محمد حسنين هيكل: نحن أمام نظام لا يعرف ودماء سائلة..والرئيس سيعلن أحكاما عرفية بعد 4 شهور

فى هذه الحلقة ذكرت لميس الحديدى، أن الأسبوع الجارى يطلق عليه بامتياز "أسبوع الأزمات"

مابين الاعتداء على الكاتدرائية ومروراً بأزمة القضاء، التى لم تضع أوزارها حتى الآن والأزمة الاقتصادية الطاحنة،

لذا فقد اختار هيكل هذه الحلقة للإطلالة على الجمهور الحائر برؤيته الثاقبة وتحليله العميق لما بين السطور.



وأكد هيكل، أن حكم الإخوان أشبه بأصحاب الكهف والرقيم، الذى مكثوا فى كفهم سنوات وعقود تصل إلى 70 سنة،

ثم خرجوا فجأة وهم لايعرفون لغة العصر ولا آلياته ومصرون على فرض ما يريدون بالقوة لشعورهم الدائم بالتربص.



وقال إن الإخوان يحاولون دائماً الالتفاف على فتاوى القانون وثمة فارق كبير بين تفسير القانون وتأويله

وبين البحث عن الفخاخ فيه، وتابع قائلاً "من ضمن المفارقات أن مرسى يخالف قوانينه ودستوره الذى وضعه

وأن ثمة شبهة أن جميع قرارات مرسى التى أصدرها باطلة لعدم وجود توقيع المجاورة

من رئيس الوزراء فى النظام الذى اختاره لدستوره".



وقال هيكل، إن أصحاب الكهف فشلوا فى توصيف الأزمة الاقتصادية ووضعوا بجوارها حلولاً عاجزة عن اجتياز الأزمة

على حد قوله.. وأنه لايمكن مقارنة مايسمى بمذبحة القضاء فى عهد ناصر، والتى ارتبطت بهدف اجتماعى

فيما لا يتجاوز 40 قاضياً بمذبحة شرسة وجامحة فى عدد سيصل فى حال الإقدام عليه إلى 3500 قاض.



وأضاف هيكل، أن أزمة النائب العام سببها العند والمكابرة من مرسى والإصرار على الخطأ.





*دعنا نبدأ بفكرة الأزمات كيف احتكمت الحلقات وضاقت بنا ووصلت إلى مانحن عليه الآن؟



يقول هيكل، دعينى أبدأ وأتناول الأمور بنظرة أدبية من خلال اللأدب وبعيداً عن الجغرافيا والتاريخ

ويبدو أن الأزمات تعلم الشعب المصرى نوعاً من الأدب على طريقة تستند إلى قصة "ساعى البريد"

فى رواية بعنوان "الصبر المحترق" للمؤلف أنتونيو سكارميتا، تدور أحداثها سنة 1952 فى قرية

تقع فى جزيرة إيطالية صغيرة تتحدث عن ساعى بريد إيطالى بسيط، وخجول يفتقر إلى الخبرة فى مهنته

وعلاقته بالشاعر التشيلى بابلو نيرودا الحائز على جائزة نوبل فى الأدب، وهو شاعر، ترك بلاده الأصلية

تشيلى بعد حظر الحزب الشيوعى فيها عام 1948 وتجول فى أوروبا قبل أن ينتهى به المطاف للعيش فى المنفى

فى الجزيرة الإيطالية الصغيرة للتمتع بقسط من الهدوء والراحة بعيدا عن المشاكل السياسية فى بلاده..

فالرواية - كما نرى- تجمع بين شخصية تاريخية حقيقية هو الشاعر التشيلى بابلو نيرودا، وبين شخصية فنية

هو ساعى البريد ويبذل كل محاولة ممكنة لمصادقة الشاعر المرموق، وكسب وده فيما ينقل إليه كميات هائلة من الرسائل،

التى يأتى معظمها من نساء معجبات بالشاعر رغم تقدمه فى السن، مما يزيد إعجاب ساعى البريد البسيط

بمثله الأعلى الشاعر الشهير وعندما سأله عن سر نجاحه وشهرته وأنه يرغب أن يكون مثله قال له عليك

أن تخرج من الأسلوب السردى وتأخذ الأسلوب التصويرى، وأنا الآن أجد فى ظل المآسى

التى نعيشها أمثلة تصويرية لتحليل الموقف وأنا سألت أحد القضاة، وهو من أجل القضاة،

ومن خيرتهم قال لى "لاتتعب نفسك نحن الآن فى قطار سريع لدينا من الحرية التنقل بين غرف الطعام

وكبائن النوم والصالون، لكن القطار يأخذنا جميعاً إلى الطريق، الذى لانعرف وجهته والمشكلة أيضاً

أننا لم نأخذ بالنا إلى أن غرفة القيادة داخل القطار والقائمين عليها لايعرفون إلى أين نحن ذاهبون

فهو يتحرك بسرعة على القضبان طالما وجدها فى طريقه، ولكن المشكلة الأكبر تتمثل فى ثلاثة أمور

إما أن ينفذ الوقود فى أى وقت أو يخرج إلى العراء بعد أن لا يجد القضبان فى سيره غير المحدد

"وأنا أعتقد أن هذا المشهد والوصف قريب جداً بما نحن عليه الآن والموضوع حقيقى يقلقنى أكثر من أى وقت مضى

ولو أنا أخذت تشبيهاً آخر غير هذا وأعود إلى نفس القاضى الذى قال لى "إذا كان هذا حال الشعب

فإن حال السلطة أشبه بمن وضع يده فى جار الحلوى وأخذ يحاول بقبضته أن يأخذ الحلوى و"يكبش" أكبر قدر منها

وعندما رفع يده ليهم بالخروج من الجار لم يعرف أن يخرجها بل اختنقت ولم يستطع إخراجها

أو الحصول على الحلوى "وأنا بدورى الآن مستعد أن أقوم بما قام به البوسطجى بالضبط وأقول أننا "أهل الكهف"،

وأقصد بمن يحكمنا وهى ناس خرجت ولم تتعلم شيئاً ولم يعلموا أن الزمن اختلف ولغة الخطاب نفسه تغيرت

وفى نص القرآن يخبرنا أن أهل الكهف مكثوا فى كفهم 309 سنين، ومن معنا اليوم مكثوا فى كهفهم

بين السبعين والثمانين عاماً وخرجوا للعالم وأخذوا السلطة فى ظروف معينة وقد اختلفت العملة واللغات

واختلفت أيضاً المقاييس ولم يعرفوا أن العالم تغير وهم بعاد عنه ويصرون أن يتعاملوا بنفس المنطق والطريقة

ولا يستطيعون تصور هذه التغيرات، ورغم أن الناس تتعجب منهم وهم فى حالة نسيان تامة لعدة أمور

وتتعلق بالواقع العملى أن أغلبية هذا الشعب، وإن بدت ميولهم إسلامية وهذا طبيعى لأن العقائد مترسخة

عند الناس والمسألة أن هناك ثقافة معادية لهم باستمرار لأن الشعب المصرى لن يتخلى عن تاريخه

وثقافته والإخوان المسلمين وعلى مر العصور اصطدموا فى العهد الملكى ومروراً بعهد عبد الناصر، ثم السادات

ومبارك ورغم أن الناس أحسنت الظن بهم للحظة، وقالوا لهم تعالوا ليس هناك مشكلة فلنجربكم وتناسى الإخوان

أن هناك ثقافة مترسخة عبر كل العصور والطوائف وغائصة فى أعماق الناس أنهم يشكون فيهم

أرى أن هؤلاء خرجوا ولم يعرفوا شيئاً ويشعرون بالتربص.





*هل هذا يقودنا لأن أطرح سؤالاً أن فكرة من قام بالثورة لم يصل إلى الحكم وبالتالى نحن فى فراغ كبير جداً؟





*على وجه اليقين وفى كل ثورة والمعتاد أن من قام بالثورة يصل إلى الحكم لكى ينفذ البرنامج الذى دعا إليه

وعارض من خلاله الحكام وثار من أجله ولوفرضنا أن مشاركتهم وقوتهم كانت فى الثورة بنحو 10-20%

لكنهم فى حقيقة الأمر قلة فى فلك القوة التى ساهمت فى تغيير الأوضاع ثم جاءوا واستولوا على السلطة كاملة

دون مراعاة للآخرين والمشكلة هنا ليست هكذا فقط، بل إن المشكلة الأكبر التى تجعلنا دوماً نشعر بالأسى

أن من أتى إلى مصر فى هذا العصر يشعرون دوماً أن الجميع فى حالة تربص بهم وهذا الإحساس

يدفعه إلى مزيد من العناد والمكابرة ويصر على موقفه فهو يعتقد أنه مظلوم رغم أن المظلومية انتهت

وهم الآن فى الحكم وفى السلطة، والناس التى كانت على استعداد أن تمنحهم الفرصة أو ميزة الفرصة

والتجربة مع الأسف الشديد لا يستفيدون من التجربة بسبب الثقافة السائدة أو بسبب العناد والإصرار

أو لأنه لا يفهم أننا وصلنا إلى درجة تشبه المواجهة بين تيارين وهذا شىء مخيف.





