07.08.2013
يحلو لحزب النور أن يقدم نفسه فى صورة حامى الأخلاق. حزب على ونيس والبلكيمى
هو نفسه الحزب الذى طارد السياحة بدعوى الأخلاق،
فضيّق على أرزاق مليونَى مصرى يتعاملون معها بشكل مباشر، وملايين آخرين من المستفيدين.
وهو الحزب الذى عاون الإخوان، بل كان أكثر تشددا منهم، فى دستور الماخور،
بدعوى الحفاظ على الهوية، وشارك فى الاعتداء على المحتجين عليه فى الاتحادية.
وهو الحزب الأكثر تحريضا على المسيحيين، وأختى كاميليا، بدعوى الانتصار للإسلام.
وهو الحزب الذى رفع لواء مطاردة الشيعة حتى انتهينا بمأساة قتل وسحل المواطن المصرى
حسن شحاتة على أيدى جموع من المستمعين إليه.
ثم إنه فى يوم ٣٠ يونيو، كما فى ٢٥ يناير، لم يكن فى صفوف الجماهير التى خرجت إلى الشوارع
تندد بالظلم الواقع عليها، وبالفشل الذى وصلت فيه البلد إلى قاع. وجمهوره
حتى الآن موجود فى رابعة العدوية، ويشارك فى الاعتداء على المتظاهرين فى الإسكندرية وغيرها.
لم يكن سجله أفضل أبدا من سجل الإخوان الذين خرجنا لنسقطهم.
لم يقدم للمواطنين ولا لمصر شيئا إيجابيا نمدحه عليه. قدم لهم فقط المنع،
وإغلاق روافد الأرزاق. لم يسع إلى رفع مستوى معيشة جمهوره،
بل إلى خفض مستوى معيشة مَن حولهم. ليس هذا غريبا. هذا مشروع الإسلامجية بوجه عام.
هذه طريقة الفاشلين فى تحقيق المساواة، قص الكفاءات العالية،
لا رفع الكفاءات المنخفضة، ولا إتاحة الفرص للكفاءات المتوارية.
لم تكن الفقرة السابقة استرسالا بعيدا عن موضوع المقال. بل صلب ما أريد أن أقول.
أين هى كفاءات حزب النور؟ فليقدمها لكى تتحمل المسؤولية. أما أن يعود إلى سياسة تخريب البلد
بقص الكفاءات الأخرى والاعتراض عليها بدعوى الحفاظ على قيم أمك يا روح أمك»
فهذا ما لا يجب أن نسمح به.
لماذا؟ لأنه يعيد نفس ما حدث بعد ١١ فبراير ٢٠١١. نفس الحديث عن كمال الجنزورى ولا كمال مش الجنزورى.
نفس خدعة حشر الشريعة فى كل نقاش سياسى (رغم أنهم حكموا سنة فلا طبقوا الشريعة ولا يحزنون).
وهنا لا بد أن نعيد التذكرة بتعريف الغباء:
أن تفعل نفس الخطوات ثم تنتظر نتائج مختلفة.
إن حزب النور ليس عصيا على الهزيمة كما يتوهم. وما دمنا نتحدث فى السياسة
فدعينى أحدثك بلغة السياسة. موازين القوى لا تحسب فى السياسة بالأعداد فقط.
إنما تحسب بالقدرة على التحمل، والقدرة على التأثير، وامتلاك الأدوات. فى هذا الصدد
فإن حزب النور، لو استمر الوضع الاقتصادى السيئ، سيكون أول الخاسرين. قد تستفيد قياداته
من تمويل من دولة هنا أو هناك. أما جمهوره فلن يتحمل أكثر من هذا كثيرا. وسيتحول الأمر
إلى صراعات أهلية فى مناطقه. لن يكون استثمار فى مصر بغير استقرار سياسى.
ولن يكون استقرار سياسى فى مصر فى ظل تحكم تيارات العواطلية،
تيارات «الفاضى يعمل قاضى»، فى مسار البلد.
وأنا هنا أفترض طبعا أن حزب النور يتصرف من تلقاء نفسه. أما إن كان يتصرف
بوحى من جهات أمنية فسوف تكون تلك كارثة. ليس بالنسبة إلينا فقط،
وإنما بالنسبة إلى الجهاز المسؤول عن البلد حاليا، تحت قيادة جديدة ممثلة فى شخص عبد الفتاح السيسى.
ستضعه فى اختبار الأيام السياسية التاريخية. التى تحول الناس إلى أبطال أو أقزام.
سنة تحت حكم الإخوان أقنعت الناس أن مبارك، وإن كان فاسدا، فإنه أرحم من الإخوان.
تجربة انتقالية تحت يد السيسى قد تثبت أن طنطاوى عمل اللى يقدر عليه.
وأخشى أن تثبت أن طنطاوى كان أحرص على المسار الديمقراطى، لو كان المقصد الحقيقى
توصيل البلد إلى حالة من التخندق السياسى. إذ يبدو الآن أن ما حدث بعد ١١ فبراير ٢٠١١
لم يكن مجرد أخطاء سياسية سنتعلم منها درسا. يبدو أنه أسلوب حياة. نتيجة موضوعية وطبيعية
لانتشار جماعات الفشل، جماعات التحريض وقطع الأرزاق، فى الحياة السياسية المصرية.
ونتيجة طبيعية لارتباط مصالح جهات مهمة بها. وارتباط مصالح دول إقليمية مهمة بها.
ولا شك بعد هذا كله أن هناك طريقا واحدا فقط لتعديل المسار. أن ندرك أن أحزاب الظلام
جزء من المشكلة وليست جزءا من الحل. فاشلون فى الحكم، ومخربون فى المعارضة.
لو نظرنا عميقا داخل ما يتداوله الناس عن الأحزاب الدينية حاليا، لعرفنا أن هذا جوهر الخروج
فى ٣٠ يونيو بالنسبة إلى من خرج. وجوهر التعديل الذى طالبت به الجماهير فى ٣٠ يونيو.
لقد صادر الإخوان القرار السياسى لقوى جماهير ٢٥ يناير بدعوى أنهم «جوهر الثورة».
الآن حق التحالف الجديد الذى خرج فى ٣٠ يونيو أن يأخذ فرصته.