وإليك يا (ز) أقول:
فعلا موقف صعب، الطلاق لا زال يعتبر وصمة عار على جبين السيدات فى كثير من بلادنا العربية،
فما بالنا بالطلاق أكثر من مرة؟، وما بالنا لو كان ذلك فى إحدى الأقاليم أو المحافظات
التى تتسم بالطباع الريفية أو الصعيدية، والتى تعتبر أن السيدة المطلقة سيدة (معيوبة)
ولا بد من سترها بأى شكل كان حتى وإن كان خاطئا.
كل هذا صحيح، لهذا أنا أقدر موقفك جدا، وأتفهم وضعك الحرج، لكنى ومع هذا سامحينى
لا أستطيع أن أعفيكى تماما من المسئولية، فقد تكونى أجبرتى على الزواج فى سن مبكرة،
لكنك لم تكونى ضعيفة أو مغلوبة على أمرك فى هذا السن، بدليل أنك وبعد شهرين فقط
طلبتى الطلاق، وأصررت عليه، ونجحت فى الفوز بحريتك، بالرغم من الصعوبات
والتحديات التى تقابل أى امرأة فى سنك تطلب الطلاق، فى الأقاليم، وبعد فترة وجيزة جدا
من زواجها...إذا أنت شخصية قوية تستطيعين تحقيق ما تريدين، تصمدين وتواجهين
بل وتحاربين أحيانا حتى تحصلى على ما فى رأسك، مهما كانت المقاومة أو العقبات،
فلماذا قبلتى إذا بهذه الزيجة من البداية؟ لماذا باركتيها؟ لماذا لم تستخدمى كل عنادك
وقوتك تلك فى الرفض طالما أنك لم تكونى راغبة فى الزواج من الأساس؟
الدليل الثانى: على قوة شخصيتك، وصلابتها، هو أنك ألقيت بظلال هذه الزيجة الفاشلة
فى هذه السن المبكرة خلف ظهرك، وأكملتى دراستك الجامعية، وهو شىء عظيم، لا تحققه
إلا من لها رغبة قوية وعزم من حديد فى مثل ظروفك تلك، فلماذا لم تتعلمى الدرس
وتقاومى الزواج بدون رغبتك للمرة الثانية أيضا؟، صحيح أنك مطلقة، وأن عدم زواجك
يشكل ضغطا وقلقا مزمنا عليك وعلى أهلك، لكنك الآن أكبر وأنضج، وأكثر علما وخبرة
، لماذا قبلت بأى شخص لمجرد أنه من خارج بلدكم؟، هل هذه كل المواصفات التى كنتِ تبحثين عنها؟
، هل هذه هى كل مقومات الزوج الجيد بالنسبة لك بعد تجربتك تلك؟..
.تقولين أنك اكتشفت أن طباعه صعبة وأنه يستحل الحرام، ألم يكن من الممكن معرفة
ولو شىء عن هذا بالتحرى والسؤال قبل الزواج؟، ألم يكن جديرا بك
وبأسرتك أن تتيقنوا جيدا قبل زواجك هذه المرة؟
ويأتى الدليل الثالث على أنك لست بالشخصية الضعيفة ولا المستكينة، بأخذك قرار عدم الإنجاب،
فى بلد مثل بلدك، وفى زواجك الثانى، وضد كل الأعراف والتقاليد التى يقدسها الناس
فى مدينتك، أليس هذا تحدٍ؟، أليست هذه قوة؟، أليس هذا دليل آخر على أنك ليس من السهل
إجبارك على فعل ما لا تريدين؟ لماذا تصورين نفسك بالضحية إذا فى كل ما فات؟،
ألا ترين أنك مسئولة ولو جزئيا عن اختياراتك السابقة؟
وأنه كان يمكن أن تفعلى شيئا لمنع ما لا ترغبين فى حدوثه؟
الدليل الرابع...هربك من بيت زوجك وطفلك معك، وقرارك بعدم الرجعة له نهائيا،
قرار جرىء جدا، ودراماتيكى جدا، لا ينم إلا عن شخصية غير عادية،
تفكر وتتصرف خارج المألوف، فليس لكل من تعانى فى زواجها أو تتعذب فى حياتها
الجرأة أو القدرة على فعل ما فعلتِ، خاصة وأنها ستكون المرة الثانية للطلاق والانفصال....
ومع هذا فعلتِ ما تريدين، وحصلتِ على حريتك مرة أخرى بعدما يأس زوجك
من عودتك إليه كما تقولين، ورغما عن كل ما أتخيله من ضغط من أهلك الذين
لم يكونوا يتخيلون أو يتصورون أنك ستعودين إليهم مطلقة مرة أخرى،
وأنت لازلتى فى الخامسة من عشرين من عمرك، بل ومعك طفل هذه المرة!!!.
