06.13.2013
فى الشتاء الماضى، وبعد أن خرج رئيس الجمهورية على المصريات والمصريين
بإعلان الاستبداد الرئاسى ومررت جماعته وحلفاؤها دستور ٢٠١٢ غير التوافقى،
طالبت بالضغط الشعبى السلمى من أجل إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وإنقاذ مسار التحول الديمقراطى.
وقتها سجلت فى هذه الزاوية تحت عنوان «بل أتبرأ منه تماماً»، وبالقول فى منتديات علنية أخرى،
تبرؤى الكامل من تورط بعض المنتسبين للفكرة الديمقراطية من ممارسى السياسة والشخصيات العامة
فى استدعاء الجيش للتدخل فى السياسة وعزل الرئيس المنتخب
وحكم البلاد فى مرحلة انتقالية جديدة.
سجلت تبرؤى الكامل من استدعاء الجيش للسياسة لكونه، أولاً، يتناقض جذرياً مع الديمقراطية
والدولة المدنية اللتين أدافع عنهما وبهما يخضع الجيش وكافة الأجهزة العسكرية
والأمنية لرقابة السلطات المدنية المنتخبة.
ولكونه، ثانياً، يشكل انقلاباً على الإجراءات الانتخابية التى لا بديل عن الالتزام بها
لإنجاز التحول الديمقراطى طبقاً لقاعدة من جاء للحكم بصندوق الانتخابات
يرحل عنه بالصندوق أيضاً.
ولكونه، ثالثاً، يجدد نشاط خلايا مرض «الجيش هو ملاذنا الأخير» العضال الذى يعانى منه
بعض المنتسبين للفكرة الديمقراطية ويدفعهم دوماً للاستنجاد بالجيش كمنقذ ومخلص،
ويرتب إعادة إنتاج مقولات استبدادية واستعلائية تجاه مجتمعنا «غير القادر على ممارسة الديمقراطية»
وتجاه المصريات والمصريين من الأميين ومحدودى الدخل «المغرر بهم من قبل تجار الدين»
وتجاه مؤسسات الدولة التى يتعين «تحريرها من سيطرة تجار الدين» عبر تدخل الجنرالات.
ثم دارت دوائر السياسة المصرية وتحول مطلب الانتخابات الرئاسية المبكرة،
على وقع استمرار فشل إدارة الرئيس وحكومته وتنامى خطر ثنائية الإدارة الرسمية المرتبطة بالرئيس
وغير الرسمية المرتبطة بجماعة الإخوان وغزو الأخيرة للأجهزة التنفيذية والإدارية وغياب التوافق
بشأن تعديلات الدستور وقانون الانتخابات البرلمانية ومسألة النائب العام غير الشرعى،
إلى مطلب المعارضة الرئيسى وعبر عنه بفاعلية شديدة
وبديمقراطية الحراك السلمى لحملة «تمرد».
ديمقراطية مطلب الانتخابات الرئاسية المبكرة يهددها الآن، وبجانب عناصر إفساد وخطر أخرى
تناولتها بمقالات الأيام الماضية، مرض «الجيش هو ملاذنا الأخير» العضال الذى تنشط خلاياه
وتدفع بعض ممارسى السياسة والشخصيات العامة وفاعلين فى حركات شبابية إلى تجديد الطرح
غير الديمقراطى والانقلابى باستدعاء الجيش للسياسة وتوليه إدارة شئون البلاد
فى مرحلة انتقالية بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
بين حديث عن إدارة مباشرة للجيش، وحديث عن تشكيل مجلس رئاسى عسكرى ومدنى،
وحديث عن الجيش الحامى يفرغ أولئك المرضى بالجيش الانتخابات الرئاسية المبكرة
من الجوهر الديمقراطى المرتبط بالإرادة الشعبية وصندوق الانتخابات ويزجون بها إلى غياهب
مرحلة انتقالية غير محددة المعالم باستثناء تهميشها لأصوات المواطنات والمواطنين
الذين سيطبق عليهم الصمت مجدداً.
المرضى بالجيش، والذين حين أستمع إلى بعضهم وهم يستغيثون بالجيش
للتدخل لحماية دار الوثائق المصرية أو يفرضون الطفولة السياسية على المجتمع بمقولات
«الجيش القادر والحامى» أشك بالفعل فى إمكانية شفائهم من مرضهم العضال هذا،
يهددون بإفساد الضغط الشعبى السلمى من أجل انتخابات رئاسية مبكرة.
تماماً كما يهدد خطاب الإقصاء والمعادلات الصفرية الذى تنتجه بعض قوى اليمين الدينى
وبعض القوى الليبرالية واليسارية سلمية ٣٠ يونيو والضغط الشعبى المرتبط به، يهدد الحديث
عن إدارة الجيش ومرحلة انتقالية جديدة ومجلس رئاسى، ديمقراطية الانتخابات الرئاسية المبكرة.
فالأخيرة تعنى نجاح الضغط الشعبى السلمى فى الدفع إلى الاحتكام إلى الصندوق،
إن بقبول رئيس الجمهورية إجراء استفتاء على استكماله لفترته الرئاسية أو استفتاء
على انتخابات مبكرة وإجراء الأخيرة حين موافقة أغلبية شعبية،
والدستور الحالى (مادة ١٥٠) يسمح بهذا.
الجوهر الديمقراطى للانتخابات المبكرة يرتبط، إذن، بالاحتكام إلى الإرادة الشعبية والصندوق
والترتيبات الدستورية القائمة وليس الانقلاب عليها جميعاً بالطرح الفاسد
باستدعاء الجيش للسياسة وتوليه شئون البلاد.
فيا أصحاب مرض «الجيش هو ملاذنا الأخير» العضال ابتعدوا بطرحكم الفاسد
عن الضغط الشعبى السلمى من أجل انتخابات رئاسية مبكرة، ويا دعاة الانتخابات المبكرة
ثقوا فى الإرادة الشعبية والصندوق فبهما الجوهر الديمقراطى وشرعية التغيير الذى نبحث عنه.