*إذاً بعد تسعة أشهر من حكم الدكتور مرسى كيف تقيم أخطاء هذا النظام وكيف وإلى أين نحن ذاهبون؟





*أى واحد أى طرف من الأطراف يواجه موقفا لايفهمه ولايعلم كيف يتصرف ويظن أنه على حق

فإنه يأخذ الأشياء غصباً وتصور للحظة وأنا أتعجب كثيراً ممن يقولون "مايزع الله بالسلطان أعظم مما يزع بالقرآن"،

وأنا أتعجب من أين أتى بهذه المقولة فهى لم يذكرها النبى ولم ترد لا فى القرآن ولا السنة،

وإنما جاءت فى عهد الخلفاء وكل واحد مستمر فى تبرير موقفه فى ضوء مايفهمه من حجج فهم لا يزالون

حتى الآن يستعملون المقدس، وهذا ليس فى السياسة الإسلام دين ودولة غير ممكنة لسبب بسيط السياسة

قد تتغير كبنيان ومؤسسات فى الدولة، لكن الإسلام لا يتغير ولا تقرن المصحف الشريف بالسيف

فالمصحف دعوة والسيف قمع وليس بينهما علاقة لا يجب أن يحدث هذا الدنيا تغيرت وأنت ترفض التغيير،

وتتوقع أن مالم تستطع الحصول عليه تستطيع أن تفرضه على الناس بالقوة.



4

أزمة القضاء

*إذا انتقلنا إلى أشياء أكثر تفصيلاً وتحديداً القضاء والذى به مشكلة كبيرة لاتعرف أين الحل مثلاً قضية النائب العام؟





*ليس فقط قضية النائب العام الغريب جداً فى هذه اللحظة الراهنة أن النظام القائم يرى فى القضاء خصماً

ويرى فى الجيش تهديداً والبوليس أداة العاجز ويرى فى الإعلام العدو وسأعود إلى تصريح السيد مهدى عاكف

عندما تحدث أنه من الممكن أن يخرج 3500 قاض وأعتقد فى هذه اللحظة أنه خرج عن لسانه

مالم يقصد من خلال تقليل سن المعاش لأن ثمة قضية مهمة فهم لا يزالون يفكرون بموقف العاجز،

وأن كل من حكم ضدهم لابد أن يخرج وقد اكتشفت أن ماقيل هذا الأسبوع بعد ذلك لم يكن على سبيل الخطأ

من السيد عاكف بل مقصود لأنهم وجدوا أن المفتاح أن تقليل سن المعاش إلى 65 سنة سينجم عنه خروج 2400 قاض

ثم إلى 3004 إذا قل سن المعاش إلى ستين ولن يبقى فى الدستورية وقتها سوى خمسة قضاة

إذا تم تقليص السن إلى 65 ثم إلى 60 سيبقى قاضيان فقط، وأنا أعلم أنهم طلبوا بعض المخارج

وهنا لايزال منطق التحايل على الفتاوى قائماً حتى وإن خالفت روح القانون وحتى إن خالفت روح العرف.




*تقصد استخدام القانون لإيجاد المخارج؟





*أريد أن أقول إن كل السلطات استعملت القانون بشكل معين لكنى لم أعلم أو أر كم هذه المخالفات القانونية

حتى فى ضوء الدستور الذى وضعوه، وقد فوجئت بأن أحدا قال لى إن كل قرارات الدكتور مرسى باطلة

لأنه لابد ووفقاً للدستور الجديد أن يكون هناك مايسمى بالتوقيع المجاور لرئيس الوزارة وأحياناً للوزير المختص

وأحدث فى الدستور الجديد أنه مثل جمعا وخلطاً بين دستور عام 1923 الملكى ودستور 54 للسنهورى باشا

ثم دستور 71 ولم يقبلوا أن يأخذوا بالنظام الرئاسى وطلبوا من النظام البرلمانى التوقيع المجاور،

وبالتالى فإن القرارات باطلة لأنها منقوصة التوقيع المجاور ومشروع القانون،

وبالتالى كل ما أصدره الدكتور مرسى أخذ منحى ما كان يصدر عبر الدساتير القديمة وليس موجوداً فى دستوره

وهذا هو الخطأ وهذه القضايا الموجودة والتعسف مع القانون واختراع النصوص،

وبالتالى القضاء فى النهاية يرفض ذلك حتى فى ضوء قانونه ودستوره وهنا يقول إن القضاء خصم

وهناك باستمرار فى القانون شيئان تطبيق القانون وتأويل القانون أو ما يسمى محاولة التفسير

لكن لم يحدث أن بحث أحد عن فخاخ.





* دعنى أعود إلى تصريحات عاكف وهو تحدث أن القضاء فاسد
ولهذا فإن عليهم الإطاحة أو الخروج بهذا الرعيل من القضاة؟





*أن تتحدث وتصرفاتك مختلفة ومخالفة حتى لقوانينك ودساتيرك حتى وإن قبلنا بهذا الدستور المعيب

به من العوار ثم تتجه إلى المحاكم لتبحث عن المخرج فتحكم المحكمة ضدك وأنت لاتفكر فى هذه اللحظة

كيف أخطأت لكنك تعتقد دوماً أن الخطأ فى الجانب الآخر وهم القضاة.





*نعود إلى أزمة النائب العام وأنت تعلم أن مجلس القضاء الأعلى أصدر بياناً هادئاً
دعا فيه النائب العام العودة إلى منصة القضاء والرئاسة قالت إنه باق؟





*أنا أعتقد أن هذا النوع من العناد والمكابرة ومكابرة من لايعرف فى حقيقة الأمر يريد أن يحكم

وهو لا يعرف إذا كنا قلنا فى السابق، إن الحكم بدائل واختيارات لكنه معرفة أيضاً، وأن يكون على معرفة أيضاً

بالقضية التى تتحدث عنها سأترك كل الحجج القانونية لكن ببساطة منصب النائب العام

وهو الرجل المؤتمن على الدعوى العمومية العامة لابد أن يكون موضع إجماع من الجميع أو على أقل تقدير

ليس موضع خلاف من الجميع أنا أمامى أدبياً ومعنوياً وسياسياً حتى نائب عام لا يستطيع

أن يدافع عن الحق العام إذا كنا أمام مأزق مرجعها الرئيس ولأنهم أناس لايعلمون ولا أعلم كانوا فى أى زمان

ثم خرجوا علينا لعصر مختلف وهم يظنون أن الخطأ فى الآخرين هناك تعسف،

وأعتقد أن الناس رغم رواسب الماضى منحتهم الفرصة رغم شكه فيهم اقتربت من سنة المدة

الآن وكل مايجرى لايدل فى أبسط الأحوال على معرفة والظرف لايحتمل لا البلد

ولا الإقليم حتى والبلد مرهقة جداً ولا تستطيع أن تتحمل كل هذه الأخطاء.






*لكن إذا عدنا إلى العلاقة بين السلطة التنفيذية والقضاء وعبد الناصر وهو كان له تصادمات أيضاً مع القضاء؟





*أرجوكى مسألة مايسمى إعلاميا "بمذبحة القضاء" كانت لاتتجاوز 43 قاضيا، لكنه كانت له أسبابه الاجتماعية

من وجهة نظره، وقد تكون خاطئة أو صائبة وكان البلد يشهد تحولا اجتماعيا وهى قلة من القضاة،

ولكن هذه المرة ليست مبدأ وإنما كان من أجل مصلحة حزب أو فصيل أو جماعة لقد أسمينا خروج 30-40 قاضيا

مذبحة للقضاة، لكن بماذا يا ترى سنصف ما سيحدث الآن عندما يخرج 3500 قاض؟

ثم إنه ليست هناك قضية عامة تحتكمى فيها إلى المجتمع




*يبدو أن النظام مستمر فى أزمة النائب العام أم أنه قد يحدث فرجاً قريباً؟





*أنا أعتقد أن هناك محاولات من بعض العقلاء إيجاد مخرج من المأزق وأتصور وهناك أناس من مجلس القضاء الأعلى

تحاول أن تعيد النائب العام السابق، ولو ليوم واحد فقط ثم يتقدم باستقالته وأن المستشار طلعت إبراهيم

يتقدم هو الآخر بالاستقالة، وهو أمر يتعلق لمراعاة منصب النائب العام وأنه المؤتمن على الدعوى العمومية

لكن أنا فى مرات كثيرة جداً أكون منتظر أن يحدث للناس عملية إفاقة، لكن تجدين أن المنطق الغالب

فى النهاية أن أهل الكهف مستمرون ونحاول أن نخبرهم أن الدنيا تغيرت وأنهم ـ تأخروا 70-80 سنة

حتى لغة الزمان تغيرت لكن لا فائدة.





