06.23.2013
فشلت سفيرة الولايات المتحدة السابقة فى القاهرة مارجربت سكوبى فى التنبؤ بالثورة المصرية،
وبدت عاجزة عن تقديم رؤية واضحة للأحداث التى كانت تجرى فى مصر.
هنا قررت الإدارة الأمريكية وعلى عجل نقل السفيرة آن باترسون من باكستان إلى مصر،
فالسيدة باترسون متزوجة من ضابط عمل فى جهاز الاستخبارات الأمريكى سنوات طويلة،
وتعاملت مع مناطق ملتهبة فى أمريكا اللاتينية، حيث نجحت فى نسج روابط قوية بين الإطارين السياسى
- الدبلوماسى والاستخباراتى. بعثوا بها إلى باكستان كى تشرف على هندسة صفقة بين التيار الدينى
والقبائل ورجال السياسة هناك، ونجحت فى مهمتها لأنها استخدمت مكونات محلية فى «الطبخة»
بمعنى أنها تعاملت مباشرة مع المكونات المحلية الباكستانية، فهذا البلد يحكمه
رجال الدين وزعماء القبائل والعسكر، وهناك تداخل وتقاطع بين هذه المكونات،
فهناك رجال دين ينتمون إلى قبائل كبرى وقادة العسكر عادة ما يأتون من خلفيات قبلية مهمة.
المهم أن السيدة باترسون استخدمت أدوات محلية استعانت بخبرة زوجها الاستخباراتية
فى الوصول إلى الصيغة الباكستانية التى كانت تعنى بالنسبة إلى واشنطن قدرتها على التعامل مع المشهد
ولا علاقة لذلك بديمقراطية، وحرية أو حقوق إنسان، ما كان يهم واشنطن وجرى تكليف السيدة باترسون به
هو دعم صيغة تحالف بين الثلاثى (القبيلة، العسكر ورجال الدين) على نحو يمكنهم
من السيطرة على الأوضاع فى باكستان، ثم تعاون باكستانى مع الولايات المتحدة
للسيطرة على الأوضاع فى أفغانستان.
جاؤوا بالسيدة باترسون إلى القاهرة، استعانوا بها باعتبارها خبيرة فى التعامل مع القوى الإسلامية،
لديها خبرات طويلة فى التعامل مع رموز الحركات الإسلامية، مستعدة طوال الوقت للوصول معهم
إلى تفاهمات تحقق مصالح متبادلة، تساعدهم فى عملية التمكين مقابل رعاية مصالح الولايات المتحدة
فى المنطقة. جاءت السيدة باترسون وعملت منذ اليوم الأول على توظيف العلاقات الجيدة ا
لتى تربط واشنطن بقادة القوات المسلحة المصرية، وضعت بالاتفاق مع قادة جماعة الإخوان المسلمين
رؤية مشتركة لإدارة المرحلة الانتقالية، كانت من الداعمين لمطلب تيار الإسلام السياسى فى إجراء
الانتخابات البرلمانية أولا، قبل الرئاسية وقبل وضع الدستور، كتبت إلى الخارجية الأمريكية
تقول إن الزمن هو زمن الأخوات ورفاقهم من تيار الإسلام السياسى، لا جدوى ولا قيمة للرهان
على تيار مدنى مصرى، فهو تيار ضعيف هامشى ممزق، ولا بد لواشنطن أن تطور علاقاتها
مع تيار الإسلام السياسى والمساعدة فى بروز تيار معتدل يسيطر على المنطقة ويقودها فى تفاهم تام
مع واشنطن عبر رعاية المصالح الأمريكية فى المنطقة
عندما أجريت انتخابات الرئاسة ألقت باترسون بثقلها وراء مرشح الجماعة الدكتور محمد مرسى،
مارست ضغوطا هائلة على المجلس العسكرى واستخدمت أوراق فى العاصمة الأمريكية واشنطن
لإجبار المجلس على عدم التحقيق فى الانتهاكات الجسيمة التى ارتكبت فى الانتخابات م
ن البطاقات المسودة من المطابع الأميرية إلى منع قرى قبطية من التصويت إلى الورقة الدوارة
وغيرها من أساليب تزوير إرادة الناخبين، ألقت باترسون بثقلها وراء مرسى، فبنجاح الرجل
تكتمل الخطة. وتواصل باترسون بناء نماذج على الطريقة الباكستانية. كثيرة هى المعلومات
التى بدأت تتكشف عن ضغوط التى مارستها إدارة أوباما، بتوصية من السفيرة باترسون،
على المجلس العسكرى كى يعلن فوز مرسى وهو ما تحقق بالفعل. فاز مرسى بالمنصب
وشعرت باترسون بالانتصار، فوصفتها بدأت تنجح والطريق بات ممهدا لإبرام الصفقة فى شكلها النهائى.
قدمت باترسون كل أشكال الدعم للجماعة والدكتور مرسى، كما أكثرت من زياراتها إلى مقرات
الأحزاب الإسلامية لحزب الحرية والعدالة ولمكتب الإرشاد، ولحزب النور السلفى، ولم تطأ قدما السفيرة
مقر حزب مدنى سوى حزب الوفد بعد تشكل جبهة الإنقاذ وبعد أن رفضت الأحزاب المدنية الأخرى
استقبال السفيرة، كانت زيارتها إلى حزب الوفد كمندوب لحزب الحرية والعدالة، وجهت إلى رئيس الحزب
سؤالا عما تريد المعارضة من الدكتور مرسى؟ سألت السؤال نيابة عن الرئيس مرسى وسعيا إلى دعمه
ومساعدة له فى تذليل العقبات التى تواجهه، فالسيدة تريد نجاح وصفتها أو بمعنى أدق رعاية زرع
نموذج باكستانى فى مصر، لكن السفيرة لم تكن لديها الخبرة ولا الدراية الكاملة بطبيعة مصر والمصريين
ولا قرأت فى تاريخ مصر ومكونات الشعب المصرى، ثقافتها توقفت عن أن مصر بلد غالبية
سكانه من المسلمين، وأنه شعب متدين ولرجال الدين نفوذ مهم، فقط دون إلمام كاف بتاريخ،
حضارة وثقافة المصريين، ومن هنا بدأ السحر ينقلب على الساحر. نواصل إن شاء الله.