11.24.2013
كثُر الحديث فى هذه الأيام عن قطر وعن الدور الذى تلعبه فى القضاء على وحدة الشعوب العربية
والتآمر على أمنها وسلامتها. والحقيقة أن الباحثين المصريين لم يتناولوا هذا الأمر إلا حينما مسّتهم النار،
بينما غفل الكثيرون منهم، عن عجز أو عن عمد، عن العديد من الجرائم التى ترتكبها حكومة قطر
فى أكثر من موضع وفى أكثر من زمن. لقد كان الخلاف بين قطر وبين الدول العربية خلافاً عميقاً؛
ففى الوقت الذى كان يشتعل فيه الخلاف بين المملكة العربية السعودية وبين دولة قطر
كانت أغلب الدول العربية تفتح صدرها لهذه الدويلة الصغيرة،
والعجيب أنه بقدر ما تزداد علاقة قطر بالدول العربية سوءاً بقدر ما تتعمق أواصر الصداقة القطرية - الإسرائيلية،
ومن هنا ينبغى أن نلقى الضوء على قطر بكل ما تحمله من أهداف فوق أكتافها دون أن ننسى أن نذكر بعضاً
مما أخفقت فيه قطر من أهداف وبعضاً مما نجحت فيه.
وإذا سقنا المعلومات الأولية عن قطر استطاع القارئ أن يجمعها جنباً إلى جنب
وأن يقوم بنفسه بقراءة النتائج المترتبة على ذلك، فهل تعلم أيها القارئ العزيز أن أقوى التحالفات القطرية
فى تاريخها هو التحالف الذى تم بينها وبين إيران فى عام 2010، والعجيب أنه تحالف فى الدفاع عن الأراضى،
أى أنه تحالف عسكرى، وقد تم ذلك فى 24 فبراير 2010.
ولا نكاد نعلم ما هى أساليب الدفاع التى تملكها قطر حتى تمنحها لإيران، مما يشير إلى أن هذا التحالف
إنما يحقق لقطر الكثير من الأمان وأنه فى ذات الوقت يحقق لإيران الكثير من التعمق فى الأراضى العربية.
ويجرنا هذا للحديث عن إمكانيات قطر البشرية والاقتصادية، فهى تنقسم إلى سبعة أحياء «بلديات»
وهى الريان والدوحة والخور والوكرة والشمال وأم صلال والضعاين، ومع ذلك فإن عدد سكان هذه الدويلة
لم يصل إلى 2 مليون بعد وفقاً لإحصائية مايو 2013، ومع ذلك فهى تفتح أبوابها للهندوس وترحب بهم
كعمالة ضمن أبناء الوطن، ومن الجدير بالذكر أنه ليس لهذه الدويلة أعياد رسمية تحتفل بها سوى عيد الفطر وعيد الأضحى،
إلا أنهم قد اختاروا يوم الثامن عشر من ديسمبر كيوم وطنى، لكن الكتب القطرية لا تذكر سبباً يميز يوم 18 ديسمبر كيوم وطنى؛
فليس لقطر انتصار واحد على مر التاريخ.
وتُعتبر قطر قاعدة عسكرية أمريكية غير محدودة الأركان ولكنها أيضاً لا تكتفى بذلك، بل إنها سمحت لكندا
باستخدام قاعدة جوية داخل قطر، كما سمحت لها بتثبيت بعض القواعد العسكرية داخل أراضيها.
ويجدر بنا أن ندخل إلى المستوى الحضارى لقطر، فهى لم تعرف نظام التعليم إلا فى عام 1952
فكانت بداية التعليم النظامى فى ذلك العام فقط، ولا يزيد عدد الطلاب والدارسين فى مدارس قطر على 75 ألف تلميذ،
ولم تتعرف قطر على التعليم الجامعى على الإطلاق، فلا تعرف ما يسمى بالجامعيين أو الدراسات العليا،
إلا أنه فى عام 1973 قامت مصر بمعاونة الحكومة القطرية فقامت بتزويدها بالأساتذة الجامعيين
وبإنشاء أول كلية للتربية فى جامعة قطر، وظلت مصر والعديد من الدول العربية تناضل منذ عام 1973 وحتى الآن،
ونجحت فى تدعيم ثمان كليات فقط لا غير. ولأن قطر دولة بلا تاريخ فليس بها متحف يعبّر عن تاريخ قطر
أو عن تطورها العلمى أو الثقافى أو الحضارى مما ألزمها بالاكتفاء بإنشاء متحفين للفنون أحدهما للفن الإسلامى
والثانى للفن الحديث. أما المتحف الوطنى فقد خلا إلا من بعض أوراق وشعارات وصور للحكام.
