08.07.2014
....تعيش السودان خلال الأيام الحالية كارثة إنسانية ضخمة بمعنى الكلمة بعد أن ضربت الفيضانات الكبيرة
والسيول والأمطار الغزيرة أجزاء كبيرة من البلاد فى موسم الخريف الحالى
خلفت وراءها أكثر من 6000 منزل منهار، فى ظل الفساد وسوء التخطيط المتراكم
لدى حكومة الرئيس عمر حسن البشير، منذ سنوات طويلة، وعدم إنشاء شبكات لصرف المياه عند حدوث
تلك الكوارث الطبيعية لتتحول دولة السودان الشقيقة لأكبر مستنقع مائى فى التاريخ المعاصر.
وكالة الأنباء السودانية الرسمية "سونا" - الناطقة باسم النظام السودانى - اعترفت بأن الفيضانات
التى ضربت نصف ولايات السودان دمرت آلاف المنازل خلال شهر واحد، كما نقلت الوكالة عن وزارة الصحة السودانية
أن 22 منطقة، فى 8 ولايات تضررت بشكل بالغ، وأن 184 شخصاً أُصيبوا نتيجة هذه السيول والفيضانات
والأمطار التى دمرت 6100 منزل، نصفها فى ولايتى نهر النيل وشمال كردفان.
الكارثة الإنسانية التى يعيشها الآلاف من فقراء السودان غضت حكومة البشير الطرف عنها، تاركة هؤلاء المتضررين
لقاء مصيرهم المؤلم دون أن تتحرك لمساعدتهم، حيث يعيش الآلاف حاليا فى خيام بمناطق مختلفة فى الخرطوم
والولايات الأخرى بالسودان هربا من الدمار الذى لحق بهم.
وفى السياق نفسه، كشفت صحيفة "الانتباهة" السودانية - غير الحكومية - أن نهر القاش فاض بمياه كبيرة
واجتاح منطقة "أورما" وأغرق قرى مجاورة بولاية كسلا،
متسبباً فى انهيار عدد كبير من المنازل وتضرر نحو 685 أسرة.
وكشف تقرير وزارة الرى السودانية عن تسجيل أعلى قراءة فى محطة "سيتيت - ود الحلو"
بقراءة بلغت 15.10 نقطة وهى أعلى منسوب منذ عام 1988.
ويرى مراقبون سودانيون أن المشكلة الأساسية وراء هذه الكارثة الإنسانية فى السودان ليست فى الأمطار
والسيول فى حد نفسها ولكن فى عدم التخطيط السليم لتصريفها والشروع المبكر للاستعداد لفصل الخريف
بفتح المجارى والمصارف وتنظيفها وإزالة العوائق الخرسانية والترابية من المجارى الرئيسة
والشوارع وتوفير المعينات اللازمة للعمل.
وأكد المراقبون أن فصل الخريف الذى يحل حاليا فى السودان بدل أن يكون نعمة أصبح "نقمة" نتيجة
لتكرار الأخطاء السابقة لحكومة البشير التى تفشل دائما فى حل أزمات البلاد مما يؤدى إلى خسائر كبيرة للغاية
فى الأرواح والأموال والممتلكات والمبانى وتلف عدد كبير من المنازل والمدارس والمرافق الخدمية والمؤسسات.
ويواجه الآلاف من العائلات السودانية خطر التشرد وانعدام المأوى بسبب فقدان منازلهم والبعض منهم لأرواحهم
لتعرضهم لخطر السيول والأمطار وأصبحوا فى أمس الحاجة لمعونات عاجلة
وذلك فى ظل صمت حكومة الخرطوم غير المبرر تجاه حل الأزمة.
