قل ولا تقل.. بَلَدٌ، وَبَلْدَةٌ:
قُلْ: هَذِهِ بَلْدَةٌ جَمِيلَةٌ.. وَقُلْ: هَذِهِ بَلَدٌ جَمِيلَةٌ.
وَقُلْ: هَذَا بَلَدٌ جَمِيلٌ.
التَّحْلِيلُ: يَقُولُ الْبَعْضُ إِنَّ كَلِمَةَ «بَلَدٌ» هِيَ كَلِمَةٌ مُذَكَّرَةٌ فَقَطْ وَتُطْلَقُ عَلَى الدَّوْلَةِ لَا عَلَى الْقَرْيَةِ،
وَإِنَّ كَلِمَةَ «بَلْدَةٌ» لَيْسَتْ بِمَعْنَى «بَلَدٌ» عَلَى الْإِطْلَاقِ،
وَيَسْتَشْهِدُونَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (تَعَالَى): {لا أُقْسِمُ بِهَذَا البَلَدِ} (الْبَلَدِ: 1).
وَلَكِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ تُثْبِتُ أَنَّ كَلِمَةَ «بَلَدٌ» يُمْكِنُ تَذْكِيرُهَا، وَلَكِنَّهَا لَا تَنْفِي أَنَّهَا يُمْكِنُ تَأْنِيثُهَا.
وَقَدْ جَاءَ فِي «الْمِصْبَاحُ الْمُنِيرُ»: «الْبَلَدُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَالْجَمْعُ بُلْدَانٌ وَالْبَلْدَةُ الْبَلَدُ وَجَمْعُهَا بِلَادٌ»،
وَهَذَا يُؤَكِّدُ أَنَّ «بَلَدٌ» وَ«بَلْدَةٌ» مُتَرَادِفَتَانِ.
وَاللهُ (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى) يَقُولُ: {إِرَمَ ذَاتِ العِمَادِ، الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي البِلادِ} (الْفَجْرُ: 7 و8).
وَمَعْنَى «الْبِلَادِ» هُنَا لَيْسَ مُجَرَّدَ الْقُرَى، بَلِ الْبِلَادُ جَمِيعًا، كَبِيرُهَا وَصَغِيرُهَا.
وَكَلِمَةُ «بِلَادٌ» هِيَ جَمْعُ «بَلْدَةٌ» وَلَيْسَتْ جَمْعَ «بَلَدٌ» لِأَنَّ «بَلَدٌ» تُجْمَعُ عَلَى «بُلْدَانٌ»،
أَيْ أَنَّ اللَّفْظَيْنِ يَجِيئَانِ لِنَفْسِ الْمَعْنَى.
من كتاب «الأخطاء اللغوية الشائعة في الأوساط الثقافية»
قل ولا تقل.. «لاَ بُدَّ أَنْ...» وَ«لاَ بُدَّ مِنْ أَنْ» وَ«لاَ بُدَّ وَأَنْ...»:
قُلْ: لاَ بُدَّ أَنْ أَنْصَرِفَ.. وَقُلْ: لاَ بُدَّ مِنْ أَنْ أَنْصَرِفَ.
وَقُلْ:لاَ بُدَّ وَأَنْ أَنْصَرِفَ.. وَقُلْ: لاَ بُدَّ مِنَ انْصِرَافِي.
التَّحْلِيلُ: التَّعْبِيرَاتُ الْأَرْبَعَةُ صَحِيحَةٌ بِشَرْطِ وُجُودِ «أَنْ» بَعْدَ «لَا بُدَّ»،
وَبَعْدَ «لَا بُدَّ وَ»، وَبَعْدَ «لَا بُدَّ مِنْ»،
اللَّائِي تَلِيهِنَّ أَفْعَالٌ، فَيُمْكِنُ أَنْ نَقُولَ «لَا بُدَ أَنْ تَجْتَهِدَ»،
وَ«لَا بُدَّ مِنْ أَنْ تَجْتَهِدَ»، وَ«لَا بُدَّ وَأَنْ تَجْتَهِدَ».
وَبَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ يَقُولُونَ إِنَّ التَّعْبِيرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ صَحِيحَانِ، وَالثَّالِثَ خَطَأٌ، وَلَكِنْ حِينَ بَحَثْتُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ
وَجَدْتُ أَنَّ الْعَرَبَ الْقُدَمَاءَ كَانُوا أَكْثَرَ تَبَسُّطًا وَتَيْسِيرًا مِنَ الْعَرَبِ الْمُحْدَثِينَ،
فَقَدْ قَرَأْتُ مَثَلًا فِي كِتَابِ «النِّهَايَةُ فِي غَرِيبِ الْأَثَرِ» لِابْنِ الْأَثِيرِ وَفِي «لِسَانُ الْعَرَبِ» لِابْنِ مَنْظُورٍ:
«وَإِنَّمَا لَعَنَ الْجَالِسَ وَسْطَ الْحَلْقَةِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَسْتَدْبِرَ بَعْضَ الْمُحِيطِينَ بِهِ فَيُؤْذِيَهُمْ فَيَلْعَنُونَهُ وَيَذُمُّونَهُ».