وليست المشكلة أن قطر دولة بلا تاريخ، ولكن المشكلة أن قطر دولة استهلاكية تخلو من الصناعات والمدارس المتخصصة،
حتى عقول حكامها جاءت كلها عقولاً استهلاكية، فالنفط هو المورد الأساسى للاقتصاد القطرى،
ويبلغ إنتاج قطر من البترول ما يزيد على مليون برميل يومياً، ورغم ازدياد معدل النمو الاقتصادى فى قطر
فإنها تخلو من أى صناعات سوى ما يقوم منها على تكرير النفط أو الغاز الطبيعى، وتخلو قطر أيضاً من خطوط السكك الحديدية،
إلا أن الواقع يؤكد أن قطر ربما تنتهى من افتتاح أول خط للسكك الحديدية فى عام 2022.
ويقوم النظام القطرى السياسى على مفهوم الدكتاتورية القديمة، ولا تعرف قطر تداول السلطة
إلا من خلال ما تم من انقلابات دموية أو سلمية بين حكامها، فحاكم قطر الحالى جاء نتيجة الانقلاب على أبيه،
كما أن أباه جاء نتيجة الانقلاب على جده، كما أن قطر ليس بها محاكم عصرية، وقد اقتبست معظم تشريعاتها
من القانون المصرى، كما أن الكثير من أساتذة القانون المصرى فى مصر يذهبون إلى قطر سنوياً للاستعانة بهم
فى الوزارة التى تقوم على شئون العدل فى قطر، إلا أن علماء النظم السياسية يشيرون إلى قطر على أنها دولة «الدم الأزرق»،
فهى عبارة عن عائلة من الأثرياء تحكم شعباً بأكمله وتنظر إلى العمالة المستوردة على أنها تطور عصرى لفكرة العبيد،
وتقوم الدولة باستغلال عشرات الآلاف من العمال الفقراء،
وهى تصنَّف عالمياً بالدولة الأسوأ فى معاملة العمالة وفى حقوق الإنسان.
والغريب أن قطر رغم هذه الدكتاتورية الفجة فإن أكثر الدول تودداً إليها هى الدول الغربية التى ترفض
أن تنشر على صفحاتها التقريرات الخاصة بالاستعباد والرق فى دولة قطر، فقد فجّرت منظمة «الأمنستى»
مؤخراً ما أطلقت عليه «الانتهاكات بحق العمالة الأجنبية فى قطر»، وشبهت المنظمة الدولية معاملة العمالة المهاجرة
فى قطر بأنها معاملة الماشية، وذكر التقرير فى نصه: «إن الانتهاكات متفشية فى قطر، حيث يتعرض العمال المهاجرون
للاستغلال البشع ويعامَلون مثل الماشية ويقيمون فى ظروف غير آدمية بل ويعملون بالسخرة فى بعض الأحيان،
وكل هذا استغلالاً لفقرهم»، وقال «سيلى شيتى» الأمين العام لمنظمة العفو الدولية:
«إنه ينبغى أن يوجه العالم رسالة قوية إلى قطر بأن العالم لن يتسامح مع انتهاكات حقوق الإنسان فى قطر».
ثم مضى الأمين العام فى منظمة العفو الدولية يقول: «إنه من غير المقبول بتاتاً فى بلد من أغنى بلدان العالم
أن يتعرض هذا العدد الكبير من العمال الأجانب لاستغلال وحشى.
هذا وقد تعددت المنظمات الدولية التى تدين العمال بالسخرة فى قطر، وما زالو يمارسون ضغوطهم
فى مواجهة الاتحاد الدولى لكرة القدم للعدول عن قراره بشأن إقامة نهائيات كأس العالم فى دولة تعامل الناس كالماشية..
الخلاصة إذن أننا أمام دولة بلا تاريخ ولا واقع ولا مستقبل، فلماذا إذن توافق حكومة قطر على تلك العبودية المقيتة للأمريكان؟
والإجابة عن هذا السؤال نكتشفها من خلال الاتفاقيات المبرمة بين حكومة قطر وبين الولايات المتحدة الأمريكية.