الدليل الخامس... أنك قررتِ أن تعملى وتعتمدى على نفسك وتعيشى لتربية ابنك بمفردك،
وأنت فى هذه السن الصغيرة، وتمكنت من ذلك، وفعلتيه باقتدار، واستطعت أن تعيشى هكذ
ا 8 سنوات كاملة، لا تضعفين، ولا تستجيبين لأى ضغط من أهلك أو من الخاطبين،
إلى أن جاء من ترضينه (أنتِ)، وترين (أنتِ) أنه الشخص المناسب، فوافقتى (أنتِ)
لأنك (أنتِ) من ترغبين هذه المرة....أليست كل هذه أدلة وبراهين على أنك لا تفعلين شيئا
إلا إذا كنتِ ترغبين (أنت) فيه؟، أو توافقين عليه على الأقل؟...لماذا تعفين نفسك من المسئولية إذا؟
، لماذا لا ترين أنك كان يجب لك أن تفكرى وتخططى أفضل من ذلك
فى كل خطوات حياتك السابقة؟، لماذا تقصين قصتك وكأنك كنت المفعول به دائما؟
، بينما أستطيع أن أرى بوضوح أن هذا ليس صحيحا، ولو بنسبة ما.
سيدتى... أنا لا أؤنبك، ولا أتهمك، ولكننا كثيرا ما نعيش نندب حظنا، ونتأسف على حالنا،
اعتقادا منا بأننا ضحايا، مستضعفين، لا حيلة لنا طول الوقت، فى حين أنه لن يكون هناك
أى حل أو أى تقدم فى حياتنا المستقبلية إلا إذا اعترفنا أننا كنا مسئولين، وكنا قادرين،
ولكننا لم نحسن التصرف والاختيار، وأنه علينا أن نتعلم الدرس جيدا، ونعتمد على أنفسنا
أكثر فى المستقبل حتى لا تتكرر نفس الأخطاء، وحتى لا نظل نشكو من سوء أقدارنا نحن بالذات.
قد ترين أن كل ما فات يا سيدتى ليس له علاقة بقصتك مع زوجك الثالث،
ومن الواضح أنك لا ترين غير أنه ظلمك بطلاقه لك، وبعدم قدرتك على الزواج مرة رابعة،
وبعدم استطاعتك لإدخال رجل جديد فى حياة ابنك...وهذا بالطبع صحيح،
ولكن جزئيا، فهو قد يكون ظلمك بتراجعه عن كل وعوده لك، وبتخليه عنك، بهذه السرعة،
بالرغم من إسعادك له وسعادتك معه، وبالرغم من أنك كنت نعم الزوجة له،
وبالرغم من أن حياتك استقرت أخيرا بزواجك منه،
لكن أليس هناك احتمال لأن تكونى اخترت خطأ هذه المرة أيضا؟،
قد يكون زوجك رجل محترم ومن عائلة معروفة و...و...و...لكنه ليس بالقوة الكافية
لمواجهة غضب زوجته وأهلها، وهو الشىء المتوقع مسبقا بكل تأكيد، ليس بالقوة الكافية
للالتزام والوفاء بوعوده، ليس بالقوة الكافية لأن يحافظ عليكِ كزوجة حقيقية له،
وليس كـ(حل بديل) أو (مرحلة استشفائية) فى حياته المليئة بالألم.
مرة أخرى أنا أتفهم موقفك جدا، وقلبى معك لأنه ليس بالموقف الهين، ومرة أخرى
أنا لا أحملك خطأ زوجك الثالث، ولا أنفى أنه ظلمك ولم يوفيك حقك،
ولكنى أعتقد أنك لم تكونى لتقبلى به أو بمن فى مثل ظروفه، لولا
أنك أصبحتى فى ظروف مشابهة وصعبة أنت الأخرى، وهو الشىء الذى
لا أستطيع من إعفاءك من بعض المسئولية عنه.
والآن... ما الحل؟... لا شىء أمامك سوى الانتظار حتى تهدأ ثورة زوجته الأولى وأهلها،
ثم تكرار التواصل مع أهله حينها، لتعرفى نيته المستقبلية، ولو أنها واضحة من الآن،
هل طلقك لتهدئة الموقف ولتسكينه مؤقتا؟ أم أنه (جواب نهائى) وأنه يرى أنه فعلا
لن يستطيع العودة إليك مرة أخرى، أعيدى المحاولة بعد فترة لكن لا تلحى فى التواصل معه،
لأنه لا شىء على وجه الأرض سيجبره على العودة لكى إذا لم يكن يرغب هو فى ذلك،
وإذا كان هو لا يرغب فلا داعٍ أبدا لأن تقللى من شأنك وتركضى أنت خلفه أكثر من ذلك.
طلاقك للمرة الثالثة شىء صعب... نعم، حياتك بمفردك مرة أخرى شىء سيئ...لا شك،
فقدانك له بعد أن أحببتيه شىء مؤلم... بكل تأكيد، هو ظلمك وتخلى عنك...طبعا،
لكن فى النهاية هذا قدرك، ولا أحد يستطيع الفرار من قدره، كل ما نستطيع فعله
هو التعلم من هذه الأقدار، وفهم ما كان يجب علينا فعله، أو ما لم يكن علينا فعله مطلقا.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]