08.01.2013
من خطايا النخبة المصرية الشهيرة، الرغبة الدائمة فى التصنيف السياسى أو الطبقى أو الدينى.
بهذا المفهوم فهمنا بعد عام 1952 أنه هناك جمهورى وهناك ملكى، وهناك ثورى
وهناك رجعى وهناك دينى وهناك علمانى، وهناك ثورة وهناك ثورة مضادة،
وهناك بروليتارى وهناك رأسمالى وهناك رأسمالية وطنية وهناك رأسمالية مستقلة.
وفى عهد الرئيس الراحل أنور السادات عرفنا أيضاً أنه هناك ناصرى
وهناك ساداتى وهناك رجال 15 مايو وهناك جيل أكتوبر.
وفى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، هناك رجال التوريث وهناك حركة كفاية
وهناك رجال الصناعة وهناك طبقة التجار
وهناك رجال الحزب الوطنى وهناك خصومهم من الأحزاب الأخرى.
وعقب ثورة 25 يناير 2011 عشنا مع تصنيف الفلول والثوار، ثم التفرقة بين الثوار والإخوان
والثوار وحزب الكنبة وأنصار المؤسسة العسكرية وخصوم العسكر.
والآن نعيش مرحلة رجال جبهة الانقاذ وحركة تمرد من ناحية، وتيارات الإسلام السياسى
من ناحية أخرى وجماهير رابعة والنهضة فى مقابل جماهير التحرير.
إنها حالة مخيفة من الانقسام الرأسى والأفقى فى الأفكار والمصالح
وشرخ عميق فى هوية النخبة السياسية فى البلاد وتدمير لتماسك نسيج أبناء الوطن الواحد.
وتزداد المسألة تعقيداً إذا أردنا الدخول فى الفوارق الدقيقة والفرعية فى بناء مثل بناء الإسلام السياسى
والتفرقة بين الإخوان والسلفيين وبين الجماعة الإسلامية والجهادية السلفية وبين هؤلاء وحركة القاعدة،
وتزداد صعوبة فى التقسيم والتصنيف إذا ما أردنا إدخال إسلام الأزهر
وحركة الصوفية والجمعية الشرعية داخل هذا الملف.
والنخبة السياسية فى مصر لا ترتاح إذا لم تصنفك بشكل واضح وتحدد موقعها منك على هذا الأساس.
المذهل أنه فى جميع هذه التصنيفات لم أسمع يوماً أهم 3 تصنيفات:
أولاً: كفء أو غير كفء.
ثانياً: مؤهل أو جاهل.
ثالثاً: فاسد أو غير فاسد.
نحن بحاجة اليوم إلى الكفء، المؤهل، الشريف، بصرف النظر عن طبقته أو حزبه أوتياره
أو أفكاره أو عائلته أو منطقته الجغرافية أو مؤسسته المدنية أو العسكرية.
نحن بحاجة للتعاون الكامل مع كل مواطن مصرى يصلح لبناء مصر
فى هذه المرحلة دون تصنيف أو إقصاء.
نحن بحاجة إلى دفن كل خزعبلات الماضى التى ورثناها منذ الخمسينات والنظر قدماً لبناء الدولة المدنية
العصرية التى تعتمد مبدأ القدرة والكفاءة والشرف مثل أى شىء آخر!