*يزعج الناس فى مصر كثيراً الحديث عن الحدود مثل حلايب وشلاتين
التى تناثرت حولها الشائعات وهذا رأى مزعج ومقلق بالنسبة للمواطن المصرى؟





*المشكلة باستمرار عدم دراسة المشاكل وأنا لا أعلم لماذا زار الخرطوم؟ أنا أريد باستمرار زيارة الخرطوم

لكن وخصوصاً أن البلد فى أزمة أن تكون زيارة الرئيس لها هدف واضح غير الهدف الدعائى والإعلانى

ويتصور أنه حل أزمة إفريقيا وعندما ذهب إلى المؤتمر القمة الإفريقى إذا بصحف القاهرة تخرج فى ثانى يوم قائلة

إن دور مصر فى إفريقيا عاد وأنا أقول لهم من فضلكم بعض الهدوء ما كانت مصر الحديثة منذ عهد محمد على

كل العصور ساهمت فيها صحيح هناك أشياء كثيرة ضاعت والإخوان ليس لهم علاقة بذلك لكن لابد على الرئيس

عندما يقوم برحلته إلى هناك أن يكون على دراية تامة بمعلومات كافية عن حلايب وشلاتين

أى واحد يطل إلى خريطة مصر سيجد خط الحدود المصرى مستقيماً ويبدو أنه لم توضع عليه القدر الكافى

من الحراسات وهى منطقة قبلية يريد القبائل فيها التحرك والتجول دون أن تكون هناك أى قيود وأنا أعتقد

أنه لايجب أن تقوم مشكلة بين السودان ومصر بسبب أرض مهما كانت هذه الأرض لكن هذا أيضاً لا يعطى الحجج

بأن تكون الحدود واضحة وهى خط مستقيم وواضح ثم يتكلم أحد عنها لأن فى السودان حكومة ضعيفة

تريد أن تستثير أزمات عاطفية لإحداث أزمات لا لزوم لها فى النهاية، وأعتقد أن التصريحات

التى خرجت بعدها نوقشت لا لم تناقش ثم نوقشت ولا لم تناقش؟ أمور غريبة والخطأ هنا فى العصر الحديث

ليس فقط فى دراسة القضية، لكن ضرورة ألا تنطقى إلا بما تعرفى لأن ثانى يوم بعد اللقاءات كل شيء يثار

لم يعد هذا عصر الأسرار إذا كان الإخوان استمرار عهد الوشوشة فقد اختلف العصر

وعلى أهل الكهف أن يدركوا أنه لم يعد هناك كهوف.





قبل أن أخرج من أهل الكهف دعنى أقول إن الجيش سيظل الحامى للأمن القومى للحدود
حتى ولو لم يطلب منه الدخول فى السياسة الداخلية؟





*أريد أن أقول لك إننى من يوم وأنا أراقب المشهد الداخلى الحالى أول شىء من واجب الجيش الحماية،

وأن يدافع عن الحدود لكن فى ذات الوقت لا أتحدث عن أزمة بيننا وبين السودان تستدعى إلى استعمال السلاح

ثانى شىء أتمنى أن يترك الناس الجيش مصاناً فى مكانه الذى أخشى منه أكثر من ذلك مع تدهور الأحوال

أنا لاأستعبد أن يتصور الإخوان أنه فى مقدورهم الإعلان عن أحكام عرفية لأنهم فى حالة قلق دائم من الإعلام

ومن الناس ومن الوضع كله ويتصور وقد تساوره أوهامه إعلان حالة الطوارئ، وقد يستدعى الجيش

وهو بذلك يضع البلاد فى أزمة لا لزوم لها لأنه لايستطيع أن يدير الأوضاع فى البلاد لا اقتصاد ولا شأن عام

ولا شأن دولى هناك تخبط كبير ومطلوب وقفة مع النفس، لكن إذا استمررنا فى هذا الطريق أعتقد أنه

فى غضون شهرين أو ثلاثة قد يضطر الرئيس مرسى اضطراراً إلى اتخاذ إجراءات استثنائية.




*وهل سيستجيب الجيش لذلك؟



*هنا سنكون فى مأزق كبير لابد أن يعيه من يتحدث ومن يفهم وأن يفكر بطريقة مختلفة وعقلية أيضاً

على سبيل المثال الأمن المتدهور فى البلاد بهذه الطريقة المصائب فى كل مكان لايمضى يوم إلا بمصاب

أو قتيل أو شهيد والدماء فى الشوارع وحجارة وخرطوش وفى كل الأحوال يقال لا نعرف ماهى القضية؟

أننى أمام نظام لايعرف أو لايفهم، ولا أقصد الغباء لاسمح الله، أقصد أن أمامه أوضاعا لا يستطيع فهمها

وكان المفترض أن يساعده مستشاروه، ولكن هذا لم يحدث وأعتقد أنهم باتوا عبئاً عليه أنا قلق

من أن نظل فى السلطة حتى نهايتها ويصبح البلد على إثرها فى مأزق خطير.





*أنت أسميت الاقتصاد بأنه أزمة المستقبل والآن وقد خرج أهل الكهف من كهوفهم فإذا بالاقتصاد له آليات مختلفة
ليس بيعا وشراء واستيرادا وتصديرا لكن آليات لايعرفون عنها شيئاً ماهو تقييمك للأداء الاقتصادى؟


*أما وإن استخدمتى تعبيرى الوصفى بأهل الكهف فدعينى أكمل وصف المشهد الاقتصادى بأنها فى غياهب الجب.



*غياهب الجب؟





* نعم غياهب الجب وحتى أكون منصفاً هى أزمة تراكمت عبر سنوات طويلة، وهم ورثوها بالطبع لكن مثلهم

كمثل صاحب الإرث لايدرك قيمة ما ورثه أو لايعرف قدر ماهو مسئول عنه فى موضوع الاقتصاد الأوضاع

تزداد سوءًا وأنا أمام موقف سيئ لاجدال فى ذلك، لكن الموقف السيئ ترك دون علاج

ودون أن يفعل شيئاً حياله، وكان لى شرف افتتاح مؤتمر للتيار الشعبى للرؤى المستقبلية دعانى إليه

حمدين صباحى وذهبت واذهلنى الصورة التى كانت أمامى وما تحدثت عنه التقارير

وسمعت ناس يتحدثون ويقدمون الحلول.




*إذا المعارضة لديها من الحلول ماتقدمه؟





*دائماً نقول بإمكان فرد أن ييأس وينتحر لكن الأمم لا تيأس ولا تنتحر المسألة هنا ببساطة

والمشكلة الرئيسية أنه عندما نضع أمامنا حقائق الأزمة بالأرقام سواء أخوانا فى المؤتمر أو صندوق النقد الدولى

أو كل من تتصورى سأقول لكى شيئاً حتى لو كانت خارج الموضوع فى الشهر الماضى التقى شيمون بيريز

بزائر أجنبى ما وقال له "أنتم قلقون جداً على مصر فلا تضيعوا وقتكم مصر أمامها ثلاث حروب نائمة

قد يتم إيقاظها فى أى وقت الأولى دينية بين فئة وفئة أخرى أناس من عصور يتصورون، الدين

أو لهم تفسير بشكل ما والدين موجود لإسعاد الناس وليس لشقائهم أما الأزمة الثانية فلها علاقة مباشرة

بالأزمة الاقتصادية الطاحنة وهى تنذر بحرب أهلية والثالثة أزمة المسلمين والأقباط وكان الضيف

ولن أقول اسمه وقال كيف قادت إسرائيل حربها تحت قيادة بن جريون عندما قال "كل الناس الذين يقاومون

قبل قيام الدولة عليهم الانضمام إلى جيش الدفاع والأمر وصل إلى أن يأمر بن جريون بضرب وإغراق

مركب كان قادماً ويحمل فى جنباته المتطوعين لحزب هيروت وقد خاضت إسرائيل حربها لكن مصر

أمام ثلاث حروب رئيسية وهى حروب أهلية وإذا كانت أحوال الاقتصاد بهذا الشكل ولا أستطيع أن أتحدث كثيراً

عن الأرقام فهى واضحة سواء أرقام العجز أو البطالة أو الإمكانيات المتاحة حتى المساعدات المالية نفسها

من المفارقات أن ماكان يأتى قبل الثورة أكثير بكثير من ما بعدها المشكلة أنهم لم يستطيعوا أن يقرأوا الأزمة

ويوصفونها بالتوصيف الصحيح ثم يجدون الحلول الممكنة لها عليهم أن يدركوا أنهم المسئولون

عن هذا الآن نعرف أنكم استلمتم أوضاعا اقتصادية صعبة لكن لايوجد حلول حتى الآن وفى المقابل

فإن الخطاب الموجه للشعب ملىء بالتفاؤل وعندما تشاهد الصحف ستعرف أنها مشروعات

ما زالت فى الخيال وخطط ما زالت على الورق ولم تناقش.






*ما تفسيرك للعجز فى إيجاد الحلول؟





*إذا كنا نتحدث أن هناك أناسا لايعرفون بما فيه الكفاية ولايريدون أن يروا سوى أنفسهم

وسأضرب مثالاً على ذلك أحد السفراء أخبرنى أن كاثرين أشتون المفوضية الأوروبية لدى زياراتها فى القاهرة

قابلت الرئيس مرسى وقالت له إن الوضع الاقتصادى فى مصر يجب أن يستقر

ولن يحدث هذا إلا بأن يكون هناك حكم قوى وأن يشارك فيه الجميع والسفير قص عليا أن أشتون أخبرته

بذلك وعندما سألها السفير عن رأى الرئيس مرسى قالت لم يجب ولم يقل نعم أو لا بل صمت حتى أصدقاؤك

فى الخارج وهناك كثير من الخبراء قرأوا المشاكل ووثقوا ورسموا الحلول لكن للأسف

لاتؤخذ الأمور إلا لشىء مجهول لأسباب بسيطة وتافهة.






*الفكر الاقتصادى السائد الآن هو صندوق النقد الدولى من ناحية والمعونات من ناحية أخرى وفى مقدمتها المعونات القطرية؟





*هناك مشكلتان فى الاقتصاد باستمرار كيفية اجتياز عنق الزجاجة فى هذه اللحظة ثم التصور للمدى البعيد

والمعونات والمساعدات قد تساعد فى حل أزمات اللحظة أو الآنية، لكن المشكلة أن الأزمة أكبر من ذلك أنتم تدخلون

"خناقات" لا مبرر لها فى هذه اللحظة والشيء الغريب أنه عندما يكون هناك بلد يعاند فى المجتمع الدولى

بلا قضية ومن ضمن الأوهام المسيطرة على الإخوان وسمعتها أن المجتمع الدولى لن يسمح بأن تسقط مصر

وتناسوا أن مشاكل مصر كبيرة جداً بشكل لا يستطيع أن يضمنه أحد.






