سنأخذ وقتا حتى نتعلم أكثر، ولكن أتمنى ألا تغرق السفينة، لا قدر الله،
حتى يتعلم من فى قلبه مرض وفى عقله خلل، ومن يجمع بينهما.
رحمة الله على شهدائنا، الذين لو كانوا يعرفون أننا سننتهى لما انتهينا إليه،
لترددوا ولو قليلا فى التضحية حتى لا تؤول الأمور إلى ما آلت إليه.
ملحوظة: هذا الكلام غير المفيد جزء من مقال كُتب فى 28 أبريل 2012.