07.08.2013
عمر طاهر
لا نريدها مصالحة وطنية قائمة على الطبطبة والأحضان أمام الكاميرات
على خلفية الأغانى الوطنية فتسير المراكب، لكن اللى فى القلب فى القلب.
المصالحة شرطها الوحيد أن يعترف كل طرف فى المشهد بأخطائه.
منذ يوم 25 يناير وحتى هذه اللحظة لا يوجد داخل حدود مصر
شخص واحد لم يخطئ، لا يوجد لدينا ملائكة ولا عباقرة.
لا بد للجيش أن يعترف بأخطائه فى المرحلة الانتقالية، لا بد للشرطة أن تعترف بتجاوزاتها،
وللنخبة أن تفهم أنها بعيدة عن نبض الشارع ولم تكن محركة يوما له،
وللإسلاميين أن يعترفوا بأنهم أكلوا عيشا وتاجروا باللحية والشعارات والمنابر من أجل مكاسب سياسية.
ولأعداء الثورة أن يعترفوا بأنهم حاربوها، لأنه لم تكن لديهم مشكلات مع النظام السابق،
وكانت مصالحهم مستقرة. لا بد أن يعترف أهل الثورة بأنهم تشتتوا وانقسموا ورحلوا بعيدا
قبل نهاية المعركة وعند عودتهم إلى الميدان كانت الخريطة قد تشكلت من جديد.
لا بد وأن يعترف الإعلام بأنه كثيرا ما فاته الإنصاف، وأنه كان يقدم برامجه بالرغبة أولا
فى الشو الإعلامى فاستضاف كل من يشعل الدنيا على أساس إن ده هو الحياد الإعلامى،
لا بد وأن يعيد الإعلام النظر فى كل أنواع الضيوف الذين تقوم فقرة استضافتهم على التشهير
والسباب وإلقاء التهم الباطلة يمينا ويسارا، لا بد لكل من تحرك ناحية صندوق الانتخابات يوما ما
أن يعترف بخطأ ما فى اختياره وفى طريقة الدفاع عن اختياره وطريقة تشويه
وتسفيه اختيارات الآخرين. لا بد لكل كاتب -وأنا أولهم- أن يقر بأننا فى فترةٍ الإجابات
ليست نهائية فيها وأنه ليس من الخطأ أن يكتشف الكاتب تسرعه فى تقديم وجهة نظر ثبت
عدم صحتها فيقر بذلك، ولكن الخطأ أن يتمادى فى التمسك بوجهة النظر هذه وقلب الحقائق
لكى يؤكدها. لا بد لكل رجل أعمال تبرع بملايين ومليارات عقب رحيل النظام أن يعترف
بأن هذه الخطوة تأخرت كثيرا، لا بد لكل واحد أفتى فى السياسة أن يعترف كيف أنه ضلل كثيرين،
وكل واحد أقصى أو ساعد على الإقصاء لا بد وأن يعترف بأنه أسهم فى تعقيد الأمور.
كل واحد على أرض هذا البلد فى هذه اللحظة مطلوب منه أن يبحث عن الخطأ الذى ارتكبه ويُقِرُّ به.
اعتراف كل طرف بما ارتكبه من أخطاء هو اعتذار ضمنى، وهو المسلك الوطنى الوحيد
الذى يترتب عليه فتح صفحة جديدة، فى ما عدا ذلك قد نتصالح،
ولكن سيعود كل واحد إلى أخطائه بأسرع مما نظن.