*لكن الولايات المتحدة تضمن هذه المشكلات وتدفع صندوق النقد الدولى للموافقة على منح القرض؟





*أريد أن أقول إنه ضمن تصور الإخوان أن مصر أكبر من أن نترك للسقوط وهو تصور قائم على المكانة الإقليمية لمصر

وأنا لها تأثيرا معينا على المحيط، ولكن ما تتصورينه عن هذه المكانة لم يعد موجوداً وأرجو أن تعرف أن مكانة

أى دولة فى إقليمها لا يرتبط فقط بالموقع الجغرافى ولايكفى لذلك إذا كانت الممارسات واستخدام الموقع بالشكل الأمثل

إذا تحدثت عن حجم السكان وهو جائع وضائع لا قيمة له وهم لا يفهمون أن الأمريكان وأنت تتحدثين

عن هذا ساندوهم لأنهم اعتقدوا أنهم قادرون على الحفاظ على استقرار مصر

ولم يعد لنا هذا التأثير، حيث إن حيزنا المعنوى انكمش.





*لكن النظام يعتقد أن السبب الرئيسى وراء الأزمة الاقتصادية هى المظاهرات والمعارضة والإعلام

فهم يعتبرون ذلك من الثورة المضادة وهى التى تعرقل الاقتصاد؟



*ننسى دائماً أن أى أحد يواجه مشكلة لاطاقة له بها لايستطيع أن يعترف أنه فشل بل لابد أن يجد أشياء

يلقى عليها المسئولية لا أحد يستطيع دوماً أن يفتح فمه أمام الحقيقة ولايستطيع أحد أن يشوه إنجازا حقيقيا

مهما فعل وعندما كانوا موجودين فى زمن ما به إنجاز معين انكمشوا ولم يكونوا موجودين إذا كان أحد

لديه إنجاز وقادر على شرحه للناس أو أن يقودوهم لتحقيقه أو أن يريهم أنه جاد ولا يهمه أى تشويش.






9

قطر ومصر

*إلى أى مدى سيظل اللجوء إلى قطر وأن تكون المورد الرئيسى للغاز والمعونات؟






*هذه كارثة كبرى لأنى أظن هنا أن النظام لم يضر نفسه فقط بعدم فهمه لكنى أظن أساء أيضاً إلى أصدقائه

لم يحدث أن كانت قطر متعرضة لهجوم فى مصر مثل الذى تتعرض له الآن ومن المشاكل التى أراها وللأسف الشديد

أن ثمة معركة قبلية تدار على أرض مصر بين قطر والسعودية، وهى موجودة على الأرض المصرية

ويكفى أن يقرأ أى شخص الصحف سيجد أن هناك إشارات طائرة فى الهواء وهى معركة تحارب إلى أرض مصرية

وفى أحسن الأحوال هى معركة قبلية والغريب جداً وأنا أقول إن القطريين قد يكونوا أخطأوا

فى بعض الأشياء وفى شيئين أساسيين أولهما الجزيرة مباشر مصر وثانى الأشياء أنهم دعموا

الإخوان المسلمين على الأقل بهذا الشكل الظاهر، لكنهم سيظلون البلد الوحيد الذين قدموا مساعدات حقيقية لمصر

والباقون امتنعوا تخيلى النظام أضر نفسه بأخطائه، ثم أضر أصدقاءه ووصل بهم الحال إلى الامتناع

أو العجز عن التعرف أريد أن أقول إن لديه مشكلة فى الإدارة وفى الأولويات وأن هناك أزمة فهم بلا حدود.

*إذا تم توقيع قرض الصندوق وتمت الموافقة عليه فنحن أمام برنامج اقتصادى
سينفذ وبلا شك سيكون قاسياً على المواطن فهل سيتحمله المواطن؟





*حتى نكون صرحاء هذا البرنامج كان لابد من حدوثه وقد ذكرت لكى فى الحلقة السابقة أن أزمة الدعم فى مصر

من الأزمات التى كان سببها التوريث، كذلك دعم الطاقة تم تأجيله إلى الحد الذى لا يمكن إلا التصدى له بثمن غال جداً،

وأعتقد أن الإخوان تأخروا فى وضع الحلول وزادت التكاليف وإلى الآن لايستطيعون قبول ذلك

لكن وعودة إلى السؤال كيف يمكن تخفيض آثار البرنامج الاقتصادى، أنا أتصور أن المعونات الخارجية

فى هذه الحالة ممكن أن تخفض من حدة الآثار وهنا العالم العربى أتحدث عنه، ولكن يجب أن يكون موقفك مختلفا

فأنت أمام عالم لاتستطيع أن تمن عليه بأوضاع غير موجودة، وكذلك أنت أمام وضع لا يمكن أن تتسول من خلاله

ويجب عليك التعرف والتعامل من منطلق الواثق وأعتقد أن أول شىء يجب أن تقوم به هو إيقاف

عملية الهدر القائم فأنا حتى الآن لا أفهم ماذا يعنى أن تكون طائرة رئاسة.





شفيق والملاحقات

*أيضاً الحراسات الخاصة الضخمة؟





ولا أفهمها أيضًا إلى ذلك أين أموال الصناديق الخاصة؟ ولا أعلم للحظة كم يذهب إلى الرئاسة

من أموال الصناديق الخاصة، وأعتقد أن هناك ألغازاً كثيرة جداً يجب كشف الغطاء عنها ويجب أن توظف

الموارد إلى حيث هناك حاجة لها لكن نستطيع أن نخفف من آثار الأزمة على المواطن لعدة أسباب أن الناس كلها

على ما يبدو تحمل عبئاً وينبغى أن تكون المسائل مرتكزة إلى قواعد من الشفافية فى التصرفات أحتاج أن أفهم

ماذا سنفعل؟ لكن نحن أمام من يتجاهل أزمة ويقترب منها بحلول عاجزة وأمام الناس هناك تصرفات معينة

غير لائقة ودعينى أعرج هنا على أمر لم أكن أحب أن أتحدث فيه أبداً، وهو المرشح السابق الفريق أحمد شفيق

وسأتحدث هنا وأنا لا يستطيع أحدهم أن يقول عليا إنى من الفلول أو غير ذلك لا يليق بأى حال مطاردته

بالإنتربول وقد شاهدت ذلك أن طلب القبض عليه والرجل كانت فى الانتخابات الرئاسية قبل أقل من عام

ومن الممكن ان يكون قد ارتكب أخطاءً تستوجب الحساب ولكن هناك مايسمى الملائمة السياسية

والتصرف باحترام أمام الآخرين إذا كان هذا الرجل موجوداً منذ أقل من عام وحصل على

مايقرب من 48.5% من الأصوات من الناخبين فى مصر لمنصب رئيس جمهورية البلاد إذا أردت أن أحاسبه

فلنفعل ذلك لكن بهدوء وبعقل لكن لا أطلب من الإمارات تسليمه بعد أقل من سنة

فقد كان مرشحاً كما قلت هناك أصول للتصرفات.





*أعتقد أنه رفض ذلك لأنه ارتأى أنها أسباب سياسية على مايبدو؟





*هذه من الكوارث فالإنتربول يريد محاكمة قضائية ويريد حكما قضائيا قائما على العدالة ودائماً فى السياسة

أمام العالم الخارجى أنت تعكسين الأشياء إذا كنت تعكسين رغبة صغيرة فى الانتقام كنت أتصور

أنه لايجب أن نأخذه إلى أرض الطيارين لأنك فى هذه الحالة تريدين أن تقضى على أشياء كثيرة جداً.




*هو انتقام من المنافس؟





*بلا شك منافسك ليس ملاكاً وحاسبه ولسنا ضد الحساب ولا يوجد من هو كبير عليه

وأنا أوافق على ذلك، لكن بطريقة تصون كرامتك كحكم قبل كرامة من تطارد.