وَفِي «تَاجُ الْعَرُوسِ» لِلزَّبِيدِيِّ قَالَ: «قَالَ زَيْدٌ بْنُ ثَابِتٍ فِي قَوْلِهِ (تَعَالَى) كَيْفَ نُنْشِزُهَا: هِيَ زَايٌ فَزَيِّهَا.
أَيْ اقْرَأْهُ بِالزَّايِ. هَذَا نَصُّ الْجَوْهَرِيِّ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: "إِذَا مُدَّ كُتِبَ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْأَلِفِ".
هَذَا الْكَلَامُ أَوْرَدَهُ الصَّاغَانِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ الْجَوْهَرِيِّ.
وَقَالَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ إِذَا مُدَّ لَا بُدَّ وَأَنْ يُكْتَبَ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْأَلِفِ لِأَنَّهَا مِنْ نَتَائِجِ الْمَدِّ وَلَوَازِمِهِ».
أَمَّا إِذَا كَانَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ اسْمًا ظَاهِرًا أَوْ ضَمِيرًا فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَتَعَدَّى «بُدَّ» بِحَرْفِ الْجَرِّ «مِنْ».
قِيلَ قديمًا إن الإعرابَ فرعُ المعنى، وقِيلَ أيضًا إن المعنى فرع الإعراب. ومؤدَّى المقولتين أن الإعرابَ هو المعنى
والمعنى هو الإعراب، فمن كِلَيهما يمكنك الوصول إلى الآخَر.
ولقد كُتِبَ كثير من كُتُب إعراب القرآن الكريم قديمًا وحديثًا، وكانت شديدة الإفادة للباحثين والعلماء معًا،
ولكنها كانت بعيدة إلى حدٍّ بعيد عن القارئ البسيط وعديد من طُلَّاب العلم، لِمَا فيها من اختزال في الإعراب
يفترض معه صاحب الإعراب أن القارئ تجاوز مرحلة ذِكر جميع التفاصيل.
لهذا جاءت فكرة «الإعراب المفصَّل والميسَّر للقرآن الكريم»، وهو إعراب شديد التفصيل، شديد الوضوح،
مضبوط بشكل شِبْه تامٍّ. بالإضافة إلى أنه إعراب يتجاوز الخلافات بين النُّحاة في إعراب بعض كلمات القرآن الكريم،
إلى وضع الإعراب الأقرب إلى المعنى حسبما فسَّر المفسِّرون، بالإضافة إلى اهتمامه ببعض القضايا النَّحْوية الجديدة
التي لم يُلتفَت إليها في كتب النُّحاةِ القُدَامَى والتي من دُونِها يكون الإعراب ناقصًا قاصرًا
عن المعنى الوارد في الآيات الكريمة.
كما يهتمّ هذا الإعراب بِذِكر المواضع الإعرابية لجميع الجمل وأشباه الجمل الواردة في الآيات، من منطلَق
أن العَلاقات بين كلمات الجملة الواحدة هي ما يبيِّن إعرابها، ومن ثَمَّ معناها، والعَلاقات بين جُمَل الآية الواحدة
أو الآيات متَّحِدَة الموضوع هي التي تبيِّن إعرابها، ومن ثَمَّ معناها.
ندعو الله أن يكون هذا العملُ مفتاحًا لإدراكٍ أعمقَ لكلماتِ الكتاب العزيز،
وأن يجعله في ميزان حسناتنا.
﴿19﴾ أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم
مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ المَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ
أَوْ: حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لاَ مَحَلَّ لَهُ مِنَ الإِعْرَابِ.
كَصَيِّبٍ: الْكَافُ حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ لاَ مَحَلَّ لَهُ مِنَ الإِعْرَابِ،
وَ«صَيِّبٍ» اسْمٌ مَجْرُورٌ بَعْدَ الْكَافِ وَعَلاَمَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى آخِرِهِ لأَِنَّهُ صَحِيحُ الآخِرِ.
وَشِبْهُ الْجُمْلَةِ «كَصَيِّبٍ» خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ «مَثَلُهُمْ».
مِّنَ: حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لاَ مَحَلَّ لَهُ مِنَ الإِعْرَابِ
السَّمَاءِ: اسْمٌ مَجْرُورٌ بَعْدَ «مِنْ» وَعَلاَمَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى آخِرِهِ لأَِنَّهُ صَحِيحُ الآخِرِ.
وَشِبْهُ الْجُمْلَةِ «مِنَ السَّمَاءِ» فِي مَحَلِّ جَرِّ نَعْتٍ لِـ«صَيِّبٍ».
