أرسلت (....) إلى افتح قلبك تقول:
أنا شابة فى منتصف العشرينات، لم أكن أجمل الفتيات فى عائلتى، ولكنى كنت دائما مميزة،
أنا ومن حولى نشعر بذلك، فقد كنت ذكية، مهذبة، جادة إلى حد كبير، ولم أكن أعطى فرصة
لأى شاب بالعبث معى، فلا جار ولا زميل وقريب يمكنه التفكير فى المحاولة معى،
بالرغم من أن الكثير منهم كانوا يتمنونى وأنا أعرف ذلك.
كذلك أنا لم أعط الفرصة لنفسى لأن أفكر فى أيهم أبدا، مهما بدا منهم من إعجاب أو محاولات للتقرب،
كنت دائما بعيدة المنال عنهم جميعا، ما عدا واحد فقط، ابن خالتى الذى يكبرنى ببضعة سنوات،
لا أدرى لماذا هو بالذات كنت أشعر بالضعف عند رؤيته أو التفكير فيه، بدأت أشعر بحبى له
منذ سنوات طويلة، ونحن لا زلنا فى المدرسة، كنت أعرفه جيدا وأعرف عيوبه وسلبياته،
وأعرف الأخطاء التى كانت فى تربيته،
ولكنى وبالرغم من كل هذا كنت أتمنى مجرد الوجود معه فى مكان واحد.
فى يوم من الأيام قررت أن أستجمع شجاعتى وأخبره بإحساسى نحوه، وفعلت- وليتنى لم أفعل-
وصارحته بأنى أحبه وأنى أتمنى أن نرتبط فى المستقبل، كأى شاب فرح بمثل هذا التصرف،
خاصة وأنه صدر عن من هى مثلى، التى يدرك الجميع مدى صعوبة الوصول إليها،
لم يخبرنى برد واضح لما أخبرته به لفترة، وعندما أجبرته على الرد علىّ صارحنى بأنه لا يرى
أننا مناسبان لبعضنا البعض، وأنه من الأفضل أن نظل أقاربا فقط.
طبعا شعرت بألم شديد، وبجرح كرامة ما بعده جرح، واهتزت ثقتى بنفسى جدا، فقررت الابتعاد سريعا
عنه لأحفظ ما بقى لى من ماء الوجه، ومرت سنوات، وضعت كل همى فى الدراسة، وتفوقت وتميزت
فى كليتى، وتقدم لى أكثر من عريس، قررت أن أختار أنسبهم- بالعقل- وبدون أى عاطفة،
فلا أعرف لماذا كان ظل ابن خالتى دائما ما يظلل على تفكيرى فى أى شاب، وكأنه هو الشاب الوحيد
فى هذه الدنيا، وكأن أى شخص آخر لن يكون جديرا بأن أحبه وأمنحه مشاعرى كما فعلت من قبل.
تمت خطبتى، واستمرت لفترة لا هى بالجيدة ولا هى بالسيئة، كانت خطبة عادية جدا،
حتى شاء الله أن تنتهى لسبب ما، وعدت بمفردى مرة أخرى، وفى هذه الأثناء عرفت أن ابن خالتى
هذا كان قد تأثر جدا لخطبتى، وأنه صارح والدته بأنه كان ينوى التقدم لى قبل خطوبتى مباشرة-
بالرغم من أنه لم يخبرنى بذلك أو حتى يلمح لى أبدا- فما إن أنهيت خطوبتى
حتى وجدته يتقدم لى سريعا، ويخبرنى كم هو سعيد لأن الأيام جمعتنا مرة أخرى،
وأنه كان سيكون فى قمة الحسرة إذا كنت ارتبطت بغيره.
فرحت بما قاله، وشعرت بالأحلام القديمة تدغدغ مشاعرى من جديد، لكنى عندما فكرت جيدا
وجدتنى تغيرت، ووجدت أنى أرى عيوبه بمنتهى الوضوح، وأرى أنه لم يعد يصلح لى
بأى حال من الأحوال، ووجدت لدى القوة الكافية لأخبره برأيى هذا، فصدم مما قلته وتعجب جدا،
وسألنى عن حبى القديم، فأخبرته أن ذلك كان فى الماضى،
وأنى نسيت هذه المشاعر الآن، وأن كل شىء قد تغير.
لم يمر وقت طويل حتى سمعت بخبر خطوبته، لا أدرى لماذا حزنت وتأثرت بالرغم من أنه كان فى يدى
وأنا التى تركته، لكنى تظاهرت بأن الأمر لا يهمنى وأن كل شىء قد انتهى،
وما هى إلا بضعة شهور وعلمت بأنه أنهى خطوبته تلك، ففرحت
وشعرت وكأن هما قد انزاح من على قلبى، وأنه أخيرا أصبح لدى أمل من جديد..
قد تسألينى ما كل هذه المشاعر المتناقضة؟، سأقول لك أنى حقيقة لا أعرف،
فأنا نفسى أرى أنى فى قمة التناقض والتردد، ولا أفهم سببا لهذا.
ثم كانت المفاجأة بأن جاء ابن خالتى وتقدم لى من جديد هذه الأيام، وكأنه يقرأ أفكارى
ويعرف أنى فرحت بفكه لخطبته الأولى، وكأنه كان يعرف كل ما يدور بداخلى طوال هذه الفترة،
وأنا الآن فى قمة الحيرة، فأنا أصبحت مدركة تماما أنه ليس بالزوج المناسب لى،
وأنه لم يحبنى يوما بقدر ما أحببته، ولكنه يحاول معى لأنه أدرك خطأه القديم بأن تركنى أضيع من بين يديه،
ولأنه ندم على عندما رآنى مع غيره فقط، وليس لأنه أحبنى أو شعر بى فجأة.
وفى نفس الوقت فأنا متعلقة به بشكل ما، فكما قلت لك من قبل فكأنى لا أرى شابا غيره،
ولا أشعر بأى انجذاب نحو غيره، وقد حاولت وجربت وفشلت، فهناك جزء منى يريده
ولا يريد غيره بالرغم من أنه عقليا أنا أرفضه ومتأكدة من أن علاقتنا لن تكون العلاقة المثالية مستقبلا..
هل لك أن تنصحينى ماذا افعل؟.