10


مارجريت تاتشر

قبل أن أخرج من الاقتصاد لا أستطيع أن أترك مارجريت تتاشر التى رحلت هذا الأسبوع وأعرف أنك كنت تحترمها؟





*أعرف أنك تحبينها لأنها المرأة الحديدية





*هذا حقيقى لكن هذه المرأة غيرت وجه بلادها واقتصاده من الممكن أن تتفق أو تختلف معها؟


*أنا لست مختلف معها أريد أن أقول شيئاً هذه المرأة لم يكن أحد يتصور أن تنجح لم يكن الناس يتصورون

أن هذه الفتاة التى درست الكمياء ستصبح رئيسة وزراء لكن هذه السيدة جاءت ولم تتكبر أن تعرف تستعين

بأبرز المستشارين وهم مستشارون حقيقيون وليس كما نشهده الآن من كلام فارغ فهم مستشارون حقيقين

وليس مفوضين من كيرملين المقطم أو غيره أتت بهم واستمعت واقتنعت وأدركت أن مهمة القيادة

هى أن تأخذ أفكار وتصورات من لديهم المعرفة وتقبل منها وفقا للتصور وما تريدين ثم حملها للجماهير

وتحمل هذه المسئولية والرئيس ميتران واذكر أنه كان معجباً بها وقال لى ذات مرة ألم تلحظ أنها

'تمتلك عينى ''كاليجولا'' الإمبراطور الرومانى، وفم مارلين مونرو ''هكذا قال عنها

الرئيس الفرنسى الأسبق ''ميتران'' وأنا قابلتها فى دار النشر "هاربر كولينز"، التى أتعامل معها وتنشر لى

وكانت فى هذا الوقت قادمة لبيع مذكراتها ولم أكن أعرف فقد علمت أن ابنها مارك حاول فى وقت سابق

بيع مذكراتها بعشرة ملايين من الجنيهات الاستيرلينة، ولم يأت أحد لكنها قررت الذهاب بنفسها

وعندما كنت فى زيارة لدار النشر قالت لى سكرتيرة رئيس مجلس الإدارة إن رئيس الوزراء عنده

وكانت مستقيلة فى هذا الوقت وعلمت أنها قبلت أن تطبع لها المذكرات مقابل خمسة ملايين

من الجنيهات الاستيرلينية، ولكنى علمت أن الخلاف وقتها كان دائراً بعد إن اتفقت أنها ستكون فى جزءين

هل تبدأ المذكرات بالنشأة أم بالسقوط؟ وكان السقوط كبداية يزعجها كثيراً ووقتها قال لها هنا يحضر

9 من الإعلاميين وقد كنت ضمنهم وسنرجع إلى رأيهم والجميع قالوا، نبدأ من حيث السقوط وكانت مصرة على عكس ذلك

وعندما جاء دورى كنت محرجاً جداً وقلت ممكن أن تبدأى من لحظة لقائك بجورباتشوف،

وأنه كان مختلفا فى الاتحاد السوفيتى ووقتها قالت "الآن هناك من يتكلم" وعندما تريدين أن تعرفى

فهى على وجه اليقين ستترك علامة على التاريخ وتنطبق عليها قصيدة نابليون عن باريس،

وهى ليست نابليون بالتأكيد لكن على أية حال تركت بصمة على حياة إنجلترا وهذا شىء مهم جداً كل الحكام

الذين يذهبون ويأتون دون ترك آثار ولو البصمة بالتأكيد سيبقى كل من يستطيع أن يترك أثراً حقيقياً.





*أثراً حقيقياً وليس دموياً؟!

*بالتأكيد.






11


أزمة الكاتدرائية





*نأتى إلى أزمة الكاتدرائية وهى الأزمة الأهم هذا الأسبوع وهى أزمة طائفية ولك مقولة مهمة دعنى أذكرك بها
أن الرئيس يجب أن يحافظ على نهر النيل والوحدة الوطنية كيف تقيم
أداء الرئيس مرسى والحزب الحكم فيما حدث فى الكاتدرائية؟





*فى البداية دعينا نتحدث عن تلك اللحظة، التى نشأ فيها مايسمى بالفتنة الطائفية ستجدين أنها قريبة عهد

بدأت منذ أربعين عاماً بالتحديد فى عام 71 أو 72 قبل ذلك لم يكن هناك وجود لما يسمى بالفتنة الطائفية،

وكانت تحدث حالات قد تكون خناقات فى أرياف وقرى ولكن لم يتحدث أحد عنها أنها فتنة طائفية والحقيقة

غطى عليها نماذج نفخر بها وكبيرة مثل بطرس غالى الجد وغطى عليا نماذج أخرى مثل مكرم عبيد ووجوده

فى حزب الأغلبية وهو حزب الوفد وكان الرجل الثانى فيه فى الحزب رغم أنه كان يبدو أنه الأول فكان الناطق باسمه

وكان يعطى لكل الناس إحساساً أن هناك مكانة وأنه لايوجد مايسمى فتنة طائفيةـ وأعتقد أن الحكومة الوطنية

لو كانت قد أحدثت إنجازاً كبيرا فى أعقاب ثورة 19 كان على يد مكرم عبيد ووجود الكثيرين من كبار العائلات القبطية

فى ذلك الوقت حتى عندما جاء الإنجليز، وحاولوا اللعب على ذلك وقتها، أقاموا ما يسمى بالمؤتمر المصرى

قاطعه الجميع وجعل كرومر وقتها يعترف أن هذا كان خطأ ولا يوجد ما يسمى بالفتنة الطائفية،

حيث لا يوجد مايسمى بالفاقر بين المسلم والقبطى وعلى أية حال سارت الأمور بشكل محترم فى العهد الملكى

كانت كما قلت خناقات عادية، لكن كلام فارغ فى النهاية، وجاء وقت عبد الناصر وأعتقد أنه كان واعيا جيداً

لهذه المسألة وكل حكام مصر الحقيقة لكن وأتذكر ذات مرة أن البابا كيرلس أرسل إلينا الأسقف الأنبا صمويل،

وكان أسقف الخدمات فى هذا الوقت وكان يرافقه الأستاذ أمين عبد النور وقد اغتيل الأسقف وقتها مع السادات فى المنصة

، لكن عودة إلى القصة أنه جاء لي يوماً وكان عبد الناصر قد أصدر تعليمات أنه إذا طلب شيخ الأزهر أو البابا

لقاءه فليتحدد هذا فوراً دون مراجعة فى اليوم التالى وجاء لي كما قلت، وقال نريد أن نبنى مبنى كاتدرائية

تكون الكنيسة المصرية، وأن البابا كيرلس لايريد أن يحرج عبد الناصر وبالفعل ذهبت وقصصت على عبد الناصر

وبحث عن الحل وفى اليوم التالى جاء بالمهندس على السيد، رئيس مؤسسة البناء والتشييد فى هذا الوقت،

وقال خذوها وحملوها على نفقات الخطة تحت أى بند ضمن مبانى الخطة، وتم بناؤها بتكلفة 2 مليون جنيه

وقتها وأعتقد أنه استطاع الخروج من مأزق بنجاح سياسى خاصة أن الأسقف صمويل قال لى معظم الإقطاعيين

الملاك من الأقباط تم تأميمهم ولا مصدر لنا سوى أن نلجأ إليكم وكان وقتها بناء المساجد يكون تابعاً للأوقاف

وتم حل المشكلة وشعر الجميع بالراحة فعدم وجود مخرج قانونى لكن دولة استطاعت البحث عن هذا المخرج

وعودة إلى مكرم عبيد، الذى ظل ممثلاً للخطاب الوطنى وكان صاحب مقولة "أنا مسلم وطناً وقبطى ديناً"

فهو يسلم أن الإسلام هو الشىء الغالب فى البلد فقال مسلم وطناً قبطى ديناً" وهنا سأتحدث عن بداية الأزمات

والإخوان المسلمين كان لهم دخل فيها فعندما انتهى السادات من التخلص مما يسمى مراكز القوى

وجد أن ثمة مقاومة مستمرة بما يسمى التيار اليسارى وتحت ضغوط عربية كان الاجتماع فى حضور

عثمان أحمد عثمان ومرشد الإخوان الخفى عبد الحميد حلمى وكان نائباً للمقاولين العرب فى هذا الوقت

ورئيس المخابرات السعودية كمال أدهم والسادات والتلمسانى وكان الطلب أن يسمح لهم بالعمل

وأن يسمح لهم باستخدام الإسلام لمقاومة أفكار اليسار والتقدمية والاشتراكية وكان هذا الحلف الإسلامى

ذو هدف سياسى بالنسبة للإخوان وأعطى الإخوان الفرصة والسؤال متى بدأت أول أحداث الفتنة الطائفية؟





تقرير العطيفي

*عام 72 ؟





*هذه الأزمة الكبرى لكن ثمة أزمات أخرى مهدت قبلها حيث كانت الدعوة الدينية تشتد فى الريف

وكان الأقباط فى ذات الوقت نظراً لعدم وجود ما يكفى من الكنائس يقيمون صلواتهم فى غرف لأن بناء الكنائس

وقتها كان يخضع لما يسمى الخط الهمايونى وكان عددها استناداً لتقرير العطيفى 320 غرفة وعندما تزايد نشاط

الإخوان المسلمين فى الريف بدأ الحديث عن غرف الأقباط ماذا يفعلون؟ وما هذا؟ وأتذكر هذا اليوم عندما كنت

فى المكتب فى الأهرام وهاتفنى السادات قائلاً يامحمد أنا لست عبد الناصر ولا أستطيع أن أبقى وتحت الكرسى

لغم فقال أستند إليك الآن إلى تقرير لممدوح سليم، ويقول إن تصرفات الأقباط أصبحت مستفزة

وسأذهب إلى البرلمان الآن وأفجرها وقلت له إن الموضوع له أصل واسمح لى بزياراتك وقبل ذلك وذهبت إليه

فى الجيزة وقلت له لاأتخيل أبدأ أن تذهب إلى مجلس الشعب وتثير هذه الأزمة فهى ستفتح أبواب جهنم

والأقباط فى كل مكان وموجودون فى الجيش والمسلمون كذلك ومصر لاتعرف هذه اللغة وقلت له

بهذا التصرف البلد فى مشكلة، الحقيقة اقتنع برأيى مشكوراً وقلت له أقترح أن تشكل لجنة

وأن تذهب لمجلس الشعب وتطلب ذلك وأن تكون هذه اللجنة وتحقق وتضع الحلول وتضع حلاً حقيقياً لمشكلة

ممكن أن تتفاقم حتى حدث اعتداء الخانكة والبابا شنودة قاد موكباً مع الأساقفة للكنيسة

وكانوا ذاهبين للصلاة وانقلبت الدنيا وقتها وحدثت أزمة واتصلت بالعطيفى.





