12.17.2013
آه من لو، تفتح عمل الشيطان صحيح، لكنها تحرك فيك الندم على شىء لم تفعله، وتظن أنك إن فعلته لتغير الكون.
التيمة نفسها تستحق التوقف أمامها، لأنها تمثل أغلب المواقف التى ندمت عليها فى حياتك، لكنه القدر يا عزيزى،
ومهما حاولت تغييره، فلن يتغير.. وكله بوقته.
اليوم مثلاً ذكرى وفاة البوعزيزى..
بوعزيزى الشاب التونسى، الذى أضرم فى نفسه النيران لأن شرطية تونسية صفعته، وأزالت (فرشته) من السوق.
قصة عادية تحدث كل يوم، لكن ما حدث بعدها لا يحدث فى التاريخ سوى مرات معدودة.
قامت ثورة فى تونس، تبعتها ثورة فى مصر، تبعها ما يسمى بالربيع العربى، وفرحة ما بعدها فرحة
بما ظن الجميع أنه إزالة للفساد والطغيان بالإطاحة بممثليه على كراسى الحكم، لكن النتائج كانت كارثية،
فركبت التيارات الإسلامية المنظمة المضطهدة فيما مضى هذه الثورات، ثم كانت تجسيداً لمبدأ: خربها وقعد على تلها،
ثم حدث الغضب عليها بعد التعاطف الشديد معها، ثم ها نحن أمام ثورة أخرى فى مصر وربما ثورة قادمة فى تونس،
والناس تسأل: ماذا لو لم يحدث ما حدث؟؟
ماذا لو لم تصفع الشرطية بوعزيزى، فلم يضرم فى نفسه النيران..
ماذا لو لم يقتل رجال الشرطة خالد سعيد ويدعى التليفزيون زوراً وبهتاناً أنه حشاش، ثم لم يقتلوا سيد بلال،
ثم يضرم مواطنون آخرون النيران فى أنفسهم، ثم تحدث دعوات لـ25 يناير؟؟
ماذا لو لم تتعامل الشرطة بغباء مع فض مظاهرات 25 يناير، أو بعنف فى جمعة الغضب،
أو تنسحب فى نهاية اليوم، أو يموت من مات بهذه الطريقة؟؟
لا أحد يعرف
لكن السيناريو المفضل لدىّ هو التالى:
فى الغالب كانت الأمور ستمر فى مصر على سبيل المثال، ثم يتم توريث جمال مبارك بشكل قانونى أشبه بتوريث بشار،
ثم تقوم ثورة على «جمال» يدعمها الجيش من الكواليس، ليتولى عمر سليمان الحكم، فلا يهدأ الشارع،
ويحدث انقسام داخلى فى الجيش وهل عمر سليمان يستحقها أم لا، ليتحالف الجيش مع الإخوان ضد المخابرات!!!
ثم يتولى الإخوان الحكم بعد انتخابات حرة، ليحكم الجيش من الكواليس، لكن الإخوان يطيحون بالقيادات،
ويستمرون فى غبائهم بحجة تطبيق مطالب الثورة، فيقصون الجميع، فتقوم عليهم ثورة ثانية
تبعدهم من جديد، ونصل لنفس النتائج
بالطبع، كل منا له السيناريو الخاص به.
لكن السيناريو الذى أفضله لو فاز «شفيق» مثلاً، هو ثورة فى الشارع يؤججها الإخوان ضده باعتباره من رجال مبارك
وتتفق معهم القوى الثورية، مؤكدين أنه مش وقت الحساب عن عدم نزولهم فى محمد محمود، وأنه وقت التلاحم الشعبى،
فيستفز «شفيق» ومن معه، فيأخذون إجراءات استثنائية ضد الإخوان والثورة تجعل الناس تتعاطف معهم،
وتراهم فى دور المضطهدين مرة أخرى، فتقوم عليه ثورة منظمة بضغوط من كل أصحاب المصالح،
ويطاح به ليأتى الإخوان من بعييييييييد، ويجلسوا على كرسى الحكم بإرادة شعبية، لكن الأكيد أن الإخوان لن يحكموا بالعدل
الذى انتظره الجميع، ليستمروا عاماً على الأكثر، قبل أن تقوم ضدهم ثورة، ويبرز منقذ يراه كثيرون راجل جدع خلصنا من «شفيق»
ومن الإخوان فى ضربة واحدة وأكيد يستحق أن يحكمنا!!!!!
ماذا لو لم يحدث ما حدث الآن مثلاً..
ماذا لو قرر الإخوان أن يدركوا طبيعة دورهم بعد 30 يونيو فيقرروا النزول فى حلبة السياسة بقوة، مرددين شعارات
من تم الغدر بهم من الجميع، ولاعبين لدور المضطهدين، فيتم الترويج لكونهم أفاعى ويريدون الدخول من الباب الخلفى،
فيبدى الإخوان اتجاهاً للمصالحة الوطنية، فيعترض الجميع عليها، لتكون النتيجة أن الإخوان سيتحولون إلى إرهابيين
مع مرور الوقت، والنظام سيقتل الإرهابيين، لكنه سيقتل معهم أبرياء كثيرين، فيتاجر الإخوان بالأبرياء
ويتحول الأمر إلى معركة بين شعبين، يرى كل منهما أنه على حق والآخر على باطل..
باختصار يا عزيزى:
لو لم يحدث ما حدث، لحدث ما حدث بطريقة أسوأ
(لمحبى هذه التيمة، والمقتنعين بها من أمثالى أنصحهم بمشاهدة فيلم siigen doors للنجمة العالمية جوينيث بالترو،
أو الرجوع لفيلم «معجزة السماء»، للأسطورة محمد فوزى).