08.07.2013
مسعد أبو فجــــر
فى العمق لستُ قلقا على مصر.. أعرف أنها ستتجاوز الأزمة.. كما أعرف أن قدر الثورة المصرية هو الانتصار..
وأعرف أيضا أن قدر مصر أن تكون دولة مهمة فى السياق العالمى خلال سنوات قليلة.. كيف؟
التحدى الذى يواجه مصر الآن هو الإرهاب. وهو تحدٍّ لا يمكن أن تتم مواجهته إلا عبر طريقين،
دولة عادلة أو دولة أمنية.. الدولة الأمنية انتهى زمنها، سقطت إلى غير رجعة يوم ٢٥ يناير..
الطريق الثانى هو طريق الدولة العادلة.. وهو الطريق الذى سلكته كل الأمم التى سارت
فى طريق التقدم الحقيقى. كل المؤشرات تقول إننا نمشى فى طريق الدولة العادلة..
من اليوم الأول بعد إزاحة مرسى كان واضحا أننا أمام خطابين فى المشهد السياسى، واحد يقول،
ننقض بالماء والصابون ونفض اعتصام رابعة.. وخطاب ثان يقول، بل نستنفد كل الطرق السلمية..
انتصار الخطاب الثانى معناه أننا ننتصر لدولة العدل.. انتصارنا لدولة العدل،
لا يعنى أن يفرض علينا الإخوان شروطهم.. بل يعنى أن تفرض الدولة شروطها..
والدولة تستطيع أن تفرض شروطها فى هذه المعركة بأداتين، بعدالة وأخلاقية خطابها،
ثم بالظهير الشعبى الذى تستند إليه.
عدالة الخطاب لا تعنى ميوعته.. ثمة أخطاء تقترفها الحكومة الحالية جعلت خطابها ينتقل من
خانة الخطاب العادل إلى خانة الخطاب المائع. أقصد سماحها لوفود أجنبية بالالتقاء بمحابيس؟
طبعا تقبلنا أن كاترين آشتون تلتقى مرسى.. وخرجت الدولة منتصرة من ذلك اللقاء لأن آشتون
«كما بدا على السطح على الأقل» انحازت لرؤية الدولة فى الصراع.. لكن مفروض خلاص
يتوقف لقاء أى وفود أجنبية بمحابيس «هذا مبدأ وقاعدة قانونية».. إذا كنتم تريدون الاطمئنان على
وضعهم كمحابيس، أرسلوا وفودا حقوقية للاطمئنان عليهم،
بمعنى للاطمئنان على حقوقهم كمساجين «هذا المفروض أن يقال».
بالنسبة لرابعة لازم يوصل لها بوضوح: أنضج فى مرقتك.. خليك فى رابعة،
إن غادرتها سأتعامل بما لم تره عينك ولم تسمع به أذنك.. وعليك أن تُخضع اعتصامك للدولة المصرية،
تقوم مؤسسات الدولة بتأمينه. ولكن هذا الكلام لا يقال مجانا.. إنما بمقابل..
والمقابل هو خدمات تقدمها الدولة للاعتصام.. لا وساطات دولية بين الإخوان والدولة..
بل توصيل وجهة نظر الدولة المصرية للعالم «وينبغى أن تكون وجهة نظر الدولة متوافقة والقيم العالمية»..
إذا أردت، أيها الدولى، أن تعرف وجهة نظر الإخوان فاعرفها لنفسك لكن ببساطة ودون أى لف أو دوران
لا تنقلها إلىّ.. أنا دولة وأسعى لبناء دولة على أساس تلك القيم التى أحدثك عنها..
وإذا أردت أن تعيننى فشكرا لك مقدما، لكن عليك أن تعرف، أنك تعيننى فى هذا السياق..
سياق بناء الدولة.. ولن يكون فى تلك الدولة مكان لأحد «لا إخوان ولا غير إخوان» إلا على أرضية الدولة..
من يخل سأتعامل معه بالقانون.. وسأحطه فى السجن.. وسأوفر له حقوق السجين «حسب قدرتى،
إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.. يعنى لو انت عاوز أيها الدولى حقوق مساجين كاملة لهم..
هيا.. يالله ساعدنى فى هذا السياق».
أما سيناء فعلى الدولة أن تلتفت إليها هكذا: سيناء نريد أن نبدأ معك من أول السطر..
بنعمل لجنة من ٥٠ واحد لإعداد الدستور وستكونين ممثلة فيها..
سوف نمنح ٦٠٠ ألف أسرة مصرية قروضا صغيرة، سنخصص لك منها ١٠٪..
سنفرج عن اللى قضوا نصف المدة فى السجون وسيكون أبناؤكم فى أولهم..
كلام فى هذا السياق وبهذه الطريقة.. سوف نكسر جبل الثلج اللى بين الحكومة والناس..
بمعنى أن عليك أن تخاطب الناس ولا تنتظر منهم أن يخاطبوك..
لتفرض خطابك عليهم «بشرط أن تكون دولة عادلة».. بدلا من أن يفرضوا خطابهم عليك.