11.26.2013
أحب «السيسى»؟!.. نعم.. ولكن أحب مصر أكثر.. لذا أخاف على الرجل منا ومن نفسه..
وأخاف على مصر منه ومنا.. ولأننى لا أحمل هوى خاصاً أو غيرة تجاهه.. إذ لا أطمح إلى قيادة الجيش،
ولا أحلم ولا أرضى أن أصبح رئيساً للدولة، ولا وزيراً، ولا حتى «غفيراً»..
فإن خوفى له مبررات واضحة، وشواهد أكثر وضوحاً..!
أخاف على «السيسى» منا، لأننا شعب احترف صناعة الآلهة -ولو من عجوة- منذ بدء التاريخ..
شعب صبور ويتحمل شظف العيش.. ولكنه قليل الحيلة، أو هو يريد أن يظل بلا حيلة،
فيرنو ببصره دائماً صوب شخص يحبه أو يهابه، فيضع مقدراته وواقعه ومستقبله فى «حِجر المحبوب أو الفرعون»..
شىء من التواكل، وقليل من العاطفة، وكثير من التماهى مع المحبوب والزعيم، والخوف المفرط من «الديكتاتور»..!
..هكذا نحن دائماً.. حتى لو صنعنا مائة ثورة.. نفور وننتفض فنلامس عنان السماء، ونقبض على «الشمس» بيد واحدة..
ثم سرعان ما نصنع من «السماء» تاجاً للزعيم، ونغسل قدميه بـ«أشعة الشمس»..!
لا يريد المصرى دائماً أن يكتب مستقبله بيده.. لا يهوى صناعة إنجازه بسواعده..
لذا يبحث عن ذاك الشخص الذى دخل قلبه أو طعن قلبه ليضع بين يديه كل شىء، وأى شىء..
ثم يصرخ من خطايا «المحبوب» أو استبداد «الطاغية»..!
نحن نفعل ذلك -للأسف- مع الفريق «السيسى»..
وبصرف النظر عن مدى استعداده لقبول فكرة «الإله أو نصف أو ربع الإله»، فإننا ندفع به -بإصرار- إلى تلك المساحة الخطيرة..
فالرجل -وإن كان قد صنع لحظة فارقة وتاريخية وصعبة.. بل وفدائية- يظل قائداً للقوات المسلحة،
التى وُلدت من رحم الوطنية المصرية، ولم يسبق لها خيانة الشعب.. ثم إن «السيسى» البطل، كما يحلو لنا وصفه،
ليس البطل الوحيد فى مصر.. وربما يأتى بعد أبطال كثيرين، خرجوا إلى الشوارع مكشوفى الصدر فى ثورتين متتاليتين،
فشقت رصاصات القمع صدورهم، وفقأت عيونهم، وفجّرت أدمغتهم..!
«السيسى» بطل لأنه ينتمى لمؤسسة ترضع البطولة والفداء من «ثدى» مصر.. «السيسى» بطل لأنه امتلك جرأة
ومخاطرة الاستجابة للإرادة المصرية الكاسحة.. «السيسى» بطل لأنه سيعيش فى «جلباب الثأر والاستهداف» من أجل بلده..
غير أن ثمة اختلافاً كبيراً بينه وبين الشباب والأطفال والنساء الذين منحوا الجيش -فى الثورتين- شرعية التدخل،
وغطاء التحرك.. هؤلاء فى مرتبة أعلى، إذ يمتلك «السيسى» جيشاً وحراسة تحميه من رصاصات «الإرهاب»،
بينما لا يمتلك الشعب سوى حنجرة تصرخ، فتزلزل مقاعد «الحكام»، وذراع نحيلة تحمل لافتة من قماش «الدمور أو البفتة»..
وفى حالات كثيرة تحولت اللافتة البيضاء إلى «كفن»..!
«السيسى» عند الشعب خيار وحيد دون بديل.. وعند النخبة السياسية والمثقفين والإعلاميين حصان «طروادة»
الذى سيحملنا على ظهره إلى آفاق بلا حدود.. والواقع أن «السيسى» لا هذا ولا ذاك.. فإذا قرر -وهذا حقه-
عدم الترشح للرئاسة، ففى مصر مليون شخص على الأقل يصلحون للمهمة ذاتها. وإذا قرر الترشح -وهذا حقه-
فلا ينبغى أن يكون ما فعله فى 3 يوليو الماضى، يوم عزل «مرسى»، مسوغاً وحيداً لتربعه على «الكرسى»..
فالحب وحده لا يكفى لإنقاذ أمة كبيرة من مأزق خطير.. والأبطال لا يصلحون أحياناً للحكم..
ومن كان يتدثر بدفء وقوة وشكيمة الجيش.. سوف يواجه واقعاً مختلفاً حين نطالبه بالحد الأدنى من الحياة الآدمية..
والحد الأقصى من الكرامة الإنسانية.. وقدر معقول من الحرية..!
أقول هذا حتى نتوقف عن العملية الدائرة الآن لصناعة «الإله».. فالرئيس -أى رئيس حتى لو كان السيسى-
لا يجوز أن يحكم بتفويض «على بياض»، ولا لأنه خاطر بحياته من أجل وطنه.. فآلاف وملايين غيره فعلوها ولا يزالون..
فهل يصلح أحدهم رئيساً لأنه بطل؟!
أقول هذا لأن مصر ينبغى أن يحكمها من يمتلك رؤية وقدرة على صناعة مستقبل جديد لمائة مليون مواطن..
وإذا أرادها «السيسى» فعليه أولاً أن يتكلم.. أن يطرح رؤيته.. وأن يقول لنا «كيف سيحقق هذه الرؤية»..
ساعتها سيكون بمقدورنا أن نمنحه أصواتنا.. أو نقول له: يكفيك شرف إنقاذ مصر من كارثة محققة..!
■ لست بحاجة إلى التأكيد على حبى للفريق عبدالفتاح السيسى..
لذا أطلب من الخبثاء أن يمتنعوا عن تأويل كلماتى أو تحميلها أكثر مما تحتمل..!