11.05.2013
(١) كثيراً ما كان يتباهى الإخوان بأنهم موجودون فى أكثر من ثمانين دولة، كان هذا يشعرنا بالفخر والاعتزاز،
لا أدرى إن كان هذا العدد صحيحاً أم لا، لكن ما أعلمه هو أنه لم يجرِ حصر للإخوان على مستوى العالم،
نعم هناك ما يسمى «التنظيم الدولى» لكنه ليس بالتنظيم المحكم القوى المتماسك الذى يصدر التعليمات أو التوجيهات
فتلتزم بها التنظيمات المحلية.. الوضع ليس على هذا النحو، والتنظيم شكلى أكثر منه واقعى. من المعلوم
أن الإخوان يتفاوتون بين تنظيم وآخر، من حيث الكم والكيف، فقد يبلغ تنظيم فى دولة ما عشرات الألوف من الأفراد،
وفى دولة أخرى قد لا يتعدى بضع مئات، وقد يكون التنظيم متماسكاً فى مكان ومفككاً ومشرذماً فى مكان آخر... وهكذا.
وقد يكون له نشاط ظاهر وبارز، وقد لا يكون له أى نشاط، بل قد لا يسمع عنه أحد شيئاً.
والذى أتيحت له فرصة الاطلاع على هذه التنظيمات يعلم أن كل تنظيم منها له مشكلاته وعيوبه، التى قد تختلف من تنظيم لآخر.
أيضاً يمكن القول إن بعض التنظيمات لها مشكلات مع الأنظمة الحاكمة فى دولها، وهذا يعوق أداءها وحركتها،
والبعض الآخر بينه وبين الأنظمة تفاهمات واتفاقات.
(٢) على رأس «التنظيم الدولى» للإخوان مؤسستان: مجلس الشورى ومكتب الإرشاد العامّيْن.
الأول يتكون من ٣٥ عضواً، يمثل فيه بعض تنظيمات الإخوان المحلية -وليس كلها- بعدد محدد من الأعضاء
تبعاً لكثافة هذا التنظيم أو ذاك من ناحية، ولتوافر بعض الشروط (كالهياكل التنظيمية والإدارية، والتماثل الفكرى والمنهجى... إلخ)
من ناحية أخرى. ويتم اختيار الثانى، أى مكتب الإرشاد العام (١٣ عضواً)، بالاقتراع السرى من مجلس الشورى العام،
ويشترط أن يكون ثمانية أعضاء من هذا المكتب من البلد الذى فيه المرشد، الذى عادة ما يكون من مصر.
ويقوم بالتخديم، أو بمعنى آخر الأمور اللوجستية، على المجلس والمكتب ما يسمى «أمانة التنظيم العالمى»،
وهى رغم تقديرنا لأشخاصها متواضعة وتعانى من الضعف والوهن وقلة الكفاءات. يجتمع مجلس الشورى
كل ٣ أو ٤ أشهر تقريباً إذا سمحت ظروفه بذلك، وقد لا تسمح، بينما يجتمع المكتب كل شهر.
جدير بالذكر أن هذه الاجتماعات تكون مرصودة ومتابعة بشكل دقيق من قبل أجهزة الاستخبارات الأمريكية والأوروبية،
وبالتالى فهى على علم كامل بما يجرى.
يتبع مكتب الإرشاد مجموعة من الأجهزة: التخطيط، السياسى، التربية، الدعوة، الطلاب، الأخوات... إلخ.
هذه الأجهزة هى فى الواقع عبارة عن لجان يشرف على كل لجنة منها عضو من مكتب الإرشاد العام،
هؤلاء المشرفون وكذلك أعضاء اللجان ليسوا متفرغين، ولكن يعملون فى الأساس داخل تنظيماتهم المحلية،
ولا يعطون إلى «التنظيم الدولى» إلا فتات الوقت والجهد، وبالتالى فالأخير يعانى مما نسميه مشكلة «الانكفاء القطرى»،
أى إن كل تنظيم إخوانى محلى منكفئ على ذاته، مهموم بمشكلاته، وليس عنده الوقت أو الجهد أو المال
أو حتى الكوادر التى يمد بها مكتب الإرشاد العام، ومن ثم فـ«التنظيم الدولى»
ينطبق عليه المثل القائل «الصيت ولا الغنى».
(٣) يتمتع كل تنظيم إخوانى محلى بالاستقلال فى إرادته وإدارته وقراراته عن بقية التنظيمات الأخرى،
تبعاً لظروفه والتحديات التى يواجهها والإطار الدستورى والقانونى للدولة الموجود بها، فـ«حماس»
-على سبيل المثال- جزء من «التنظيم الدولى»، لكن لها استقلالها الكامل فيما تتخذه من مواقف وسياسات وقرارات،
سواء تجاه العدو الصهيونى أو حتى السلطة الوطنية الفلسطينية، فقط يعاون مجلس الشورى
ومكتب الإرشاد العامَّيْن فى الدعم السياسى والإعلامى.
ويتأثر تنظيم الإخوان فى أى دولة بالسياسات والتوجهات العامة لنظام الحكم فى هذه الدولة،
وأحيانا ما تتعارض سياسات الدول، خاصة تجاه بعض الأزمات التى تحدث على المستوى الإقليمى،
وينعكس هذا بالتالى على مواقف التنظيمات الإخوانية المحلية؛ على سبيل المثال، كان هناك تباين فى المواقف
بين التنظيمات المحلية إزاء الحرب العراقية/الإيرانية، وكذا التباين الذى حدث إزاء حرب «عاصفة الصحراء»
إبان تحرير الكويت من القوات العراقية التى غزتها فى ٢ أغسطس ١٩٩٠.
قد تحدث تصدعات أو مشكلات داخلية فى تنظيم إخوانى محلى، فيستدعى ذلك تدخل قيادات مكتب الإرشاد العام لحلها،
لكنه فى الغالب الأعم لا يفرض حلولاً بعينها، وتكون رؤيته أقرب إلى التوصيات منها إلى الحلول الفرضية.
من البدهى أن تتداعى «أمانة التنظيم الدولى» لدعم تنظيم إخوان مصر، سياسياً وإعلامياً، خاصة
وهو يخوض محنته الأخيرة، وهو دعم يتلخص فى محاولة استثارة الغرب وتحفيزه للضغط على مؤسسات الحكم فى مصر،
لتحسين شروط التفاوض مع الإخوان. ولا أظن أن هذه الضغوط يمكن أن تحقق شيئاً من أهدافها،
حيث إن هذه المؤسسات قوية، فضلاً عن أنها مدعومة بظهير شعبى عريض خرج فى ٣٠ يونيو
فى ثورة غير مسبوقة فى التاريخ، للإطاحة بالحكم الفاشل للإخوان. وقد أرسلت «أمانة التنظيم»
أربعة محامين أجانب للتضامن مع الدكتور مرسى أثناء محاكمته، الذى بدا هو وإخوانه -فى القفص-
أكثر صبيانية وهزلية مما توقعنا.