وأكد شهود عيان سودانيين أن الأمطار الغزيرة التى هطلت فى الخرطوم حولتها إلى خرطوم أخرى
وطمست ملامحها بالمياه المتراكمة فى كل الشوارع والأحياء ولم تسلم الشوارع الرئيسة والفرعية
من المياه وصعبت مهمة المرور والحركة سواء للسيارات العامة والخاصة بسبب عدم توفر المصارف والمجارى
الجاهزة والنظيفة لتصريف مياه الخريف والتى جعلت من الخرطوم وضواحيها مستقرا دائما لها
وانعكس الأمر بصورة سالبة على مجريات الحياة اليومية للسكان.
كما فاقمت الأمطار من حدة أزمة المواصلات، التى زادت تعريفاتها بعلم من حكومة الخرطوم فى معظم الخطوط الداخلية
لزيادة معاناة السودانيين، فى الوقت الذى كشف فيه رئيس الهيئة النقابية للحافلات بولاية الخرطوم دياب قسم السيد،
عن خروج 35% من أتوبيسات النقل العام بالولاية من الخدمة بسبب المياه المتجمعة فى مواقف المواصلات.
وفى ظل غياب تام لحكومة الخرطوم، أكدت مصادر سودانية أن عددا من المنظمات الخيرية وجهات غير حكومية
بدأت فى توزيع مواد الإغاثة من السلع الغذائية والبطانيات لمتضررى السيول والأمطار، مشيرين إلى أنه هناك مخاوف
حادة من أن تتسرب مواد الإغاثة لتجد طريقها للأسواق لتباع هناك.
وأكدت مصادر سودانية أن ما حدث من خسائر ضخمة فى الممتلكات والأرواح سيحدث لاحقاً من لانعدام التخطيط الإستراتيجى
لحكومة الخرطوم وعدم الإحساس بالمسئولية تجاه البلاد والشعب السودانى.
ووجهت المصادر أصابع الاتهام لعدد من الجهات الحكومية بالخرطوم، حيث خرج المسئولين السودانيين لتبرير
فشلهم بإلقاء اللوم على السيول وغض نظرهم عن المشكلة الحقيقية ألا وهى وزارة التخطيط الاستراتيجى
التى تنفق مليارات الدولارات من خزينة الدولة باعتبار أن لها الأولوية فى تحقيق التنمية العمرانية بالسودان،
وفى المقابل يجد السودانيين كافة المشاريع المتعلقة بالطرق وتأهيل البنية التحتية متوقفة تماما وفاشلة.
وأضافت المصادر أنه لازالت الحكومة السودانية لا تتعظ من تلك الأخطاء وعدم وضع علاج حاسم لمواجهة
السيول والفيضانات التى دمرت بعض ولايات السودان وطالت 22 منطقة وحوالى 6100 منزل وأسفرت عن
كثير من الضحايا التى وصلت لـ184 شخصاً فى كلا من ولاية الخرطوم ونهر النيل وكسلا والجزيرة وشمال كردفان.
وفى السياق نفسه، أكد الناشط السياسى السودانى زهير السراج، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى "الفيس بوك"،
أن الأمطار ليست كثيفة إلى الحد التى تجعل من الخرطوم وكافة ولايات السودان "مستنقع ضخم"
لكنه سوء التخطيط والإهمال والفساد الحكومى، مشيرا إلى أنه برغم أن السودان مليئة بالكفاءات الهندسية الكبيرة
لكنها لا تستشار ولا يسمع رأيها، بل ويستغنى عنها لصالح أهل الولاء والطاعة والأقرباء لحكومة البشير.
وأكد زهير أن الخرطوم غرقت فى "شبر مية" بسبب الفساد وسوء التخطيط والغش والخداع، لدرجة أن
صالة المغادرة الجديدة بمطار الخرطوم التى استغرق بناؤها 4 أعوام وبلغت تكلفتها أكثر من 300 مليون جنيه سودانى (قديم)
وودخولها العمل بشكل رسمى منذ عام 2009 ، صارت الآن بركة كبيرة يعوم فيها المسافرون قبل أن يتوجهوا إلى طائراتهم.