*الحقيقة قدم تقريراً من أهم التقارير؟





*رئيس مجلس الشعب وافق واللجنة أعدت التقرير المبدع وحاولت أن تضع اللجنة الحلول وبعد الحرب

الإخوان انتعشوا بعد حرب 67 وكان الدين مهماً فى هذه الفترة إلى جانب التاريخ والفن

وكان مهماً لأنه واصل إلى ضمائر الناس ولعب دوراً هائلاً.




*ملجأ بعد الهزيمة؟


* نوع من السلوان، وبالتالى فهناك أرضية دينية موجودة منذ 67 اتسعت رقعتها بنشاط الإخوان

وأريد أن ألفت النظر أن شيخ الأزهر فى هذا الوقت كان الشيخ عبد الحليم محمود وكان سلفياً ولم يخف ذلك

والسعوديون أنفقوا فى هذا الوقت 50 مليون دولار على الدعوة الدينية ومستعد أن أقول لك إن فتاوى الشيخ

بن باز وهى شديدة التشدد كانت ممنوعة هناك لكنها أعطينا نحو 800 ألف نسخة منها ووزعت على المساجد،

وهذا الكلام مفهوم روحياً وكان الشيخ عبد الحليم يقول إن الملائكة حاربوا معنا وزاد عليها التطور الاجتماعى

ونشأة المجتمع البديل حيث حدث الانفتاح وأصبح كثيرون من الناس فاحشى الثراء ولم يعودوا يعلمون

سبب هذا الثراء فجاءت فكرة أنه لابد أن ينسب إلى رضا الله وهذا حدث عبر التاريخ فى ألمانيا ودول أوروبا

عندما بدأ الذهب يتحرك من المستعمرات ويتدفق والجماعات البروتستانتية

قالت وقتها "نعم لقد فاض الربا علينا جميعا".







12


مبارك وشنودة

*تصاعدت الفتنة حتى وصلت إلى الزاوية الحمراء؟





*وتم اعتقالنا فى ذات الوقت وذهبت إلى سجن طرة بينما ذهب البابا شنودة إلى النطرون،

حيث احتجز هناك وفاتت الأزمة واغتيل السادات وجاء مبارك وأريد أن أتحدث بشىء من الفضل لشنودة

فى هذا الوقت عندما خرج مبارك لأول مرة إلى واشنطن فى زيارة وكان أقباط المهجر وقتها فى غضب

ونعلم هم متحررون وليس عليهم من القيود وقد يكونون منفلتين أحياناً ويزيدون الأمور واتفقوا على

تنظيم تظاهرات وقتها أمام البيت الأبيض، وكان قد طلب من البابا شنودة أن يكتب نوعا من الاستعطاف

أو الالتماس لأن الإسلاميين قد قتلوا واضطهدوا ولا يريدون أن يكون البابا شنودة وكأنه منتصر،

وهذا نوع من التوازنات البلهاء ووقتها خاطب البابا شنودة أقباط المهجر فى خطاب بخط يده

قال فيه يا أبناءنا الأحباء فى المهجر كهنة وشعباً الرئيس الجديد جاء وهو رئيسنا كلنا أمام العالم الخارجى

ونريد منكم أن تستقبلوه بنوع من الحفاوة البالغة لكن مع تردى الأوضاع الاجتماعية الأخيرة فى عهد مبارك،

أثناء الرغبة فى التوريث مر عليا الدكتور أسامة الباز ذات يوم وقال لى دعك من الرأى العام وتأثيراته،

هل تعلمين أن ثمة اتصالات جرت مع الطرق الصوفية للتوريث، وقال سنعقد معها اتفاقاً

وسيخرجون لأن منطقهم لا خروج على الحاكم.





الإخوان والتفاهمات

*حتى الإخوان المسلمين أعلنت تأييدها لمبارك والتوريث؟





*خرجنا من هذا عندما جاء الإخوان إلى سدة الحكم وكان هناك نوع من التوجس الموجود والأسباب متراكمة

وزيادة المظاهر الدينية بما لايعبر عن الدين الحقيقى والاحتماء بالدين لتغطية الأخطاء ووصف وزير العدل

فى وقت مبارك الأحداث قائلاًَ "اعتداء إرهابى مسلح يستلحف بالدين" ثم إنه فى أول الثورة الإخوان

لم يكونوا فى الصورة ثم أصبحوا فى الصورة وتلك الثورة، التى بدت مدنية وعصرية عندما طلب الناس

التقدم ثم فوجئوا بهم ولم تكن هناك مقدمات، وأنا مستعد أن أقول إن الإخوان

لم يكونوا سيصلون إلى السلطة لولا وجود نوع من التفاهمات.





*بين من ومن؟





*مع الأمريكان وللأسف الشديد إذا كانوا هم أصحاب الشأن ويجب أن يتفاهموا معهم

وهناك من الاتصالات المعلنة وغيرها مالم يعلن.





*بين الأمريكان والجيش؟



*بدون تفكير إذا لم يكونوا هم الثورة وكان هناك خوف منهم ثم انفردوا بعدها وكان أمامهم فيتو دولى

يمنع وصولهم إلى السلطة وأمامهم محظورات محلية كثيرة جداً وفجأة ظهر الإخوان فى السلطة وطلب الشارع

وقتها اعطاءهم الفرصة ومالبثوا إلا أن أفاقوا من غفلتهم واستحضروا الشكوك الموروثة من العهود السابقة.





*هنا الأقباط؟

*لابد وبالتأكيد أنهم أحسوا بالوحشة لأن وقت أن تقولى إن الدين الإسلامى دين ودولة هنا مشكلة كبيرة

الإخوان المسلمين نفسها تضع شعار السيف إذا لم أشعر بالقلق فأنا رجل بليد فهم دين آخر ومسلمين،

وكما قال عبيد وهنا تركنا المواطنة وتحدثنا عن دولة ذات مرجعية.





*لكن الخطاب العلنى يتحدث عن المواطنة؟





*لا يوجد أحد يتحدث عن المواطنة كلمة المواطنة باستمرار ترد بالذكر لكن ليس بالمعنى وهناك ألفاظ كثيرة جداً

تشيع للخطاب العام لكن مجمل الخطاب لا يؤدى إليها وهنا لابد أن أتصور أن الإخوان المسلمين

كان يجب أن يتكون أولى خطاهم ومايفعلوا هى يتقدموا بخطوة تجاه الطرف الآخر شريك الوطن فهم مثل النيل

له ضفتان ورئيس الدولة، كما قلت ليس لها سوى مهمتين الاهتمام بالنيل لأنه مصدر الحياة الوحيد

حيث لا أمطار ولا مصادر أخرى والوحدة الوطنية هل نتصور ماذا يعنى أن تقوم فتنة طائفية فى مصر؟





*مرسى والأزمة الطائفية

*حدثت أزمات عديدة منذ أن وصل مرسى إلى الحكم ومن قبلها بعض الأزمات لكن الاعتداء هذه المرة على الكاتدرائية كيف رأيته؟





* أريد أن أقول ماهو حد الجموح؟ تذكرى أن القياصرة أو الضباط الرومان كلهم كانوا يتفقون أن لا يذهب أحدهم

إلى روما حتى لايتخيل كل أحد أنه إمبراطور لكن هناك نهرا من خلاله أو عبره نكون فى روما

وهنا يجب أن تدركى أن الحاجز الأساسى أو مايطلق عليه العاصم الأساسى والإدراك الأساسى أن ندرك أننا

فى وطن به دينان والدولة أغلبية سكانها من المسلمين ومفهوم هذا وقد قبل الجميع بهذا أن الإسلام دين الدولة.





*إلى أى المراحل وصلنا؟





*لاتتحدثى الآن عن دين الدولة هذا يعنى أن الدين مفروض وقواعده على الجميع واليوم وفى الصباح

سمعت أحدهم يقول "إلى مش عاجبه يمشى" أحياناً وأنا أنظر إلى المشهد

أتخيل أنى فى طالبان لا يمكن أن يكون هذا شعب مصر.





*كيف وجدت رد فعل الدولة بعد الاعتداء الواقع؟



*أنا أعتقد أن رد فعل الدولة كان سيئ الحظ جداً





*ليس سوء حظ لكن سوء فعل ياأستاذ؟





*أنا أتحدث هنا ليس على النوايا لكن بالنسبة للبلد وعندما يتحدث مستشار الرئيس أنهم هم السبب

ثم أجد آثار الاقتحام بداخل الكاتدرائية فكيف يعقل هذا؟ هناك قضية مهمة أن الدين هو علاقة بينك وبين ربك

وهؤلاء جزء من الوطن رغم أنى ضد بعض العبارات التى أصبحت مبتذلة مثل النسيج الوطنى وغيره.






13


بيان المجلس الملي

*كيف قرأت الغضب فى بيان المجلس الملى قد يكون الأكثر غضباً؟


*لا أستطيع أن ألوم أحدا هناك تأخير شديد وكنت أتصور وقد جاء أول رئيس إسلامى لمصر إلى الحكم

أن يكون أكثر ممن سبقوه فى الحكم من المدنيين فى طمأنة الآخر.