فِيهِ: «فِي» حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لاَ مَحَلَّ لَهُ مِنَ الإِعْرَابِ،
وَالْهَاءُ ضَمِيرٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ فِي مَحَلِّ جَرِّ اسْمٍ مَجْرُورٍ بَعْدَ «فِي».
وَشِبْهُ الْجُمْلَةِ «فِيهِ» فِي مَحَلِّ رَفْعِ خَبَرٍ مُقَدَّمٍ.
ظُلُمَاتٌ: مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ مَرْفُوعٌ وَعَلاَمَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى آخِرِهِ لأَِنَّهُ صَحِيحُ الآخِرِ.
وَرَعْدٌ: الْوَاوُ حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ لاَ مَحَلَّ لَهُ مِنَ الإِعْرَابِ،
وَ«رَعْدٌ» اسْمٌ مَعْطُوفٌ عَلَى «ظُلُمَاتٌ» مَرْفُوعٌ وَعَلاَمَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى آخِرِهِ لأَِنَّهُ صَحِيحُ الآخِرِ.
وَبَرْقٌ: الْوَاوُ حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ لاَ مَحَلَّ لَهُ مِنَ الإِعْرَابِ،
وَ«بَرْقٌ» اسْمٌ مَعْطُوفٌ عَلَى «رَعْدٌ» مَرْفُوعٌ وَعَلاَمَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى آخِرِهِ لأَِنَّهُ صَحِيحُ الآخِرِ.
وَجُمْلَةُ «فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ» فِي مَحَلِّ جَرِّ نَعْتٍ ثَانٍ لِـ«صَيِّبٍ».
يَجْعَلُونَ: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفُوعٌ وَعَلاَمَةُ رَفْعِهِ ثُبُوتُ النُّونُ لأَِنَّهُ مِنَ الأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ،
وَوَاوُ الْجَمَاعَةِ ضَمِيرٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعِ فَاعِلٍ.
أَصَابِعَهُمْ: «أَصَابِعَ» مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلاَمَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى آخِرِهِ لأَِنَّهُ صَحِيحُ الآخِرِ،
وَ«هُمْ» ضَمِيرٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرِّ مُضَافٍ إِلَيْهِ.
فِي: حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لاَ مَحَلَّ لَهُ مِنَ الإِعْرَابِ.
آذَانِهِم: «آذَانِ» اسْمٌ مَجْرُورٌ بَعْدَ «فِي» وَعَلاَمَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى آخِرِهِ لأَِنَّهُ صَحِيحُ الآخِرِ،
وَ«هُمْ» ضَمِيرٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرِّ مُضَافٍ إِلَيْهِ.
وَشِبْهُ الْجُمْلَةِ «فِي آذَانِهِمْ» مُتَعَلِّقٌ بِالْفِعْلِ «يجعلون».
مِّنَ: حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لاَ مَحَلَّ لَهُ مِنَ الإِعْرَابِ.
الصَّوَاعِقِ: اسْمٌ مَجْرُورٌ بَعْدَ «مِنْ» وَعَلاَمَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى آخِرِهِ لأَِنَّهُ صَحِيحُ الآخِرِ.
حَذَرَ: مَفْعُولٌ لأَِجْلِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلاَمَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى آخِرِهِ لأَِنَّهُ صَحِيحُ الآخِرِ.
المَوْتِ: مُضَافٌ إِلَيْهِ مَجْرُورٌ وَعَلاَمَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى آخِرِهِ لأَِنَّهُ صَحِيحُ الآخِرِ.
وَجُمْلَةُ «يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ» مُسْتَأْنَفَة لاَ مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرَابِ.
وَاللَّهُ: الْوَاوُ حَرْفُ اسْتِئْنَافٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ لاَ مَحَلَّ لَهُ مِنَ الإِعْرَابِ،
وَ«اللهُ» مُبْتَدَأٌ مَرْفُوعٌ وَعَلاَمَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى آخِرِهِ لأَِنَّهُ صَحِيحُ الآخِرِ.
مُحِيطٌ: خَبَرٌ مَرْفُوعٌ وَعَلاَمَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى آخِرِهِ لأَِنَّهُ صَحِيحُ الآخِرِ.
بِالْكَافِرِينَ: الْبَاءُ حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ لاَ مَحَلَّ لَهُ مِنَ الإِعْرَابِ،
وَ«الْكَافِرِينَ» اسْمٌ مَجْرُورٌ بَعْدَ الْبَاءِ وَعَلاَمَةُ جَرِّهِ الْيَاءُ لأَِنَّهُ جَمْعُ مُذَكَّرٍ سَالِمٌ.
وَشِبْهُ الْجُمْلَةِ «بِالْكَافِرِينَ» مُتَعَلِّقٌ بِالْخَبَرِ «مُحِيطٌ».