12.17.2013
نتائج انتخابات نقابة الأطباء ذات أهمية كبرى للمحلل السياسى المحايد الذى يسعى إلى إيجاد وسيلة قياس علمى كمى
لشعبية جماعة الإخوان المسلمين عقب أحداث ثورة 30 يونيو.
وجاءت الانتخابات الخاصة بنقابة الأطباء، التى كانت حكراً على مرشحى الإخوان وتحت سيطرتهم على مدار 28 عاماً مضت،
كمؤشر لانخفاض شعبية وتدهور سمعة جماعة الإخوان على المستوى الشعبى للأغلبية غير المسيسة
التى كانت تدعم الإخوان وتعتبر بمثابة العنصر الحاسم فى فوزهم.
كان الإخوان يفوزون فى أية انتخابات ليس بالصوت الانتخابى وحده ولكن من خلال المحبين والمتعاطفين
والكتلة الأغلب، وهى كتلة البسطاء غير المسيسين.
الكتلة غير المسيسة فى أى مستوى انتخابى كانت تعطى صوتها لمرشح الإخوان -ببساطة- لأنه «راجل سنى طيب وبتاع ربنا»
ولأنه «جاد ونظيف» ومختلف عن مرشح الدولة «المترهل الفاسد».
وجاءت أحداث ما بعد ثورة 30 يونيو لتظهر الوجه القبيح المؤيد للعنف المسلح فى الشوارع والميادين والمؤدى إلى وقف أرزاق البلاد
والعباد وتعطيل أى تقدم حقيقى لهذا الشعب الصبور.
وبناء على دراسات أخيرة من أكثر من باحث متخصص فى شئون الإخوان، فإنه يتردد أن الجماعة التى كانت تحظى بعضوية
قرابة الـ400 ألف عضو عامل منتظم من دافعى الاشتراكات قد فقدت مائة ألف منهم، أى 25٪ من أعضائها.
والأخطر من فقدان الجماعة لهذا العدد من الأعضاء الدائمين هو فقدان المساندة والتعاطف الشعبى لملايين البسطاء غير المسيسين
الذين تأكدوا أن سلوك الجماعة يهدف إلى الوصول إلى الحكم بأى ثمن وأى تكاليف دموية،
كما يبعدهم عن كونهم «ناس طيبين بتوع ربنا».
وخسارة مرشحى الجماعة فى نقابة الأطباء وفقدهم لـ11 مقعداً من مجموع 12 مقعداً أفسد عليهم معركة الانتخابات
هو مؤشر كمى له دلالات مقلقة لقيادات الجماعة التى اجتمعت أمس الأول حتى ساعة متأخرة لبحث موقفها النهائى
من مسألة المشاركة فى الاستفتاء المقبل على مشروع الدستور الجديد.
والجماعة الآن فى موقف لا تحسد عليه فهى خاسرة فى كل الاتجاهات، وستدفع ثمناً باهظاً،
مهما اتخذت من قرارات فى هذا المجال.
فهى إن قررت المشاركة فهى ستشارك فى دستور لا تعترف بشرعيته وفى انتخابات لنظام فاقد للشرعية، من وجهة نظرها،
وسوف تحتكم إلى سلطة تشكك فى نزاهتها.
أما إذا قررت الجماعة المقاطعة وعدم المشاركة، فهى سوف تترك الساحة خالية لأنصار التصويت «بنعم»
بشكل ساحق مع خلو النتائج من نسبة قوية من المعارضين.
وإذا قررت عدم المشاركة ولكن محاولة تعطيل التصويت والتظاهر والاحتجاج أمام اللجان فهى سوف تكون قد أكملت مشروعها الانتحارى
الذى يدل على «غباء سياسى» شديد لأنها سوف تصطدم مع ملايين المصريين الذين يريدون ممارسة
حقهم فى التصويت بشكل آمن ونزيه.
العناد السياسى أقصر طريق نحو الغباء السياسى والفشل فى تحقيق الأهداف.