الدكتور مرسى لم يزر كنيسة واحدة؟

لم يزر وأحد المستشارين كان يكلمنى وكنت أقول له ماذا ستفعلون فى ذلك خلى الرئيس يذهب

فقال لى "ياخبر أبيض الرئيس يروح" ماهى المشكلة فى ذلك؟









*لماذا لم يزر الدكتور مرسى الكنيسة هل هل يعود هذا لدائرته حتى لم يذهب إلى البابا يوم تبوأه المقعد البابوى؟



*قبل أن تسألى عن دائرته اسألى عن شخصه.






*هل هو غير مقتنع بفكرة زيارته للكنيسة؟





* فى الدين لايوجد تعدد آراء فى الوطنية والسياسة هناك تعدد للآراء الدين لا يقبل بالتعدد

بل يرسخ مبدأ أنا وحدى على حق وغذا لم يتوافق الآخرون فهم خارج نطاقى.





14

حداد والخارج

.*أعود بك إلى رد فعل الدولة أرسلت وفداً وقد استقبله بعض الآباء وليس القيادات هل هذا يكفى؟
ماهو المفترض أن يحدث هم يخاطبون الخارج عبر بيانات عصام الحداد؟





*هذه من مصائب السياسة أن نعطى للخارج أكثر مما نعطى للداخل رغم أن العالم الخارجى يحكم عليه من موقفه

فى الداخل ليس لدى مانع أن تخاطب الخارج، لكن على الأقل أخبرهم بالحقيقة هناك مجلس لرصد حقوق الأقليات

يملأ الدنيا بتقاريره والخارج لن يكتفى بتقاريرك وبما تقول فسوف يلجأ إلى هذه التقارير الموثقة

ولا أعرف هل لا تعرف أم تكذب؟ الداخل سيظل الأهم من الخارج لأنه الوحيد الذى يملك أن يؤزم أو يلطف.





*المجلس الملى حمل رئيس الدولة المسئولية ومؤسساتها بما أسماه التواطؤ وهذا شيء كبير؟


*هذا مستعد أفهمه فهناك فاقر بين أن تقدرى غضب الآخرين أو الطرف الآخر وقد طال الوقت فى حقيقة الأمر،

مما ينبغى وهو لديه مايخيف فمبارك كان يقول "نسيج واحد والآن هذا واضح وصريح اللى مش عاجبه

يمشى "أنتى أمام مشكلة حقيقية إذا لم يتم تداركها سنكون أمام مقولة شيمون بيريز أننا أمام حرب أهلية

وعليهم إعادة النظر وأن يتخذ الرئيس مرسى بعض المبادرات.





*مثل ماذا؟

*أول شيء الخطاب هذا الخطاب المليء بعبارات كثيرة أنت أمام مجتمعات متغيرة، وهذا الخطاب خطاب أهل الكهف

والعالم تغير ويراقب ومعطيات المستقبل وأنت مسئول عن بلد والدولة بها عدد كبير من السكان 92 مليون نسمة

بهم أى نسبة من الأقباط حتى لو قلنا 7 أو 10% فهى نسبة مؤثرة فى النهاية

وهى نسبة مختلطة بكل هذه الكتلة وليست منفصلة.





*هل يشعر الرئيس أن الفتنة الطائفية أزمة وطن أم أنها أقلية؟

*-الحقيقة أنا لست متأكداً من أن فكرة الوطن فى حد ذاتها غير واضحة عندما تتحدث عن فكرة الخلافة والعالم الإسلامى

بكل حدوده الجغرافية المتباعدة وخطأ أسياسى فى التوصيف أين سيكون بالضبط؟ عندما يتسع هذا المجهول

فأنت أمام مشكلة أنه حتى إذا أراد أن يصنع مستقبل مصر لا يمكن

فى ضوء سيطرة فكرة الخلافة والعالم الإسلامى.





*هل نحن أمام فتنة طائفية أم خلافات بين الناس؟


*لا نزال لسنا أمام فتنة طائفية، لكن هناك احتمالا لشرار لابد أن ندرك أنه قريب من مستودع بارود وأن الوقت

قد طال وهذا خطر حقيقى وكرهت عبارات "إلا والخط الأحمر" أن تؤكد حق المواطنة وتغيير خطاب الدين

هو موجود أصلاً فى قلوب الناس، لكن هناك خطاب اقتصاد وأمنا ووحدة وطنية ولديك من المشاكل مايكفى.






مسيحيو الشرق

*هل تعتقد أن هناك محاولة لإفراغ منطقة الشرق الأوسط من المسيحيين مايحدث فى العراق وليبيا وغيرها؟





*أنا باستمرار أخشى على مسيحى الشرق مع زيادة النبرة الدينية وسوريا مثلاً وما يحدث فيها أبرز ما أمامى

هناك هو ما يسمى بجبهة النصرة والإخوان موجودون فى كل مكان وأعتقد أن الأخ أردوغان قال بعض الناس

وأنا عرفت هذا أن الإخوان المسلمين فى مصر فرع من فروعنا وأعتقد أن الفرع الآن يسيء

إلى الأصل وحتى تركيا تأثرت صورتها بما حدث هنا.





*هل أنت قلق على مسيحيى الشرق؟

*جداً النبرة تزيد وقد حذرت من ذلك من 50 سنة أو 30 عندما بدأت تزداد هذه النبرة، وأقول إنهم

إذا خرجوا فقد ازدادت المنطقة فقراً على فقر وأقصد هنا الثقافة لأن التنوع عنصر غنى لمن يريد أن يفهم.





15


أزمات الإقليم

*لايمكن أن نفصل هنا بين أزماتنا وأزمات الإقليم المحيطة، والتى تؤثر علينا ونتأثر بها والأسابيع القليلة المقبلة
سيشهد زيارة لأوباما بثلاثة من قادة المنطقة وهم الأردن وقطر وتركيا لماذا مصر ليست فى هذه الدول؟





*الموضوع الذى سيبحث هو الشأن السورى لأن الطريق على مايبدو مسدود فأنت أمام معارضة لا تستطيع الآن

تنتصر ونظام يبدو أنه لايزال قادراً على البقاء وهناك تنامى لظهور القاعدة وهذا يقلق أوباما وإذا كان زوال

سبب الخوف على إسرائيل من وجود الجيش السورى، الذى منشأه يقال إنه مقاومة ضد إسرائيل لم يعد موجوداً،

وبالتالى الاهتمام هنا بالأطراف المعنية وغاب طرفان هما السعودية رغم أنها صاحبة التأثير الأكبر

فيما يجرى ومصر لأنها الطرف غير الموجود فى سوريا.




*رغم كل المبادرات الرباعية وغيرها؟

*هل انعقدت ولومرة لم يحدث أحياناً ومرات يهمك عندما تريدك وسائل القوى الحقيقية تترجى الآخرين

وأن يتكرموا لكى الطرف المزركش على الأطراف أو مايسمى "الشراشيب" وكيف ستكون مصر

طرفا وهى غائصة فى مشاكلها ثم تؤثر فى الإقليم.





*ترى أن مصر لم تعد طرفاً مؤثراً فى الإقليم؟

*حتى نكون منصفين منذ فترة طويلة وقد قررنا قرارين مهمين أولاً مصر أولاً

ولا شأن لنا بالآخرين ثم أن الأمريكان هم المستقبل وقررنا هذا مبكراً.





*مبكراً لكن استمررنا فى الحكم الحايل بنفس الفكر أن الأمريكان هم المستقبل؟

*نعم وبشكل أكبر لكن على أية حال يخطئ من يعتقد أن علاقتنا بالولايات المتحدة الأمريكية بدأت منذ عهد عبد الناصر،

فالاهتمام بمصر بدأ منذ فترة طويلة وسأذكر لكى مثالا تاريخياً عندما أرسل الرئيس الأمريكى إبراهام خطاباً

للخديو إسماعيل يسأله "عرفنا أن صديقك نابليون بونابرت الثالث المرتبط بقناة السويس طلب منك

إرسال قوة من 12 ألف لمساعدته فى الحرب ضدنا فى المكسيك وهذا موجود فى وثائق عابدين

لمن أراد أن يراه هناك وأعتقد أنه أرسل بالفعل وقتها رغم طلب إبراهام ألا يفعل وأرسل قائد تركى

مهم وقتها اسمه راتب باشا وعاد هو و12 شخصا فقط ولم يعرف أحد عن الجنود الاثنى عشرة ألف

أين ذهبوا هناك فى تشيلى واذكر أيضاً أنه فى الثورة العرابية كانت أمريكا تحاول أن تدخل إلى التجارة الشرق

عبر الأبيض المتوسط وكان وقتها صعب دخولهم عبر الجزائر والمغرب بسبب الاحتلال الإنجليزى والفرنسى

وأعتقد أنهم دخلوا لأول مرة وضمن توصيات الأسطول البحرى أن عليكم الاهتمام بمصر فهى ثمرة تسقط

وعليكم الاحتلال قبل أن يحتلها غيركم وانتقد أن أكثر من لديه القدرة على قراءة هذه الفترة المؤرخ الإسرائيلى

، الذى هو الآن سفير إسرائيل لدى واشنطن.





*عودة مرة أخرى قلت إن مصر لم تدع لأنها ليست طرفاً لماذا لم يدع الطرف السعودى؟

* لأنها تريد ألا يبدو وكأنها مؤثرة هناك طرف غير مؤثر ويريد أن يبدو مؤثراً وآخر مؤثر

ويريد أن يبدو وكأنه غير مؤثر والمدارس فى السياسة مختلفة نحن عندما نريد شيئاً نحدث ضجيجاً

عير تظاهرات أو غيره وهناك طرف يريد أن يفعل دون أن يبدو ولكل أسبابه المتعلقة به.






