08.23.2013
ما الجديد فى إعلامنا؟؟.. الواقع: لا شىء.
محاولة وصف ما يحدث فى الإعلام المصرى ستؤدى للعديد من جرائم السب والقذف
التى يمكن أن يعاقب عليها القانون، ومتابعته المستمرة تؤدى
لإصدارك أصواتاً يصعب كتابتها أو وصفها.
أيام «مبارك» كان الإعلام مسبحاً بحمده فيما عدا تجارب معدودة حاربت وحدها، وبعد الثورة،
وقبل وجود حاكم فعلى للبلاد، تحول الإعلام للولاء المطلق للثورة، قبل أن يعود من جديد
إلى حالة التسبيح بحمد المجلس العسكرى، فيما عدا أسماء وتجارب محدودة عارضت، وكادت تدفع الثمن
أكثر من مرة، ثم فجأة تحولت الدفة إلى هجوم على «مرسى» سبق حتى فشله، وكان منذ اليوم الأول
الذى قال فيه أول خطاباته الشبيهة بالنقوط فى الفرح، ووسط هؤلاء كانت الأصوات المؤيدة والمساندة لـ«مرسى»
محدودة، وتدفع الثمن باتهامها بأنها خلايا نائمة للإخوان، أو متلونين، أو يمسكون العصا من المنتصف،
ثم بعد 30 يونيو أصبح الإعلام مسبحاً بحمد «السيسى» ومن معه، مستعيداً
نفس الوجوه المحسوبة على «مبارك» بعد أن أجرت عملية غسيل سمعة بنزولها يوم 30
لينقلب الفاسد إلى بطل والبطل إلى فاسد إذا فكر وتجرأ وانتقد، أو لم يسِر فى الركب.
أيام «مرسى» كان رأى الإسلاميين أن الإعلام المصرى الذى يحارب «مرسى» فاسد وداعر
ومنافق وقليل الأدب، وعلى افتراض أن ذلك صحيح فماذا فعلوا؟
فى الواقع هم قدموا إعلاماً أكثر فساداً ودعارة ونفاقاً وقلة أدب.
الآن يرى كثيرون أن قناة الجزيرة حقيرة ومنحطة وسافلة، وعلى افتراض أن ذلك صحيح فماذا فعلوا؟
فى الواقع قدموا إعلاماً أكثر حقارة وانحطاطاً وسفالة.. إلا من رحم ربى.
إذا كنت تلوم على «سى بى سى» و«أون تى فى» أيام «مرسى»، فالإسلاميون قدموا «الحافظ» و«الناس»،
وإذا كنت تلوم على «الجزيرة» الآن فأنت قدمت «التحرير» و«الفراعين»،
مع نغمة واحدة من الإعلام تتعامل مع الأمر وكأنه «واجب» لأننا يجب أن نقف فى «خندق واحد»
مع «جيشنا» ضد «إرهاب» الإخوان، وتحت هذا الزعم يجب أن يبتلع الإعلام ألسنته
فيما يتعلق بأخطاء جسيمة، يتم التعامل معها وكأنها أخطاء فردية، أو حادثة وعدّت،
مثل حادث «قتل» المساجين أثناء ترحيلهم عن طريق الغاز، وحادث «قتل» زميلنا الصحفى فى أحد الأكمنة
بحجة اختراق الحظر، وبالتالى لن تجد تغطية «محترمة» فيما يخص الواقعتين، وإنما تغطية تعتمد على
بيانات الجيش و«الداخلية» لا أكثر ولا أقل وكأن الباطل لا يأتيهم من بين أيديهم ولا من خلفهم.
على الطرف الآخر، يسهل رصد انحياز وتناقض حتى من كنا نعتبرهم أساتذتنا؛
فالأستاذ فهمى هويدى مثلاً يرى أن من خرجوا يوم 30 لا يتعدون 600 ألف حسبما ذكر فى أحد مقالاته،
بينما الآخرون ملايين يرفضون «الانقلاب»، وتركز «الجزيرة» على أى مسيرة للإخوان تقدر بالعشرات أو المئات،
وتقوم بتصغير العدسة للإيحاء بأن ما يحدث جمع غفير، وإذا استضافت من يمثل الرأى الآخر من زعمها
فإنها تستضيف فى الغالب شخصيات ضعيفة ومهلهلة، ويكون الرد على «الجزيرة» وجرائمها المهنية
بجرائم مهنية مضادة من قنوات تفتح المجال للشتائم والبذاءات وترويج الشائعات، وتقديم معلومات مغلوطة،
والموافقة على أى رأى يوافق الحملة المسعورة ضد كل من لا ينتهج نفس النهج لتشويهه
وتصويره على أنه طابور خامس أو خائن أو مخنث سياسياً، وتتم استضافة الضيوف المعروفين بقدراتهم
فى «الشرشحة» و«خناقات الحوارى» ليبدأ الأمر دائماً بوصلة «تقطيع» و«تخوين» و«شتائم»
فى ثورة 25 يناير التى لم تكن ثورة من الأساس، ولا تتعدى كونها مؤامرة من الإخوان المسلمين!!
زادت مساحة الضيوف المشاهير من ماركة «وحياة أمك» بين الجملة والأخرى، أو «هنربيهم الكلاب»،
فى مقابل انسحاق تام لأى أصوات تبدو هادئة حتى فى طرحها، وسمعنا مذيعاً يشتم لاعب كرة
ويقول له «يا ابن الزبالة» و«هديك بالجزمة»، ولم يتحدث أحد أو يعاقبه، ووسط كل ذلك
يجب أن نتذكر أن أحد بنود خارطة الطريق فى الفترة الانتقالية الالتزام بميثاق الشرف الإعلامى،
فأين هذا الشرف، وكل هؤلاء موجودون ويتحدثون باسم حب الجيش تارة، وباسم «السيسى» تارة أخرى،
بهذا القدر من القذارة والانحطاط وتصفية الحسابات؟
لو سمعت «السيسى» أو عدلى منصور أو حازم الببلاوى يتحدثون عن ميثاق شرف إعلامى مرة أخرى
وهؤلاء موجودون، فسأدعوهم لأن يضعوا الميثاق فى.. جيبهم.