الإقليم الإسلامي

*هل نحن أمام إقليم جديد لم يعد عربياً بل أصبح دينياً بشكل ما؟





* أصبح إقليماَ ضائعاً ومفرغاً وعندما جاء الأمريكان وظنوا أنهم صانعو السلام فى المنطقة،

كما ادعوا ودعينى استشهد سريعاً بأرقام تاريخية عبر وثائق ودلائل حتى أستطيع أن أخبرك ماذا جرى لنا

وماذا فعلنا فى أنفسنا؟ وسأجيب على تساؤل كم فقدنا من الشهداء فى حرب 48 وحتى 73.





*مع إسرائيل؟

*نعم لم يكن لدينا حرب سوى معها.




*أقصد الحروب الداخلية؟

*أعرف لكنى سأذكرها بعد قليل لكن إجمالى مافقد العرب فى حروبهم مع إسرائيل 55.233 ألف شهيد

منهم 22.323 ألف مصرى موزعة وأتحدث هنا عن مصر حرب فلسطين 3011 شخصا

وحرب السويس 1452 شخصا وحرب 67 بلغ عدد القتلى 5861 ثم الاستنزاف 6004

ثم أكتوبر 5995 شهيدا ثم دخلنا بعد ذلك فى حروب السلام.





*حروب السلام؟

*الحروب الداخلية بين عرب وعرب، وهذا دور الولايات المتحدة صانعة السلام، كما تقول فقد فقدنا فى حروبنا البينية

رقما ضخما جدا وهو2.219.935 مليون ففى الحروب الأهلية مثلاً على سبيل المثال فى الفترة من 75 إلى 85

ثم حرب الملك حسين مع الفلسطينيين 23 ألفا ثم الإخوان فى سوريا عام 80 39 ألف شهيد

ثم أحداث المنطقة الشرقية فى السعودية مع الشيعة 11.205 ألف والعراق وإيران على مدار ثمانى سنوات 1.25

0 ألف والحرب الأهلية فى جنوب اليمن 9018 ألفا وحرب الخليج الأولى 59 ألفا والحرب الأهلية فى العراق

بين السنة والشيعة 91 ألفا والحرب الأهلية بى السنة والشيعة فى اليمن 902 ألف والسودان 312 ألفا

وإسقاط صدام حسين 109 آلاف قتيل، وهذا هو السلام الأمريكى.





*ماذا يعنى هذا؟

*إننا انتقلنا من حرب مع عدو محدد يمثل خطرا وتهديدا على فكل بلد فى العالم تضع نقاط لأمنها

وتحديد مصادر التهديد حتى ولو لم يحدث بشكل محتمل بعد ذلك، وانتقلنا إلى حروب

كلفتنا 500 مرة بقدر ما تكلفنا فى حروبنا مع إسرائيل.





16

*قد تبدو دعاية إلى عودة الحرب مع إسرائيل؟

*لا أريد حرباً وأنا آخر واحد ممكن أن يريد الحرب فأنا أب ولدى من الأبناء ولدى أيضاً من الأحفاد

من هم فى سن تجنيد إلا إذا كانت هناك ضرورة يحتمها الأمن القومى نحارب لايوجد بلد فى العالمى

يقول لا حرب تعالى ننظر إلى ميزانيات حربنا مع إسرائيل تكلفت بشراء سلاح روسى 2.2 بليون دولار

منها بضائع بقيمة 1000.0000 انظرى إلى ميزانيات الحروب الآن فقد اختلفت كثيراً.





*هذه الحروب فى وقت سابق الآن ميزاينات الحروب مكلفة جداً؟

*سأعطيك نموذجاً باختصار ميزانية الدفاع فى أى بلد عربى أكثر مما أنفقته الدول العربية فى حربها مع إسرائيل

فى عام واحد ميزانية أى بلد عربى بما فيها مصر مع مراعاة فارق سعر الصرف.






الخيار الاستراتيجي

*أنت تخطئ الآن فكرة السلام خيار إستراتيجى فى العالم العربى وفقاً للمبادرة العربية؟

*ليس خياراً إستراتيجياً الخيار الاستراتيجى يتحقق بمصلحة لا تتغير الخيار العربى هوخيار إستراتيجى

لكن السلام مع إسرائيل يكون مرتبطا بتوازنات سلام وتوازنات أمن ليس هدفاً إستراتيجياً هذا هدفى

وماقصدته عندما تحدثت فالخيار الاستراتيجى يتعلق بالجغرافيا والتاريخ وهم من يحددون إستراتجية أى بلد.





*لكن المنطقة تغيرت الآن؟

*المنطقة تغيرت لاشك فى هذا.

*هل هى عربية أم أصبحت دينية إسلامية؟

*الغريب أنها حتى لو إسلامية فإن المقدسات موجودة فى إسرائيل فيما عدا التهديد الإسرائيلى لا أرى تهديداً آخر

لا أريد أن يقول لى أحدهم أن إيران تهديد أو ليبيا تهديد أو سوريا للأسف خلطنا كل نظريات أمننا

وعودة لسؤالك الرئيسى عن أمريكا لقد حققت شيئاً مهماً، وأرجو أن نتذكر أن مركز ثقل فى الصراع العالمى

تتغير وتنتقل بسرعة فى القرون 17-18-19 والصراع على أمريكا كان التناقض قائماً بين فرنسا وبريطانيا

وبؤرة الصراع كانت الأطلنطى وعندما خرجت ألمانيا وتوحدت فى القرن التاسع عشر انتقلت بؤرة الصراع

إلى أوروبا بظهور الاتحاد السوفيتى انتقلت بؤرة الصراع إلى الأبيض المتوسط ثم ظهور البترول جعل الصراع

ينتقل إلى الخليج والآن ينتقل بسرعة إلى الشرق الأقصى صوب الصين وهى إمبراطورية كبيرة وكذلك الهند

ستكون واليابان أصبحت إمبراطورية كبيرة، وهى دول تميزت بالإنتاج والقوة العسكرية وبالتالى

فإن الاهتمام بالشرق الأوسط لابد أن تعهدى به إلى وكيل كالأرض غير المتفرغة لحمايتها.





*من هو الوكيل؟

*إسرائيل طبعاً كل ما حولها تم تفريغه.






*تفريغه بماذا بالثورات؟

*بالحروب الداخلية بما ليس له علاقة بالثورات حرب أهلية فى لبنان مثلاً والعراق وإيران ليست ثورات،

وإنما الاقتتال الداخلى فعله الأمريكان بنا ومافعلناه نحن بأنفسنا حينما تكفلنا بتحقيق الهدف الاستراتيجى

للولايات المتحدة فى المنطقة بإخلائها مما يمكن أن يكون خطراً.





17


أوباما وإسرائيل

*نحن الآن فيما تبقى من أن يكون الربيع العربى؟





*انظرى ماذا فعل أوباما فى زيارته الأخيرة لتل أبيب والخطاب الذى ألقاه أمام نتنياهو فى الماضى

كان يقول دوماً إن أمن إسرائيل فى خطر ومهددة بما حولها والآن يقول "ألجأ إلى الضمير الإسرائيلى

لكى يعرف أن هناك أزمة إنسانية ترفق أيها المولى علينا.





*هل يستعطفه؟

*نعم تم إخلاء المنطقة وهناك فتن طائفية والمحصلة النهائية أن إسرائيل هى القوى الوحيدة الباقية

وتتفرج على مايحدث فى المنطقة وتنتظر حرباً أهلية ممكن أن تشتعل ونحن غير موجودين.





*هل أيضاً ساعدت الولايات المتحدة فى ذلك الأحزاب الدينية فى إطار رغبتها أن تكون المنطقة إسلامية؟!

* فكرة الدين موجودة باستمرار لدى الولايات المتحدة الأمريكية فإن الطريق إلى المنطقة

وتذكرى فى وقت الدكتور محمد صلاح الدين وكان وزيراً للخارجية عرض على حلف الدفاع عن الشرق الأوسط

وهو مكون من تركيا وباكستان ومصر وأنا فى عام 52 كنت مبعوثاً لأرى الانتخابات،

وكل الناس قابلت جنرالاً ومسئولا عن المساعدات وقتها سافر على صبرى ليتحدث عن السلاح

وأنا السياسة قال لى لدينا حلف أطلنطى وحلف جنوب شرق آسيا وهناك فراغ ألا ترى أن نضع فيه بعض الدبابيس

والإعلام فقلت له بعيداً عن السياسية والإعلام فهى منطقة بها بشر ولهم طموحات ومصالح ضائعة

هم كانوا يريدون حلفا إسلاميا فى مواجهة الشيوعية كانوا يريدون تركيا وهى أقوى جيش إسلامى

وباكستان ذات أكبر تعداد سكانى إسلامى ومصر من خلال مركز الأزهر.





*لكن ظهرت إيران؟

*قصة أخرى طويلة.





*ماهو مستقبل المنطقة هل جن جنونها؟


*أخشى أن ماقلتيه يكون صحيحاً هناك شيء ضائع وهناك مقولة لشوقى ليست من الشعر يقول فيها

"شىء ما فى أعلى الرأس تعطل "لدينا أشياء كثيرة أعلى الرؤوس معطلة".